آيات من القرآن الكريم

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ۗ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ
ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ

للنبي عليه السلام.
وقوله: ﴿والذين يُؤْمِنُونَ بالآخرة﴾ أي: يصدقون بالبعث، ﴿يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ أي: بهذا الكتاب والهاء في (به) للقرآن، وقيل: لمحمد.
وقيل: إنه لما نزل ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ﴾ [المؤمنون: ١٢] إلى آخر القصة، عجب ابن أبي سرح من خلق الإنسان وانتقاله من حال إلى حال، فقال: ﴿فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين﴾ [المؤمنون: ١٤]، فقال له النبي ﷺ: أكُتبْها، فكذلك نُزِّلَت عليّ.
قوله: ﴿وَهُمْ على صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ أي: على الصلوات التي افترضها الله.
قوله: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً﴾ الآية.
قوله: وَ (مَن) قال في موضع جر، عطفٌ على (مَن) الأولى.

صفحة رقم 2103

المعنى: ومن أخطأُ قولاً ممن اختلق على الله الكذب، فادَّعى أنه بعثه نبياً. وهذا تسفيه من الله تعالى لمشركي العرب في معارضة عبد الله بن أبي سرح ومسيلمة للنبي، ادعى أحدهما النبوة، وادعى الآخر أنه جاء بمثل ما جاء به النبي.
فالَّذي قال: ﴿أُوْحِيَ إِلَيَّ﴾ هو مسيلمة الكذاب، والذي قال: ﴿سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ الله﴾ عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وكان عبد الله هذا قد كتب للنبي، فكان يملي عليه (عزيزٌ حكيمٌ) فيكتب (غفورٌ رحيمٌ)، وقال: قد أنزل " عليّ " مثل الذي أنزل على محمد، قد كتبتُ ما لم يُمْل عليَّ. وكان يقرأ على النبي ما يكتب، فيقول له النبي: نعم سواء.

صفحة رقم 2104

وقيل: إنه لمّا نزل ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ﴾ [المؤمنون: ١٢] إلى آخر القصة، عجب ابن أبي سرح من خلق الإنسان وانتقاله من حال إلى حال، فقال ﴿فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين﴾ [المؤمنون: ١٤]، فقال له النبي: أكتُبها، فكذلك نُزِّلَت عليّ. فرجع عن الإسلام ولحق بقريش وأخبرهم بما كان يصنع، وأن النبي ﷺ يقول له في الذي يكتب: نعم سواء. ثم رجع إلى الإسلام قبل فتح مكة. وفيه نزل: ﴿ولكن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً﴾ [النحل: ١٠٦].
وقيل: إن قائل القولين هو عبد الله هذا. وقيل: هو مسيلمة. وقال ابن عباس: الذي افترى على الله كذباً هو مسيلمة، والذي قال: " سأنزل مثل ما أنزل الله " هو عبد الله بن أبي سرح.
ثم قال تعالى: ﴿وَلَوْ ترى إِذِ الظالمون فِي غَمَرَاتِ الموت﴾ / أي: لو ترى يا محمد حين يغمر الموت بسكراته هؤلاء الظالمين المفترين على الله الكذب وقد قرب

صفحة رقم 2105

" فناء " آجالهم، والملائكة قد بسطت أيديها، يضربون وجوههم وأدبارهم.
قال ابن عباس: البسط هنا: الضرب، يضربون وجوههم وأدبارهم. وقال الضحاك: بسطت الملائكة أيديها بالعذاب. وقيل المعنى: (باسِطو أَيْديهم) لإخراج أنفسهم
﴿أخرجوا أَنْفُسَكُمُ﴾ أي: يقولون لهم: أخرجوا أنفسكم من العذاب، أي: خلصوها اليوم.
قوله: ﴿اليوم تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهون﴾ أي: عذاب جهنم، وهو عذاب الهوان، وهذا إخبار من الملائكة للكفار " بما " يصيرون إليه في الآخرة.
والهون - بالضم -: الهوان، والهَوْن بالفتح: الرفق والدَّعَة، تقول: " هُوَ هَوْنُ الْمؤوَنه "، ومنه قوله: ﴿يَمْشُونَ على الأرض هَوْناً﴾ [الفرقان: ٦٣] يعني بالرفق والسكينة.

صفحة رقم 2106
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية