آيات من القرآن الكريم

وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ
ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭸﭹﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ

كشأننا مع من سبقهم؟! فلو نشاء أصبناهم بذنوبهم، وعذبناهم على أعمالهم، كما أصبنا أمثالهم من قبل بغتة وهم لا يشعرون.
ونحن نطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون الحكم والنصائح سماع قبول وتدبر وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ [سورة يونس آية ١٠١].
تلك القرى التي مر عليك ذكرها نقص عليك بعض أنبائها وأخبارها، مما فيه عبرة وعظة وتسلية، ولقد جاءتهم رسلهم بالآيات البينات، والمعجزات الخارقات ولكنهم لم يؤمنوا بما كذبوا به من قبل مجيء المعجزات، أى: في بدء الدعوة، فهم قد ظلوا على حالهم، ولم تنفعهم الآيات الدالة على صدق الرسل.
مثل ذلك الطبع الذي طبعه الله على قلوب الكافرين من تلك الأمم يطبع الله على قلوب الكافرين من أمة الدعوة، إن هذا الجمود والعناد الذي تراه عند كفار مكة قد سبقوا بمثله عند الأمم السابقة، فلا تأس عليهم، ولا تحزن على كفرهم.
وما وجدنا لأكثرهم عهدا وفوا به، سواء كان عهد فطرة أو عهد شرع أو عرف، وإننا وجدنا أكثرهم خارجين على كل عهد، وفي التعبير (بأكثرهم) إيماء إلى أن البعض قد آمن ووفى بعهده.
قصة موسى عليه السلام [سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٠٣ الى ١١٦]
ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٠٣) وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٤) حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٠٥) قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٠٦) فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (١٠٧)
وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (١٠٨) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (١٠٩) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَماذا تَأْمُرُونَ (١١٠) قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (١١١) يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (١١٢)
وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (١١٣) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (١١٤) قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (١١٥) قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦)

صفحة رقم 745

المفردات:
مُوسى: هو موسى بن عمران نبي بنى إسرائيل. فِرْعَوْنَ: لقب كل ملك لمصر في العهد القديم، وقيل: كان اسمه منفتاح. حَقِيقٌ: جدير وخليق.
تَأْمُرُونَ: تشيرون علىّ، من قولهم: مرني بكذا، أى: أشر على به. أَرْجِهْ وفي قراءة أرجئ بمعنى: أخر ولا تفصل في شأنه. حاشِرِينَ جامعين لك السحرة.
أفردت قصة موسى- عليه السلام- عن قصص الأنبياء السابقين، لأن قصصهم جميعا طبع على غرار واحد إذ كلهم أرسل لأمته وقد كذبته وحل بها العذاب، وأما موسى فقد أرسل لغير قومه، وكانت معجزته ظاهرة واضحة، وآمن به أكثر قومه، وشريعته أقرب الشرائع لشريعة محمد- عليه الصلاة والسلام- لاشتمالها على أمور دينية

صفحة رقم 746

ودنيوية وأسس أمة لها حضارة ونظام، ولذا تراها ذكرت مفصلة وكررت في القرآن وذكر اسمه أكثر من مائة مرة.
المعنى:
ثم بعثنا بعد هؤلاء الرسل موسى بآياتنا ومعجزاتنا الدالة على صدقه ورسالته، بعثناه إلى فرعون وملئه فظلموا بها وكفروا، ولا شك أن الظلم والكفر من واد واحد إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ «١» على أنهم ظلموا بها أنفسهم، وظلموا غيرهم بما صدوا عنها وآذوا في سبيلها.. وإنما ذكر أن موسى بعث إلى فرعون وملئه دون قومه لأنه أرسل لإنقاذ بنى إسرائيل من فرعون وكيده، والذين استعبدهم هو فرعون وأشرافه وبطانته، أما الشعب فكانوا مستعبدين كذلك على أن فرعون وملأه لو آمنوا لآمن الشعب كله.
فانظر كيف كان عاقبة المفسدين؟ هذه جملة القصة وخلاصتها والعبرة منها، مع إفادة التنبيه والتفات إلى القصة، وهاك التفصيل:
وقال موسى: يا فرعون إنى رسول من رب العالمين، الذي بيده كل شيء، وأنا حقيق بأنى لا أقول على الله إلا الحق، وكيف يكون غير ذلك؟ وأنا رسول رب العالمين، فتراه بإيجاز أثبت الرسالة له من قبل المولى- جل شأنه- وأنه معصوم من الكذب وقد أيد بالمعجزات، وقد جئتكم يا قوم ببينة وحجة من ربكم، لا من وضعي أنا بل من الله- سبحانه- الواحد الأحد رب السماء والأرض ورب فرعون وهامان، فهذا فرعون مخلوق ضعيف لا رب معبود.
وإذا كان الأمر كذلك فأرسل معنا يا فرعون بنى إسرائيل، ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك، والسلام على من اتبع الهدى.
قال فرعون: إن كنت جئت بآية- كما تدعى- فأت بها إن كنت من الصادقين في دعواك، فأجابه موسى بالفعل لا بالقول.
فألقى موسى عصاه، فإذا هي ثعبان ظاهر حقيقى يتحرك وينتقل من مكان إلى مكان وأخرج يده من جيب قميصه بعد إلقاء العصا فإذا هي بيضاء ناصعة البياض، تتلألأ لكل من ينظر إليها.

(١) سورة لقمان آية ١٣.

صفحة رقم 747

وهناك ذكرت روايات في كتب التفسير حول الثعبان والعصا، واليد، والله أعلم.
إنها إسرائيليات مدسوسة من خيال وهب بن منبه وكتب الأحبار وأمثالهم.
وماذا حصل بعد هذا وما قالوا؟
قال الملأ من قوم فرعون، وهم أشراف القوم وبطانة الملك: إن هذا لساحر عليم بفنون السحر وضروبه، وقد وجه همه لسلب ملككم، وإخراجكم من أرضكم، ونزع الملك من أيديكم بطرق سحرية قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ [سورة يونس آية ٧٨].
قال فرعون لهم: فماذا تأمرون؟ وبأى شيء تشيرون؟
قالوا: أخر الفصل في أمره وأمر أخيه، وأرسل في المدائن جندك وعيونك، جامعين لك السحرة، وسائقيهم إليك، حتى يأتوك بكل ساحر عليم فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً. قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى. فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى [طه ٥٨- ٦٠].
وجاء السحرة من كل حدب وصوب وقالوا لفرعون: أئن لنا لأجرا كاملا يكافئ ما نقوم به من عمل عظيم يتم به الغلب على موسى وسحره؟
وقال فرعون: نعم لكم أجركم كما تطلبون، وإنكم لمن المقربين إلى مجلسنا، فيكون السحرة جمعوا بين المركزين المالى والأدبى.
ولما اجتمعوا قال السحرة- في اليوم الموعود لموسى-: إما أن تلقى بسحرك، وإما أن نكون نحن الملقين، وهذا كلام الواثق من نفسه.
قال موسى: ألقوا ما أنتم ملقون قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ [سورة يونس آية ٨١].
فلما ألقوا سحروا أعين الناس من النظارة، واسترهبوهم وملئوا قلوبهم خوفا وجاءوا بسحر عظيم في الظاهر.
سحروا أعين الناس بخفة الأيدى والحركة السريعة، أو باستخدام الزئبق في العصى أو البخور المؤثر على العيون.
ومن تعبير القرآن بقوله: سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ. وقوله: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ

صفحة رقم 748
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية