
وقال النبي ﷺ: " لا يدخل الجنة قتات "، وهو النمام.
- قوله تعالى: ﴿مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ﴾ إلى قوله: ﴿لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ﴾.
أي: [بخيل] بالمال عن إخراجه في الحقوق، معتد على الناس في معاملته إياهم ﴿أَثِيمٍ﴾: مأثوم في أعماله لمخالفته أمرَ رَبِّه.
وقيل: ﴿أَثِيمٍ﴾: ذي إثم.
- قال تعالى: ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ﴾.
- ثم قال تعالى: ﴿أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ﴾ {إِذَا تتلى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ

الأولين}.
أي: (أَلأَِنْ) كان صاحب مال وبنين تطيعه/ على وجه التوبيخ لمن أطاعه، ثم أخبر عنه أنه يقول: إذا قرئت عليه آيات الله -: هي أساطير الأولين استهزاءً أو إنكاراً لها أن تكون من عند الله. " فَأَنْ " مفعول من أجله متعلقة بما بعدها أي: من أجل أنه ذو مال وبنين يقول: - ﴿إِذَا تتلى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأولين﴾.
ويجوز أن (تكون) أن " في موضع نصب متعلقة بقوله ": ﴿مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ﴾ ﴿أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ﴾، (أي): يفعل ذلك لأنْ كان ذا مال وبنين، فهي أيضاً مفعول من أجله. هذا على قراءة من قرأ: " أن كان " بغير استفهام، ومن قرأه بالاستفهام فهو إنكار وتوبيخ " لمن يطيعه أيضاً، والمعنى: أَلأَِنْ كان هذا الحلاّف المهين

(الهماز) المشاء بنميم القناع للخير، [المعتدي] الأثيم ذا مال وبنين تطيعه؟!
ويحتمل أن يكون توبيخاً وتقريعاً لهذا الحلاف المهين.
والمعنى: أَلأَِنْ كان هذا الحلاف ذ مال وبنين يقول - إذا تتلى عليه آياتنا -: هي أساطير الأولين: فيحسن الابتداء بالاستفهام على ها الوجه، ولا يحسن الابتداء: " بأن كان ذا مال " في الوجهين الأولين؛ لأنه متعلق بالمخاطب.
ومعنى ﴿أَسَاطِيرُ الأولين﴾: أي: كتبهم وأخبارهم وهو جمع أسطورة.
- ثم قال تعالى: ﴿سَنَسِمُهُ عَلَى الخرطوم * إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ الجنة...﴾.
قال ابن عباس: معناه: سنخطمه بالسيف فنجعل ذلك فيه سمة، أي: علامة، قال: وقد قاتل الذي نزلت فيه هذه الآية يوم بدر فخُطِم بالسيف في القتال.

وقال قتادة: هو شين لا يفارقه.
وروي عنه: شين على أنفه.
قال المبرد: الخرطوم من الإنسان الأنف. ومن السباع موضع الشفة.
والمعنى عنده: سَنَسِمُه على أنفه يوم القيامة بما يشوه خلفه وَيَعْرِفهُ بِهِ من شَهِدَه في القيامة أنه من أهل النار.
وقيل: معناه: سنعلق به عاراً وسبة حتى يكون (بمنزلة من وسم على أنفه).
وقيل: المعنى: سَنُسَوّد وجهه، فاستعير الأنف في موضع الوجه لأنه منه.
وقيل: الخرطوم هنا: الخمر.

- ثم قال تعالى: -ayah text-primary">﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ الجنة إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلاَ يَسْتَثْنُونَ﴾.
أي: إنا بلونا قريشاً، أي: امتحناهم ما امتحنا أصحاب الجنة، إذا حلفوا ليصرمن ثمرها إذا أصبحوا ولا يقولون: إن شاء الله.
قال عكرمة: هم أناس من الحبشة، كانت لأبيهم جنة، وكان يطعم المساكين (منها، فلما مات أبوهم قال بنوه: والله ما كان أبونا إلا أحمق حين يطعم المساكين)، فأقسما لَيَصْرِمُنَّها مصبحين ولا يطعمون مسكيناً.
قال قتادة: كان أَبُوهُم تتصدق، وكان بنوه ينهونه عن الصدقة وكان يمسك قوت سنة، وينفق وتصدق بالفضل، فلما مات أبوهم، غدوا عليها وقالوا: لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين.
[وقال] ابن عباس: كانوا (أهل) كتاب.

والصَّرْم في اللغة: القطع، وهو الجَذَاذ.
- ثم قال تعالى: ﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ﴾.
أي: فطرق جنتهم ليلاً أمر من الله فأصبحت الجنة كالليل المظلم. قاله ابن عباس.
وروي أن الله أرسل عليها ناراً فأحرقت الزرع.
وقيل: الصريم أرض باليمن يقال [لها] [ضروان] من صنعاء، على ستة أميال.

وقيل: (كالصريم) كالزرع الذي حُصِد.
ويقال: لِلَّيْلِ صَرِيمٌ، وللنهار صريم، لأن كل واحد ينصرم عن الآخر.
- ثم قال: ﴿فَتَنَادَوْاْ مُصْبِحِينَ * أَنِ اغدوا على حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ﴾.
(أي): فنادى بعضهم بعضاً بعد الصباح أن اغدوا الحصاد زرعكم إن كنتم حاصدين له.
﴿فانطلقوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ﴾.
أي: فمضوا إلى حرثهم وهم يَتَسَارُّون بينهم في الخفاء، يقول بعضهم لبعض: لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين.
- ثم قال تعالى: ﴿وَغَدَوْاْ على حَرْدٍ قَادِرِينَ﴾.

أي: وغدوا إلى جنتهم على قدرة في أنفسهم [وَجِدٍ]. قاله مجاهد.
قال قتادة: غدا القوم وهم محردون إلى جنتهم قادرين عليها في أنفسهم.
قال ابن زيد: " على جد قادرين في أنفسهم ".
وقل: المعنى: ﴿وَغَدَوْاْ على حَرْدٍ قَادِرِينَ﴾ [على] أمر أسَّسوه بينهم.
وقال الحسن: ﴿على حَرْدٍ قَادِرِينَ﴾ أي: حاجة وفاقة.
وقال سفيان ﴿على حَرْدٍ﴾ " على حَنَقٍ ".
وقال أبو عبيدة: ﴿على حَرْدٍ﴾: على منع. وقيل " على قصد ".

ومعنى " قادرين " عند الفراء: أي: قد قدَّروا هاذ [وبنوا] عليه.
وقيل: قادرين عند أنفسهم على ما دبروا من حصادها ومنع المساكين منها.
- ثم قال تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهَا قالوا إِنَّا لَضَآلُّونَ﴾.
(أي): فلما رأوا جنتهم محترقاً حرثها أنكروها وظنوا أنهم غلطوا، فقال بعضهم لبعض: إنا لضالون الطريق إلى جنتنا، فقال من علم أنها جنتهم: بل نحن أيها القوم محرومون.
قال قتادة: ﴿إِنَّا لَضَآلُّونَ﴾ قد أخطأنا الطريق، ما هذه/ جنتنا، فقال بعضهم ممن عرفها: ﴿بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾ أي: قد حرمنا نفعها.
- ثم قال تعالى: ﴿قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ﴾.
أي: قال لهم [أعدلهم] ألم أقل لكم، هلا تستثنون إذا قلتم لنصر

منها مصبحين، فتقولون إن شاء الله؟!
قال مجاهد: لولا تسبحون، أي: تستثنون، وكان التسبيح فيهم الاستثناء.
وأصل التسبيح في اللغة: التنزيه، فجعل قولهم " إن شاء الله " معناه تنزيه الله أن يكون شيء إلا بمشيئته.
وظاهر [الآية] [يدل] على التسبيح بعينه، إذ بعده ﴿قَالُواْ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾.
أي: (ظالمين) في منعنا المساكين أن يأخذوا ما يجب علينا.
- ثم قال تعالى: ﴿فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ﴾.

أي: فأقبل بعضهم ليوم بعضاً على تفريطهم في الاستثناء وإطعام المساكين.
- ﴿قَالُواْ ياويلنا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ﴾.
قالوا: [تعالى] يا ويل إلينا، فهذا وقت حضورك. وهذا شيء تقوله العرب عن الأمر العظيم: احضر يا ويل، فهذا من إبَّانك ووقتك.
- ﴿إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ﴾.
أي معتدين مخالفين أمر الله. فندموا على ما فعلوا فأبدلهم الله خيراً منها.
(يقال): إن التي أبدلوا الطائف اقتلعها جبريل عليه السلام من الأردن، وطاف بها حول البيت، ثم أنزلها في وادي ثقيف.
- ثم قال ﴿عسى رَبُّنَآ أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَآ...﴾.