
لا دلالة عليه من ظاهر التنزيل، ولا من خبر عن الرسول صحيح. وإذا كان ذلك كذلك، فأولى منه بالصواب ما كان عليه من ظاهر التنزيل دليل.
* * *
وأما قوله: "كذلك يطيع الله على قلوب الكافرين"، فإنه يقول تعالى ذكره: كما طبع الله على قلوب هؤلاء الذين كفروا بربهم وعصوا رسله من هذه الأمم التي قصصنا عليك نبأهم، يا محمد، في هذه السورة، حتى جاءهم بأسُ الله فهلكوا به= "كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين"، الذين كتب عليهم أنهم لا يؤمنون أبدًا من قومك. (١).
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا وَجَدْنَا لأكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (١٠٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولم نجد لأكثر أهل هذه القرى التي أهلكناها واقتصصنا عليك، يا محمد، نبأها= "من عهد"، يقول: من وفاء بما وصيناهم به، من توحيد الله، واتباع رسله، والعمل بطاعته، واجتناب معاصيه، وهجر عبادة الأوثان والأصنام.
* * *
و"العهد"، هو الوصية، قد بينا ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته. (٢). = "وإن وجدنا أكثرهم"، يقول: وما وجدنا أكثرهم إلا فسقة عن طاعة ربهم، تاركين عهده ووصيته.
(٢) انظر تفسير ((العهد)) فيما سلف ١: ٤١٠، ٥٥٧ / ٢: ٢٧٩ / ٣: ٢٠ - ٢٤، ٣٤٩ / ٦: ٥٢٦.

وقد بينا معنى "الفسق"، قبل. (١)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٤٩٠٥ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تبارك وتعالى: "وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين" قال: القرون الماضية.
١٤٩٠٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: "وما وجدنا لأكثرهم من عهد"، الآية، قال: القرون الماضية. و"عهده"، الذي أخذه من بني آدم في ظهر آدم ولم يفوا به.
١٤٩٠٧ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب: "وما وجدنا لأكثرهم من عهد" قال: في الميثاق الذي أخذه في ظهر آدم عليه السلام.
١٤٩٠٨ - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين" وذلك أن الله إنما أهلك القرى لأنهم لم يكونوا حفظوا ما أوصاهم به.
* * *