آيات من القرآن الكريم

فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
ﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪ ﰿ ﯮﯯﯰﯱ ﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺ ﯼﯽﯾﯿ ﰁﰂﰃﰄ ﭑﭒﭓ ﭕﭖﭗﭘ ﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢ ﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁ

ثانيها: هل جزاءُ الإحسان في الدنيا إلاَّ الإحسانُ في الآخرة.
ثالثها: هل جزاء/ مَنْ أحسنَ إليكم بالنعم في الدنيا إلاَّ أَنْ تَحْسِنُوا له العبادَةَ والتقوى.
وأمَّا الأقرب فهو التعميم، أي: لأنَّ لفظ الآية عامٌّ، انتهى.
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٦٢ الى ٧٨]
وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (٦٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٣) مُدْهامَّتانِ (٦٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٥) فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (٦٦)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٧) فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٩) فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (٧٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧١)
حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (٧٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٣) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٧٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٥) مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ (٧٦)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٧) تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (٧٨)
وقوله سبحانه: وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ قال ابْنُ زَيْدٍ وغيره: معناه أَنَّ هاتين دون تَيْنِكَ في المنزلة والقُرْبِ، فالأُولَيَانِ للمقرَّبين، وهاتان لأصْحَابِ اليَمِينِ «١»، وعن ابن عباس «٢» :
أَنَّ المعنى: أَنَّهُمَا دونهما في القرب إلى المُنَعَّمِينَ، وأَنَّهُما أفضلُ من الأُولَيَيْنِ، قال ع «٣» : وأكثر الناس على التأويل الأول.
ت: واختار الترمذيُّ الحكيمُ التأويلَ الثاني، وأطنب في الاحتجاج له في «نوادر الأصول» له، وخَرَّجَ البخاريُّ هنا عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا... » الحديث، وفيه: «إنَّ في الجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلاً، في كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْل مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمُ المؤمن» «٤» انتهى، ومُدْهامَّتانِ معناه: قد علا لَوْنَهُمَا دُهْمَةٌ وَسَوَادٌ في النظرة والخضرة،

(١) أخرجه الطبري (١١/ ٦١٠) برقم: (٣٣١٤٠)، وذكره ابن عطية (٥/ ٢٣٤)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٢٧٩).
(٢) ذكره ابن عطية (٥/ ٢٣٥).
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ٢٣٥).
(٤) أخرجه البخاري (٨/ ٤٩١)، كتاب «التفسير» باب: ومن دونهما جنتان (٤٨٧٨) باب: حور مقصورات في الخيام (٤٨٨٠)، (١٣/ ٤٣٣)، كتاب «التوحيد» باب: قول الله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ
(٧٤٤٤)، ومسلم (١/ ١٦٣)، كتاب «الإيمان» باب: إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم، برقم: (٢٩٦/ ١٨٠)، وابن ماجه (١/ ٦٦- ٦٧) «المقدمة» باب: فيما أنكرت الجهمية (١٨٦)، والترمذي (٤/ ٥٨١)، كتاب «صفة الجنة» باب: ما جاء في صفة غرف الجنة (٢٥٢٨)، والدارمي (٢/ ٣٣٣).

صفحة رقم 356

ة، قال البخاريُّ: مُدْهامَّتانِ: سودَاوَانِ من الرِّيِّ «١»، انتهى، والنَّضَّاخَةُ: الفَوَّارَةُ التي يَهِيجُ ماؤُها، وكَرَّرَ النخلَ والرُّمَّانَ، وهما من أفضل الفاكهة تشريفاً لهما، وقالت أُمُّ سَلَمَةَ: «قلتُ: يا رسول اللَّه، أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: خَيْراتٌ حِسانٌ قالَ:
خَيْرَاتُ الأَخْلاَقِ، حِسَانُ الْوُجُوهِ»
وَقُرِىَء شاذّاً: «خَيِّرَاتٌ» - بِشَدِّ الياء المكسورة «٢» -.
ت: وفي «صحيح البخاريّ» من حديث أنس عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: لَرَوْحَة في سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ غَدْوَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ في الْجَنَّةِ أَوْ مَوْضِعُ قَيْدِ سَوْطِهِ خَيْرٌ/ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امرأة مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ اطلعت إلَى أَهْلِ الأَرْضِ لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلأَتْهُ رِيحاً، وَلَنَصِيفُهَا على رَأْسِهَا- يعني الخِمَارَ- خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» «٣».
وقوله سبحانه: مَقْصُوراتٌ أي: محجوبَاتٌ مَصُونَاتٌ في الخيام، وخيامُ الجَنَّةِ بُيُوتُ اللؤلؤ، قال عمر بن الخَطَّاب- رضي اللَّهُ عنه «٤» -: هي دُرٌّ مُجَوَّفٌ، ورواه ابن مَسْعَودٍ عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم. قال الداوديُّ: وعن ابن عباس «٥» : والخيمة لؤلؤة مجوّفة فرسخ في فرسخ،

(١) ينظر: «صحيح البخاري» (٨/ ٤٨٧) كتاب: «التفسير»، باب: سورة الرحمن قال ابن حجر: وصله الفريابي.
(٢) قرأ بها أبو عثمان النهدي، وأبو بكر بن حبيب السهمي.
ينظر: «الشواذ» ص: (١٥١)، و «المحرر الوجيز» (٥/ ٢٣٥).
(٣) أخرجه البخاري (٦/ ١٧)، كتاب «الجهاد والسير»، باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم في الجنة (٢٧٩٢) باب: الحور العين وصفتهن (٢٧٩٦)، (١١/ ٤٢٥) كتاب «الرقاق»، باب:
صفة الجنة والنار (٦٥٦٨)، ومسلم (٣/ ١٤٩٩)، كتاب «الإمارة» باب: فضل الغدوة والروحة في سبيل الله (١١٢/ ١٨٨٠).
وفي الباب من حديث أبي هريرة: أخرجه البخاري (٦/ ١٧)، كتاب «الجهاد والسير» باب: الغدوة والروحة في سبيل الله، وقاب قوس أحدكم في الجنة (٢٧٩٣)، مسلم (٣/ ١٥٠٠)، كتاب «الإمارة» باب: فضل الغدوة والروحة في سبيل الله (١١٤/ ١٨٨٢).
وفي الباب من حديث سهل بن سعد: أخرجه البخاري (٦/ ١٧)، كتاب «الجهاد والسير» باب: الغدوة والروحة في سبيل الله، وقاب قوس أحدكم في الجنة (٢٧٩٤)، (٦/ ١٠٠) باب: فضل رباط يوم في سبيل الله (٢٨٩٢)، (١١/ ٢٣٦) كتاب «الرقاق» باب: مثل الدنيا في الآخرة (٦٤١٥)، ومسلم (٣/ ١٥٠٠) كتاب «الإمارة» باب: فضل الغدوة والروحة في سبيل الله (١١٣/ ٨١٨١)، والترمذي (٤/ ١٨٨)، كتاب «فضائل الجهاد» باب: ما جاء في فضل المرابط (١٦٦٤)، والترمذي (٤/ ١٨٨)، والنسائي (٦/ ١٥)، كتاب «الجهاد» باب: فضل غدوة في سبيل الله (٣١١٨)، وابن ماجه (٢/ ٩٢١) كتاب «الجهاد» باب: فضل الغدوة والروحة في سبيل الله (٢٧٥٦)، وأحمد (٥/ ٣٣٩).
(٤) أخرجه الطبري (١١/ ٦١٦) برقم: (٣٣١٩٩)، وذكره ابن عطية (٥/ ٢٣٦)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٢١٠)، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي الأحوص. [.....]
(٥) أخرجه الطبري (١١/ ٦١٦) برقم: (٣٣١٩٧)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٢٨٠)، والسيوطي في «الدر-

صفحة رقم 357

لها أربعة آلاف مِصْرَاعٍ، انتهى.
و «الرَّفْرَفُ» : ما تدلى من الأَسِرَّةِ من عالي الثياب والبُسُطِ، وقاله ابن عَبَّاس وغيره «١»، وما يتدلى حول الخِبَاءِ مِنَ الْخِرْقَةِ الهَفَّافَةِ يُسَمَّى رَفْرَفاً، وكذلك يُسَمِّيه الناسُ اليومَ، وقيل غَيْرُ هذا، وما ذكرناه أصْوَبُ، والعَبْقَرِيُّ: بُسُطٌ حِسَانٌ، فيها صُوَرٌ وغَيْرُ ذلك، تُصْنَعُ بعَبْقَر، وهو موضعٌ يُعْمَلُ فيه الوشْيُ والدِّيبَاجُ ونحوه، قال ابن عباس: العَبْقَرِيُّ «٢» :
الزَّرَابِيُّ «٣»، وقال ابن زيد «٤» : هي الطَّنَافِس»
، قال الخليل والأصمعيُّ: العَرَبُ إذا استحسنَتْ شيئاً واستجادَتْهُ قالَتْ: عَبْقَرِيٌّ، قال ع «٦» : ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم في عُمَرَ: «فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِي فَرِيَّهُ» «٧».
وقوله سبحانه: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ: هذا الموضعُ مِمَّا أُرِيدَ فيه

المنثور» (٦/ ٢١٠)، وعزاه لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في «صفة الجنة»، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في «البعث».
(١) أخرجه الطبري (١١/ ٦١٩) برقم: (٣٣٢٢٥)، وذكره البغوي (٤/ ٢٧٨)، وابن عطية (٥/ ٢٣٦)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٢١٣)، وعزاه للفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر.
(٢) أخرجه الطبري (١١/ ٦٢٠) برقم: (٣٣٢٣٥)، وذكره ابن عطية (٥/ ٢٣٦)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٢٨٠)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٢١٤)، وعزاه لعبد بن حميد.
(٣) وهي جمع زربية، وهو نوع من الثياب محبّر منسوب إلى موضع، وقال المؤرخ: زرابي البيت:
ألوانه... وقيل: هي البسط العراض. وقيل: ما بها خملة.
ينظر: «عمدة الحفاظ» (٢/ ١٥٦).
(٤) أخرجه الطبري (١١/ ٦٢٠) برقم: (٣٣٢٤١)، وذكره ابن عطية (٥/ ٢٣٦)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٢١٣)، وعزاه لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر.
(٥) جمع طنفسة: بكسر الطاء والفاء، وبضمهما، وبكسر الطاء وفتح الفاء، وهي: البساط الذي له خمل رقيق.
ينظر: «النهاية» (٣/ ١٤٠).
(٦) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ٢٣٧).
(٧) أخرجه البخاري (٧/ ٢٣)، كتاب «فضائل الصحابة» باب: قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لو كنت متخذا خليلا (٣٦٦٤)، ومسلم (٤/ ١٨٦١)، كتاب «فضائل الصحابة» باب: من فضائل عمر رضي الله تعالى عنه (١٧- ١٨/ ٢٣٩٢)، وأحمد (٢/ ٣٦٨، ٤٥٠) عن أبي هريرة.
وفي الباب عن ابن عمر رضي الله عنهما: أخرجه البخاري (٧/ ٥٠)، كتاب «فضائل الصحابة» باب: مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه (٣٦٨٢)، ومسلم (٤/ ١٨٦٢)، كتاب «فضائل الصحابة» باب: فضائل عمر رضي الله عنه (١٩/ ٢٣٩٣)، وأحمد (٢/ ٢٧، ٢٨، ٣٩، ٨٩، ١٠٤، ١٠٧).

صفحة رقم 358

بالاسم مُسَمَّاهُ، والدعاءُ بهاتَيْنِ الكلمتَيْنِ حَسَنٌ مَرْجُوُّ الإجابة، وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: «ألظّوا ب:
«يا ذا الجلال والإكرام»
«١».
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما.

(١) أخرجه الترمذي (٥/ ٢٣٩)، كتاب «الدعوات» باب: (٩٢) (٣٥٢٤)، وأحمد (٤/ ١٧٧).
قال الترمذي: هذا حديث غريب.

صفحة رقم 359
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية