
قال ﴿وَلَهُ الجوار المنشئات فِي البحر كالأعلام﴾ أي: ولرب المشرقين والمغربين السفن الجارية في البحر كأنها الجبال. قال مجاهد: المنشآت ما رفع قلعه من السفن، وما لم يرفع قلعه فليست بمنشآت.
قال ﴿فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ ثم قال: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ / يعني من على وجه الأرض ومن يكون فيها بالموت، وأضمرت الأرض ولم يتقدم ذكرهما لظهور المعنى.
قال ﴿ويبقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجلال والإكرام﴾ أي: معناه ويبقى ربك. ثم قال ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السماوات والأرض﴾ أي: إليه يفزع من في السماوات والأرض في حوائجهم لا غنى لأحد عنه. ثم قال ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ قال أهل المعرفة بالله معناه أنه ينفذ ما قدر أن يكون مما سبق في علمه وأثبته في اللوح المحفوظ، وليس هو إحداث أمر لم يتقدم في علمه بل جرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة لا يزاد في ذلك ولا ينقص، لكنه تعالى يثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء، وكل ذلك تقدم علمه به بلا أمد.
وقال قتادة: معناه: يحيي حياً ويميت ميتاً، ويربي صغيراً، ويفك أسيراً.

وقال أبو صالح معناه: يسأله من في السماوات الرحمة، ومن في الأرض المغفرة والرزق. وقال علي بن سليمان معناه: يسأله من في السماوات والأرض عن شأنه كل يوم هو فيشأن.
وقال عبيد بن عمر كل يوم هو في شأن يجيب داعيا ويعطي سائلاً، ويفك عانياً ويشفي سقيماً. وروى ابن عمر عن النبي ﷺ: كل يوم هو في شأن " (أي في شأن) يغفر ذنباً ويكشف كرباً، ويجيب داعياً. وقال قتادة: كل يوم هو في شأن: أي: في شأن خلقه وصلاحهم، وتدبير أمورهم.
قال ابن عباس أن الله جل ذكره لوحا محفوظا ينظر فيه كل يوم (ثلاث مائة وستين) نظرة، يعز مع نظرة من يشاء ويذل من يشاء ويغني من يشاء، ويفقر من يشاء.
وقال أبو سليمان الداراني إنما إنفاذ ما قدر أن يكون في ذلك اليوم، وليس

شيء من أمره تعالى يحدث إلا قد جرى القلم بما هو كائن. ثم قال ﴿فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ ثم قال ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثقلان﴾ هذا وعيد من الله لعباده وتهدد، ومعناه: سآخذ في مجازاتكم ومحاسبتكم وليس هو تفرغ من شغل.
وقيل المعنى سنفرغ لكم من وعيدكم ما وعدت لكم من الثواب والعقاب. والفراغ في اللغة على وجهين: إحداهما الفراغ من الشغل /، والآخر القصد إلى الشيء تقول سأفرغ لك: أي: سأقصد إليك.
قال جرير: (فرغت إلى العبد المقين في الحجل). وقال أبو عبيدة: سنحاسبكم. وقرأ يوماً عمر بن ورق ﴿وَجَآءَ رَبُّكَ والملك صَفّاً صَفّاً﴾ [الفجر: ٢٤]، وقرأ