آيات من القرآن الكريم

مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ
ﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ ﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚ ﯜﯝﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ ﯾﯿﰀ

«وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ» : أي غير منقوص.. لمّا سمت همّته ﷺ عن طلب الأعواض أثبت الله له الأجر، فقال له: إن لك لأجرا غير منقوص- وإن كنت لا تريده.
ومن ذلك الأجر العظيم هذا الخلق، فأنت لست تريد الأجر- وبنا لست تريد فلولا أن خصصناك بهذا التحرّر لكنت كأمثالك في أنهم في أسر الأعواض.
قوله جل ذكره: «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» كما عرّفه الله سبحانه أخبار من قبله من الأنبياء عرّفه أنه اجتمعت فيه متفرقات أخلاقهم فقال له: إنك لعلى خلق عظيم.
ويقال: إنه عرض عليه مفاتيح الأرض فلم يقبلها، ورقّاه ليلة المعراج، وأراه جميع الملكة والجنة فلم يلتفت إليها، قال تعالى: «ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى» فما التفت يمينا ولا شمالا، ولهذا قال تعالى: «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ».. ويقال: «لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» :
لا بالبلاء تنحرف، ولا بالعطاء تنصرف احتمل صلوات الله عليه في الأذى شجّ رأسه وثغره، وكان يقول:
«اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون». وغدا كلّ يقول: نفسى نفسى وهو صلوات الله عليه يقول: أمتى أمتى.
ويقال: علّمه محاسن الأخلاق بقوله: «خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ» «١».
سأل صلوات الله عليه جبريل: بماذا يأمرنى ربى؟ قال: يأمرك بمحاسن الأخلاق يقول لك: صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمّن ظلمك، فتأدّب بهذا فأثنى عليه وقال: «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ».
قوله جل ذكره:
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ٦ الى ١٦]
بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٧) فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩) وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ (١٠)
هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (١٣) أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ (١٤) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥)
سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦)

(١) آية ١٩٩ سورة الأعراف.

صفحة رقم 617

المفتون: المجنون لأنه فتن أي محن بالجنون.

«فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ» معبودك واحد فليكن مقصودك واحدا وإذا شهدت مقصودك واحدا فليكن مشهودك واحدا..
«وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ» من أصبح عليلا تمنّى أن يكون الناس كلّهم مرضى.. وكذا من وسم بكيّ الهجران ودّ أن يشاركه فيه من عاداه.
«وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ» وهو الذي سقط من عيننا، وأقميناه بالبعد عنا.
«هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ» محجوب عنّا معذّب بخذلان الوقيعة في أوليائنا.
«مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ» «١» مهان بالشّحّ، مسلوب التوفيق.
«مُعْتَدٍ أَثِيمٍ» ممنوع الحياء، مشتّت في أودية الحرمان.
«عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ» لئيم الأصل، عديم الفضل، شديد الخصومة بباطله، غير راجع في شىء من الخير إلى حاصله.
«أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ»
(١) عند الجمهور- هو الوليد بن المغيرة، وكان يقول لبنيه العشرة: من أسلم منكم منعته رفدى.

صفحة رقم 618
تفسير القشيري
عرض الكتاب
المؤلف
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري
تحقيق
إبراهيم البسيوني
الناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر
سنة النشر
2000
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية