آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ۚ قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ۚ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ

بدر شجاع بن الوليد السكوني قال حدّثنا زياد بن خيثمة عن عثمان بن أبي مسلم عن أنس بن مالك قال: أبطأ علينا رسول الله (عليه السلام) ذات يوم فلمّا خرج قلنا: أحبست قال: ذلك أنّ جبرئيل (عليه السلام) أتاني بهيئة المرأة البيضاء فيها نكتة سوداء فقال إنّ هذه الجمعة فيها خير لك ولأمّتك وقد أرادها والنصارى فأخطئوها، قلت: يا جبرائيل ما هذه النكتة السوداء؟ قال:
هذه السّاعة الّتي في يوم الجمعة لا يوافقها مسلم يسأل الله فيها خيرا إلّا أعطاه إيّاه أو ذخر له مثله يوم القيامة أو صرف عنه من السوء مثله وإنّه خير الأيّام عند الله، وإنّ أهل الجنّة يسمّونه يوم المرند، قلت: يا رسول الله وما يوم المرند؟
قال: إنّ في الجنّة واديا، رائحة نبته مسك أبيض، يتنزل الله سبحانه وتعالى كل يوم جمعة ويضع كرسيّه فيه، ثم يجاء بمنابر من نور وتوضع خلفه فتحفّ منه الملائكة ثم يجاء بكرسي من ذهب فيوضع، ثمّ يجيئ النبيّون والصدّيقون والشهداء والمؤمنون أهل الغرف فيجلسون ثمّ يقسم الله سبحانه وتعالى فيقول: أي عبادي سلوا، فيقولون: نسألك رضوانك؟ فيقول: قد رضيت عنكم، فسلوا، فيسألون مناهم فيعطيهم الله ما شاءوا وأضعافها فيعطيهم ما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر، ثم يقول: ألم أنجزكم وعدي وأتممت عليكم نعمتي، وهذا محل كرامتي، ثم ينصرفون إلى غرفهم ويعودون كلّ يوم جمعة قلت: يا جبرائيل ما غرفهم؟ قال: من لؤلؤة بيضاء أو ياقوتة حمراء أو زبر جدة خضراء مفرزة منها أبوابها فيها أزواجها، مطردة فيها أنهارها.
وأخبرنا عبد الخالق قال: أخبرنا أبو العبّاس عبد الوهّاب بن عبد الجليل ذكر قال حدّثنا أبو محمّد أحمد بن محمّد بن إسحاق السني قال حدّثنا أحمد بن غالب البصري الزاهد بعد إذ قال حدّثنا دينار مولى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ ليلة الجمعه ويوم الجمعة أربعة وعشرون ساعة، لله سبحانه في كل ساعة ستّمائة ألف عتيق من النّار» [٣٠٤] «١».
[سورة الجمعة (٦٢) : الآيات ١٠ الى ١١]
فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠) وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١)
فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ أي فرغ منها.
فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ للتجارة والتصرف في حوائجكم.
وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ أي الرزق وهما أمر إباحة وتخيير كقوله سبحانه وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا «٢».

(١) مسند أبي يعلى: ٦/ ٢٠١ بتفاوت.
(٢) سورة المائدة: ٢.

صفحة رقم 316

وقد أخبر عقيل أنّ أبا الفرح أخبرهم عن أبي جعفر الطبري قال: حدّثني العبّاس بن أبي طالب قال حدّثنا علي بن المعافي بن يعقوب الموصلي قال: حدّثنا أبو علي الضائع عن أبي خلف عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في قول الله سبحانه فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ قال: ليس بطلب دنيا ولكن عيادة مريض، وحضور جنازة، وزيارة أخ في الله «١».
قال الحسن وسعيد بن جبير ومكحول وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ هو طلب العلم.
وقال جعفر بن محمّد الصّادق فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ هو يوم السبت.
وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً الآية
أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا محمّد بن جعفر قال حدّثنا علي بن حرب قال حدّثنا ابن فضيل قال حدّثنا حصين عن سالم بن الجعد عن جابر ابن عبد الله قال: أقبلت عير ونحن نصلّي مع النبيّ (عليه السلام) الجمعة فانفضّ الناس إليها فما بقي غير اثني عشر رجلا أنا فيهم فنزلت وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً الآية.
وقال الحسن وأبو مالك: أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر، فقدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام والنبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب يوم الجمعة، فلمّا رأوه قاموا إليه بالبقيع، خشوا أن يسبقوا إليه فلم يبق مع النبي صلّى الله عليه وسلّم إلّا رهط منهم أبو بكر وعمر، فنزلت هذه الآية فقال رسول الله (عليه السلام) :«والّذي نفس محمّد بيده لو تتابعتم حتّى لا يبقى أحد منكم لسال بكم الوادي نارا» [٣٠٥] «٢».
قال المقاتلان: بينا رسول الله (عليه السلام) يخطب يوم الجمعة إذ قدم دحية بن خليفة بن فروة الكلبي ثم أحد بني الخزرج ثم أحد بني زيد بن مناة بن عامر من الشام بتجارة، وكان إذا قدم لم يبق بالمدينة عاتق إلّا أتاه وكان يقدّم إذا قدم كل ما يحتاج إليه من دقيق أو برّ أو غيره، فينزل عند أحجار الزيت، وهو مكان في سوق المدينة، ثم يضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه فيخرج إليه الناس، فقدم ذات جمعة وكان ذلك قبل أن يسلم، ورسول الله (عليه السلام) قائما على المنبر يخطب، فخرج النّاس فلم يبق في المسجد إلّا إثنا عشر رجلا وامرأة فقال النبي (عليه السلام) :«لولا هؤلاء لسوّمت عليهم الحجارة من السماء» [٣٠٦] «٣» وأنزل الله سبحانه هذه الآية
، وقال ابن عباس في رواية الكلبي لم يبق في المسجد إلّا ثمانية رهط، وقال ابن كيسان:
خرجوا إلّا أحد عشر رجلا وامرأة.

(١) تفسير مجمع البيان: ١٠/ ١٤. [.....]
(٢) مسند أبي يعلى: ٣/ ٤٦٨.
(٣) تفسير مجمع البيان: ١٠/ ١١.

صفحة رقم 317

قال قتادة ومقاتل: بلغنا أنّهم فعلوا ذلك ثلاث مرات، وكل مرّة بعير تقدم من الشام، وكل ذلك يوافق يوم الجمعة.
وقال مجاهد: كانوا يقومون إلى نواضحهم وإلى السفر، يقدّمون يتبعون التجارة واللهو، فأنزل الله سبحانه وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً قال المفسّرون: يعني الطبل وذلك أنّ العير كانت إذا قدمت المدينة استقبلوها بالطبل والتصفير.
وقال جابر بن عبد الله: كان الجواري إذا نكحوا يمرّون بالمزامير والطبل فانفضّوا إليها، فنزلت هذه الآية، وقوله انْفَضُّوا إِلَيْها ردّ الكناية إلى التجارة لأنّها أهم وأفضل، وقد مضت هذه المسألة.
وقرأ طلحه بن مصرف وإذا رأوا لهوا أو تجارة انفضّوا إليها.
وَتَرَكُوكَ قائِماً على المنبر.
أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أبو عمرو بن الحسن قال حدّثنا أحمد بن الحسن بن سعيد قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا حصين عن مسعر وأبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن حسان عن عبيدة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أنّه سئل: أكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب قائما أو قاعدا؟
قال أما تقرأ وَتَرَكُوكَ قائِماً.
قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ قرأ أبو رجاء العطاردي خير من اللهو والتجارة للّذين آمنوا.
وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ لأنّه موجد الأرزاق فإيّاه فاسألوا ومنه فاطلبوا.

صفحة رقم 318
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية