آيات من القرآن الكريم

وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ
ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭸﭹﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ

وقال مجاهد: معناه فَما كانُوا لو أحييناهم بعد هلاكهم ورددناهم إلى الدنيا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا به من قبل هلاكهم كقوله وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ «١» وقال يمان بن رئاب: هذا معنى أنّ كلّ نبي أخذ قومه بالعذاب ما كانوا ليؤمنوا بما كذب به أوائلهم من الأمم الكفار بل كذّبوا كما كذب نظير قوله كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَواصَوْا بِهِ «٢».
وقيل: معناه: وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ يعني بالمعجزات والعجائب التي سألوهم فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بعد ما رأوا الآيات والعجائب بِما كَذَّبُوا به من قبل رؤيتهم تلك العجائب نظيره قوله قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ «٣» وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ «٤».
كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ الذين كتب عليهم أن لا يؤمنون من قومك وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ يعني وفاء بالعهد، والعهد الوصية وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ أي ما وجدنا أكثرهم إلّا فاسقين ناقضين العهد.
ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ أي من بعد قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب مُوسى بِآياتِنا بحجّتنا وأدلّتنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَظَلَمُوا فجحدوا وكفروا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ وكيف فعلنا بهم وَقالَ مُوسى لمّا دخل على فرعون واسمه قابوس في قول أهل الكتاب.

(١) سورة الأنعام: ٢٨
. (٢) سورة الذاريات: ٥٢. ٥٣
. (٣) سورة المائدة: ١٠٢
. (٤) سورة الإسراء: ٥٩
.

صفحة رقم 266

قال وهب: كان اسمه الوليد بن مصعب بن الربان وكان من القبط وعمّر أكثر من أربعمائة عام وقال موسى: يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ إليك فقال فرعون كذبت فقال موسى: حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ يعني أنا [خليق] بأن لا أقول على الله إلّا الحق، فعلى بمعنى الباء، كما يقال: رميت بالقوس على القوس وجاءني على حال حسنة وبحالة حسنة يدل عليه، [قول الفراء] والأعمش: حقيق بأن لا أقول. وقال أبو عبيدة: معناه حريص على أن لا أقول على الله إلّا الحق، وقرأ شيبة ونافع: حقيّق على تشديد الياء يعني حق واجب عليّ ترك القول على الله عزّ وجلّ إلّا الحق.
قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ يعني العصا وسمعت أبا القاسم الحبيبي يقول: سمعت عليّ بن مهدي الطبري يقول: إنّه تعريض يقول: لحقيق مصرف الخطاب وحَقِيقٌ [فعيل] من الحق يكون بمعنى القائل فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ أي اطلق عنهم وخلهم يرجعون إلى الأرض المقدسة.
قال وهب:

وكان سبب استعباد فرعون بني إسرائيل أنّ فرعون حاجّ [موسى] وكان [أشد من] فرعون يوسف [ ] «١» في يوسف [وانقرضت] الأسباط عليهم فرعون فاستعبدهم فأنقذهم الله بموسى.
قال: وكان بين اليوم الذي دخل يوسف مصر واليوم الذي دخل موسى رسولا أربعمائة عام قالَ فرعون مجيبا لموسى إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقى عَصاهُ من يده فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ.
قال ابن عباس والسدي: كانت [عظيمة ذكرا] من الحيات، إذا فتحت فاها صار شدقها ثمانين وقد ملأت ما بين سماطي فرعون واضعة لحييها ذراعا واضع لحية الأسفل في الأرض الأعلى على سور القصر، حتى رأى بعض من كان خارج مدينة مصر رأسها.
ثمّ توجهت نحو فرعون لتبتلعه فوثب فرعون من سريره وهرب منها فأحدث ولم يكن حدث قبل ذلك وهرب الناس وصاحوا وحملت على الناس فانهزموا منها فمات منهم خمسة وعشرون ألفا قتل بعضهم بعضا، ودخل فرعون البيت وصاح يا موسى خذها وأنا مؤمن بك وأرسل معك بني إسرائيل فأخذها موسى فعادت عصا كما كانت.
ثمّ قال له فرعون: هل معك آية أخرى، قال: نعم، فأدخل يده في جيبه ثمّ نزعها فأخرجها بيضاء مثل الثلج لها شعاع غلب على نور الشمس، وكان موسى أدم ثمّ أدخلها جيبه فصارت يدا كما كانت.
(١) كلمة غير مقروءة
.

صفحة رقم 267

قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ يعنون أنّه يأخذ بأعين الناس بخداعه إيّاهم حتّى تخيّل إليهم العصا حيّة والأدم أبيض [يري الشيء] بخلاف ما هو به، كما قيل سحر المطر الأرض إذا جاءها فقطع نباتها من أصلها وقلب الأرض على البطن فهو يسحرها سحرا والأرض مسحورة فشبه سحر الساحر به لتخيله إلى من سحره أنّه يري الشيء بخلاف ما هو به، ومنه قول بني الرمة في صفة السراب

وساحرة العيون من الموامي ترقص في نواشزها الأروم «١»
يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ [من القبط] مِنْ أَرْضِكُمْ مصر فَماذا تَأْمُرُونَ هذا من قول فرعون للملأ ولم يذكر فرعون فيه كقوله الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ «٢» هذا من كلام يوسف ولم يذكر قالُوا أَرْجِهْ أحبسه وَأَخاهُ هارون ولا تقتلهما ولا يؤمن بهما، وقال عطاء: احبسه وهذا أعجب إليّ لأنّه قد علم أنه لا يقدر على حبسه بعد ما رأى الآيات من العصا واليد.
وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ يعني الشرطة وكانت له مدائن فيها السحرة عدة للأشياء إذا [حزّ به أمر] أرسل.
يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ قرأها أهل الكوفة على التكثير وقرأ العامّة بِكُلِّ ساحِرٍ. والفرق بين الساحر والسحّار أن الساحر الذي لا يعلم والسحار الذي يعلم ولا يعلم. وقال المؤرخ:
الساحر من سحره في وقت دون وقت، والسحار من قديم السحر.
قال: فإن غلبهم موسى صدقناه على ذلك وعلمت أنه ساحر.
قال ابن عباس وابن إسحاق والسدي: قال فرعون لمّا رأى من سلطان الله في العصا ما رأى: إنا لا نغالب موسى إلّا بمن هو مثله فأخذ غلمان بني إسرائيل فبعث بهم إلى قرية يقال لها الفرقاء يعلّمونهم السحر كما يعلّم الصبيان الكتابة في المكتب فعلّموهم سحرا كثيرا وواعد فرعون موسى موعدا، فبعث فرعون إلى السحرة فجاء بهم ومعهم معلمهم فقال له ماذا صنعت؟
قال: قد علمتهم سحر لا يطيقه سحرة أهل الأرض إلّا أن يكون أمر من السماء فإنّه لا طاقة لهم به، ثم بعث فرعون الشرطي في [مملكته] فلم يترك في سلطانه ساحرا إلّا أتى به واختلفوا في عدد السحرة الذين جمعهم فرعون.
فقال مقاتل: كان السحرة اثنين وسبعين ساحرا اثنان فيهم من القبط وهما رئيسا القوم وسبعون من بني إسرائيل.
(١) تفسير الطبري: ٩/ ٢٢
. (٢) سورة يوسف: ٥١. ٥٢
.

صفحة رقم 268
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية