
ثم قال ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ أي: في هاتين الجنتين / ذلك، وأعيد ذكر النخل والرمان وقد دخلا في جملة الفاكهة لفضلهما، كما قال: ﴿مَن كَانَ عَدُوّاً للَّهِ وملائكته وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وميكال﴾ [البقرة: ٩٧]. وكما قال ﴿حَافِظُواْ عَلَى الصلوات والصلاة الوسطى﴾ [البقرة: ٢٣٨]. وكما قال ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض﴾ [الحج: ١٨]. ثم قال ﴿وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العذاب﴾ [الحج: ١٨]. فأعيد هذا البيان. وقيل أنهما ليستا من الفاكهة. ثم قال ﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ﴾ أي: في الجنتين الأوليين والثانيتين حور خيرات حسان، فأصله التشديد ولكن خفف كميت وهين ولا يستعمل على الأصل لطوله، والمعنى خيرات الأخلاق حسان الوجوه.
وروى ذلك عن النبي ﷺ. قال ابن جبير نخل الجنة جذوعها من ذهب وعروقها من ذهب وكرانيفها من زمرد، وسعفها كسوة لأهل الجنة، وثمرها كاللؤلؤ أشد بياضا من اللبن (أحلى من العسل وألين من الزبد) ليس له عجم. ثم قال ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الخيام﴾ أي: محبوسات في الخيام قصور على أزواجهن فلا يردن غيرهم. وقيل الخيام هنا:

الحجال. وقيل الخيام: البيوت. وقال الحسن: محبوسات ليس بطوافات في الطرق. وقال ابن عباس: الخيمة لؤلؤة واحدة أربعة فراسخ في أربعة فراسخ: لها أربعة آلاف مصراع من ذهب. قال عمر بن الخطاب: الخيام در مجوف، وكذلك روى ابن وهب عن ابن مسعود وهو قول ابن جبير ومجاهد والضحاك وهو مروي عن النبي ﷺ.
وقال قتادة: مسكن المؤمن في الجنة يسير الراكب الجواد فيه ثلاث ليال وأنهار

جناته وما أعد الله له من الكرامة. وقال ابن زيد خيامهم في الجنة من لؤلؤ. قال سعيد بن جبير أدنى أهل الجنة منزلة من له قصر له سبعون ألف خادم في يد كل خادم صفحة فيها لون سوى لون صاحبتها وطعم سوى طعم صاحبتها لو أطابه أهل الدنيا لأوسعهم.
وعن أنس بن مالك يرفعه: قال: أن أسفل أهل الجنة أربعين درجة ليقوم على رأسه عشرة آلاف خادم بيد كل خادم صفحتان، واحد من ذهب وأخرى من فضة، في كل واحدة لون ليس في الأخرى مثله، يأكل من آخرها مثل ما يأكل من أولها، ويجد لآخرها من اللذة مثل ما وجد لأولها، ثم يكون ذلك رشحا كرشح المسك. وحشاؤه مسك لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتمخطون.
وفي حديث عن النبي ﷺ " إن أهل الجنة يلهمون فيها الحمد والتسبيح كما يلهمون النفس " وعن أبي هريرة قال: إن أدنى أهل / الجنة منزلة وما منهم دان