آيات من القرآن الكريم

فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ

قَوْله - تَعَالَى -: ﴿فَمن يرد الله أَن يهديه يشْرَح صَدره لِلْإِسْلَامِ﴾.
أَي: يفتح قلبه حَتَّى يدْخل الْإِسْلَام ﴿وَمن يرد أَن يضله يَجْعَل صَدره ضيقا حرجا﴾.
وَيقْرَأ: حرجا - بِفَتْح الرَّاء - يَعْنِي: ذَا حرج، وَأما بِالْكَسْرِ فللمبالغة فِي الضّيق، وَعَن عمر أَنه قَالَ: سَأَلت أَعْرَابِيًا: مَا الحرجة عنْدكُمْ؟ فَقَالَ: شَجَرَة ملتفة لَا تصل إِلَيْهَا راعية وَلَا سَائِمَة، فعلى هَذَا معنى الْآيَة.

صفحة رقم 142

﴿لِلْإِسْلَامِ وَمن يرد أَن يضله يَجْعَل صَدره ضيقا حرجا كَأَنَّمَا يصعد فِي السَّمَاء كَذَلِك يَجْعَل الله الرجس على الَّذين لَا يُؤمنُونَ (١٢٥) وَهَذَا صِرَاط رَبك مُسْتَقِيمًا قد فصلنا﴾
﴿يَجْعَل صَدره ضيقا حرجا﴾ بِحَيْثُ لَا يصل إِلَيْهِ الْإِيمَان، وَلَا يدْخلهُ الْإِسْلَام ﴿كَأَنَّمَا يصعد فِي السَّمَاء﴾ يقْرَأ على وُجُوه: " يصعد " بتشديدين، وَمَعْنَاهُ يتَصَعَّد، وَكَذَا يقْرَأ فِي الشواذ، وَقُرِئَ: " يصاعد " بتَشْديد الصَّاد بِمَعْنى يتصاعد، وَقُرِئَ: " يصعد مخففا من الصعُود، وَمعنى الْكل وَاحِد.
وَفِي مَعْنَاهُ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن مَعْنَاهُ: كَأَنَّمَا يُكَلف الصعُود فَلَا يستطيعه، وأصل الصعُود: الْمَشَقَّة، وَهُوَ قَوْله - تَعَالَى - ﴿سَأُرْهِقُهُ صعُودًا﴾ أَي: عقبَة شاقة، وَمِنْه قَول عمر - رَضِي الله عَنهُ -: مَا تَصعَّدَنِي شَيْء كَمَا تَصَعَّدَتْنِي خطْبَة النِّكَاح، أَي: مَا شقّ عَليّ شَيْء كَمَا (شقَّتْ) عَليّ خطْبَة النِّكَاح.
وَالْقَوْل الثَّانِي: معنى قَوْله: ﴿كَأَنَّمَا يصعد فِي السَّمَاء﴾ نبوة من الْحِكْمَة، وفرارا من الْقُرْآن.
(كَذَلِك يَجْعَل الله الرجس على الَّذين لَا يُؤمنُونَ) الرجس: هُوَ النتن، وَالرجز: الْعَذَاب، وَفِي الْخَبَر: " أَن النَّبِي كَانَ إِذا دخل الْخَلَاء يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الرجس النَّجس الْخَبيث المخبث من الشَّيْطَان الرَّجِيم " وَقيل: اللَّعْنَة فِي الدُّنْيَا، وَالْعَذَاب فِي الْآخِرَة.

صفحة رقم 143
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية