من لوازم الماء وملائماته وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ ثابتين على ما رزقتنا من الإسلام غير مفتونين من الوعيد قيل لم يقدر عليهم لقوله تعالى أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ وقال ابن عباس رضى الله عنهما فأخذ فرعون السحرة فقطعهم ثم صلبهم على شاطىء نيل مصر وفى المثنوى
ساحران چون حق او بشناختند
دست و پادر جرمها در باختند
وفى القصة اشارة الى ان فرعون النفس ايضا منكر على ايمان سحرة صفاتها ويقول آمَنْتُمْ بِهِ اى بموسى الروح من قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ يعنى بالايمان به إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ يا سحرة الصفات فى موافقة موسى الروح فِي الْمَدِينَةِ مدينة القالب والبدن لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها وهو اللذات والشهوات البدنية الجسمانية فان صفات النفس إذا آمنت ووافقت الروح وصفاته خرجت من البدن لذات الدنيا وشهواتها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ حيلى ومكايدى فى ابطالكم واستيفاء اللذات والشهوات لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ بسكين التسويل عن الأعمال الصالحة ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ فى جذوع تعلقات الدنيا وزخارفها قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ لا الى الدنيا وما فيها وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً على قطع تعلقات الدنيا وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ لعبوديتك وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ- روى- ان فرعون بعد ما رأى من موسى عليه السلام ما رأى من معجزة العصا واليد البيضاء خافه أشد الخوف فلذلك لم يجب ولم يتعرض له بسوء بل خلى سبيله فلذلك قال له اشراف قومه أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ اى أتتركهم لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ اى يفسدوا على الناس دينهم فى ارض مصر ويصرفوهم عن متابعتك وَيَذَرَكَ عطف على يفسدوا وَآلِهَتَكَ معبوداتك قيل كان يعبد الكواكب والأصح كما فى التفسير الفارسي انه صنع لقومه أصناما على صورته وأمرهم بان يعبدوها تقربا اليه ولذلك قال انا ربكم الأعلى قالَ فرعون مجيبا لهم سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ [زود باشد كه بكشيم پسران ايشانرا] وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ اى نتركهن احياء ولا نقتلهن بل نستخدمهن والمقصود سنعود الى قتل أبنائهم واستخدام نسائهم كما كنا نفعل وقت ولادة موسى ليعلم انا على ما كنا عليه من القهر والغلبة ولا يتوهم انه المولود الذي حكم المنجمون والكهنة بذهاب ملكنا على يديه وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ اى مستعلون عليهم بالقوة كما كنا لم يتغير حالنا أصلا وهم مقهورون تحت أيدينا كذلك قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ تسلية لهم وعدة لحسن العاقبة حين سمعوا قول فرعون وعجزوا عنه اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ [يارى خواهيد از خداى تعالى در دفع بلاي فرعون] وَاصْبِرُوا على ما سمعتم من أقاويله الباطلة إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ اى ارض مصر يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ [ميراث دهد هر كرا ميخواهد از بندگان خود] وَالْعاقِبَةُ [عاقبة نيكو يا نصرت وظفر يا بهشت] لِلْمُتَّقِينَ الذين أنتم منهم لانه روى انه لما غلب سحرة فرعون وتبين نبوة موسى بسطوع حجته آمن بموسى من بنى إسرائيل ستمائة الف نفس واتقوا عن الشرك والعصيان وفيه إيذان بان الاستعانة بالله تعالى والصبر من باب التقوى: قال الحافظ
آنكه پيرانه سرم صحبت يوسف بنواخت
اجر صبريست كه در كلبه احزان كردم
صفحة رقم 215
بالواردات والإلهامات الروحانية بعد البلوغ تتأذى من دواعى البشرية قالَ يعنى الروح عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ النفس وصفاتها بالواردات الربانية ويدفع اذيته عنكم فبه يشير الى ان الواردات الروحانية لا تكفى لا فناء النفس وصفاتها ولا بد فى ذلك من تجلى صفات الربوبية وَيَسْتَخْلِفَكُمْ يعنى إذا تجلى الرب بصفة من صفاته لا يبقى فى ارض البشرية من صفات النفس صفة الا ويبدلها بصفات الروح والقلب ويستخلفها فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فى اقامة العبودية وأداء شكر نعم الربوبية كذا فى التأويلات النجمية وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ اى قوم فرعون واهل دينه وآل الرجل خاصته الذين يؤول امره إليهم وأمرهم اليه بِالسِّنِينَ جمع سنة وهى فى الأصل بمعنى العام مطلقا الا انها غلبت على عام القحط لكثرة ما يذكر عنه ويؤرخ به حتى صارت كالعلم له كالنجم غلب على الثريا وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ باصابة العاهات زيادة فى القحط لان الثمار قوت الناس وغذاؤهم وعن كعب يأتى على الناس زمان لا تحمل النخلة الا تمرة قال ابن عباس اما السنون فكانت لباديتهم واهل ماشيتهم واما نقص الثمرات فكان فى أمصارهم لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ كى يتذكروا ويتعظوا بذلك ويتيقنوا ان ذلك لاجل معاصيهم وينزجروا عما هم عليه من العتو والعناد فلعل علة المأخذ اما بناء على تجويز تعليل أفعاله تعالى بأغراض راجعة الى العباد كما ذهب اليه كثير من اهل السنة. واما تنزيلا لترتب الغاية على ماهى ثمرة له منزلة ترتب الغرض له فان استتباع أفعاله تعالى لغايات ومصالح متقنة جليلة من غيران تكون هى علة غائية لها بحيث لولاها لما اقدم عليها مما لا نزاع فيه دلت الآية على ان المحن والشدائد والمصيبات موجبات الانتباه والاعتبار ولكن لاهل السعادة واولى الابصار فاما اهل الشقاوة فلا ينبههم كثرة النعمة ولا يوقظهم شدة النقمة: قال الشيخ السعدي قدس سره
بكوشش نرويد كل از شاخ بيد
نه زنكى بگرمابه كردد سفيد
فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ اى السعة والخصب وغيرهما من الخيرات قالُوا لَنا هذِهِ اى لاجلنا واستحقاقنا لها ولم يروا ذلك فضلا من الله وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ اى جدب وبلاء يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ اى يتشاءموا بموسى وأصحابه ويقولوا ما أصابتنا الا بشؤمهم وأصله يتطيروا أدغمت التاء فى الطاء لقرب مخرجهما واشتقاق التطير من الطير كالغراب وشبهه سمى الشؤم ضد اليمن طيرا وطائرا تسمية للمدلول باسم ما يدل عليه فانهم يجعلون الطير والطائر امارة ودليلا على شؤم الأمر وبناء التفعل فيه للتجنب اى لبعد الفاعل عن أصله كتحوب اى تجنب وتباعد من الحوب وهو الإثم وسيجيئ تفصيل الطيرة قال سعيد بن جبير كان ملك فرعون اربعمائة سنة فعاش ثلاثمائة سنة لا يرى مكروها ولوارى فى تلك المدة جوع يوم او حمى يوم او وجع ساعة لما ادعى الربوبية ولما قالوا سبب ما جاءنا من الخير والحسنة هو استحقاق أنفسنا إياه وسبب ما أصابنا من السيئة والشر هو شأمة موسى ومن معه كذبهم الله تعالى فى كل واحد من الحكمين بقوله أَلا اعلموا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ اى سبب ما أصابهم من الخير والشر انما هو عند الله تعالى وصفة قائمة به وهى قضاؤه وتقديره ومشيئته
صفحة رقم 217
وهو الذي أيهما شاء أصابهم به وليس بيمن أحد ولا بشؤمه عبر عما عند الله تعالى بالطائر تشبيها له بالطائر الذي يستدل به على الخير والشر او سببه شؤمهم عند الله تعالى وهو أعمالهم السيئة المكتوبة عنده فانها التي ساقت إليهم ما يسوءهم لا ما عداها فالطائر عبارة عن الشؤم على طريق تسمية المدلول باسم الدليل بناء على انهم يستدلون بالطير على الشؤم وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ان ما يصيبهم من الله تعالى او من شؤم أعمالهم فيقولون ما يقولون مما حكى عنهم واسناد عدم العلم الى أكثرهم للاشعار بان بعضهم يعلمون ذلك ولكن لا يعملون بمقتضاه عنادا واستكبارا واعلم ان الطير بمعنى التشاؤم والاسم منه الطيرة على وزن العنبة وهو ما يتشاءم به من الفأل الرديء والأصل فى هذا ان العرب كانوا يتفاءلون بالطير فان خرج أحدهم الى مقصده واتى الطير من ناحية يمينه يتمين به وينبرك ويسميه سانحا وان اتى من ناحية شماله يتشاءم به ويسميه بارحا فيرجع
الى بيته ثم كثر قولهم فى الطير حتى استعملوه فى كل ما تشاءموا به وأبطل النبي عليه السلام الطيرة بقوله (الطيرة شرك) قاله ثلاثا وانما قال شرك لاعتقادهم ان الطيرة تجلب لهم نفعا او تدفع عنهم ضررا إذا عملوا بموجبها فكأنهم أشركوها مع الله تعالى قال عبد الله من خرج من بيته ثم رجع لم يرجعه الا الطيرة رجع مشركا او عاصيا وذكر فى المحيط إذا صاحت الحمامة فقال رجل يموت المريض كفر القائل عند بعض المشايخ. وإذا خرج الرجل الى السفر فصاح العقعق فرجع من سفره فقد كفر عند بعض المشايخ قال عكرمة كنا عند ابن عمر وعنده ابن عباس رضى الله عنهما فمر غراب يصيح فقال رجل من القوم خير خير فقال ابن عباس لا خير ولا شر وانما اختص الغراب غالبا بالتشاؤم به أخذا من الاغتراب بحيث قالوا غراب البين لانه بان عن نوح عليه السلام لما وجهه لينظر الى الماء فذهب ولم يرجع ولذا تشاءموا به واستخرجوا من اسمه الغربة قال ابن مسعود لا تضر الطيرة الا من تطير ومعناه ان من تطير تطيرا منهيا عنه او يراه مما يتطير به حتى يمنعه مما يريده من حاجته فانه قد يصيبه ما يكرهه فاما من توكل على الله ووثق به بحيث علق قلبه بالله خوفا ورجاء وقطعه عن الالتفات الى الأسباب المخوفة وقال ما امر به من الكلمات ومضى فانه لا يضره فالمراد بالكلمات ما فى قوله عليه السلام (ليس عبد الا سيدخل قلبه الطيرة فاذا أحس بذلك فليقل اللهم لا طير الا طيرك ولا خير الا خيرك ولا اله غيرك ولا حول ولا قوة الا بالله ما شاء الله كان لا يأتى بالحسنات الا الله ولا يذهب بالسيئات الا الله واشهد ان الله على كل شىء قدير) ثم يمضى الى حاجته اى كل ما أصاب الإنسان من الخير والشر واليمين والشؤم ليس الا بقضائك وتقديرك وحكمك ومشيئتك وفى الحديث (الشؤم فى المرأة والفرس والدار). فشؤم المرأة سوء خلقها او غلاء مهرها. وقيل ان لا تلد.
وشؤم الفرس عدم انقياده او انه لا يغزى عليه. وشؤم الدار ضيقها او سوء جارها وهذا الحكم على وجه الغلبة لا القطع خص الثلاث بالذكر لان فيها يصل الضرر الكثير الى صاحبها او لانها اقرب الى الآفة فيما يبتلى به الإنسان فمن تشاءم بالمذكورات فليفارقها واعترض عليه بحديث (لا طيرة) أجاب ابن قتيبة بان هذا مخصوص منه اى لا طيرة الا فى