آيات من القرآن الكريم

أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَىٰ
ﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞ ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﯼﯽﯾﯿ ﰁﰂﰃ ﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗ

(١٣٥٩) أحدهما: أنها فوق السماء السابعة، وهذا مذكور في الصحيحين من حديث مالك بن صعصعة. قال مقاتل: وهي عن يمين العرش.
(١٣٦٠) والثاني: أنها في السماء السادسة، أخرجه مسلم في أفراده عن ابن مسعود، وبه قال الضحاك.
قال المفسرون: وإنما سُمِّيتْ سِدْرة المُنتهى، لأنه إليها مُنتهى ما يُصْعَد به من الأرض، فيُقْبَض منها، وإليها ينتهي ما يُهبْطَ به من فوقها فيُقْبَض منها، وإليها ينتهي عِلْم جميع الملائكة.
قوله تعالى: عِنْدَها وقرأ معاذ القارئ وابن يعمر وأبو نهيك: «عِنْدَهُ» بهاءٍ مرفوعة على ضمير مذكَّر جَنَّةُ الْمَأْوى قال ابن عباس: هي جنة يأوي إليها جبريل والملائكة. وقال الحسن: هي التي يصير إليها أهل الجنة. وقال مقاتل: هي جَنَّة إليها تأوي أرواح الشهداء. وقرأ سعيد بن المسيّب والشعبي وأبو المتوكل وأبو الجوزاء وأبو العالية: «جَنَّهُ المأوى» بهاءٍ صحيحة مرفوعة. قال ثعلب:
يريدون أَجنَّهُ، وهي شاذَّة. وقيل: معنى «عندها» : أدركه المبيت يعني رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى.
(١٣٦١) روى مسلم في أفراده من حديث ابن مسعود قال: غَشِيَها فَراشٌ مِنْ ذهب.
(١٣٦٢) وفي حديث مالك بن صعصعة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «لمّا غَشِيَها مِنْ أمْر الله ما غَشِيَها، تغيَّرتْ، فما أحدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ يستطيع أن يَصِفها مِنْ حُسْنها». وقال الحسن ومقاتل: تَغْشاها الملائكةُ أمثالَ الغِرْبان حين يَقَعْنَ على الشجرة. وقال الضحاك: غَشِيها نور ربِّ العالمين.
قوله تعالى: ما زاغَ الْبَصَرُ أي ما عدل بصر رسول الله صلّى الله عليه وسلم يميناً ولا شِمالاً وَما طَغى أي ما زاد ولا جاوز ما رأى: وهذا وصف أدبه صلّى الله عليه وسلم في ذلك المقام. لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى فيه قولان «١» :
أحدهما: لقد رأى من آياتِ ربِّه العِظامِ. والثاني: لقد رأى من آيات ربِّه الآية الكُبرى. وللمفسرين في المراد بما رأى من الآيات ثلاثة أقوال: أحدهما: أنه رأى رفرفاً أخضر من الجنة قد سَدَّ الأفق، قاله ابن مسعود. والثاني: أنه رأى جبريل في صورته التي يكون عليها في السماوات، قاله ابن زيد. والثالث:
أنه رأى من أعلام ربِّه وأدلَّته الأعلامَ والأدلةَ الكبرى، قاله ابن جرير.
[سورة النجم (٥٣) : الآيات ١٩ الى ٢٦]
أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى (٢١) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (٢٢) إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى (٢٣)
أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى (٢٤) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى (٢٥) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى (٢٦)

صحيح. أخرجه البخاري ٣٢٠٧ ومسلم ١/ ١٤٩ والطبري ٣٢٢٨٧ عن أنس بن مالك بن صعصعة مرفوعا، وفي أثناء حديث الإسراء المطوّل وتقدّم في أول سورة الإسراء.
صحيح. أخرجه مسلم ١٧٣ من حديث ابن مسعود.
صحيح. أخرجه مسلم ١٧٣ من حديث ابن مسعود.
انظر الحديث المتقدم ١٣٥٩.
__________
(١) قال ابن كثير في «تفسيره» ٤/ ٢٩٨ وقوله: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى كقوله: لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا أي:
الدالة على قدرتنا وعظمتنا. وبهاتين الآيتين استدل من ذهب من أهل السنة أن الرؤية تلك الليلة لم تقع، لأنه قال: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ولو كان رأى ربه لأخبر بذلك ولقال ذلك للناس.

صفحة رقم 187

قال الزجاج: فلمّا قَصَّ اللهُ تعالى هذه الأقاصيص قال: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى المعنى: أخبِرونا عن هذه الآلهة التي تعبدونها هل لها من القُدرة والعظمة التي وُصف بها ربُّ العِزَّة شيءٌ؟!. فأمّا «اللاّت» فقرأ الجمهور بتخفيف التاء، وهو اسم صنم كان لثقيف اتَّخذوه مِن دون الله، وكانوا يَشتقُّون لأصنامهم من أسماء الله تعالى فقالوا من «الله» : اللات: ومن «العزيز» : العُزَّى. قال أبو سليمان الخطابي: كان المشركون يتعاطَون «الله» اسماً لبعض أصنامهم، فصرفه الله إلى اللاّت صيانةً لهذا الاسم وذَبّاً عنه. وقرأ ابن عباس وأبو رزين وأبو عبد الرحمن السلمي والضحاك وابن السميفع ومجاهد وابن يعمر والأعمش، وورش عن يعقوب: «اللاتّ» بتشديد التاء ورد في تفسير ذلك عن ابن عباس ومجاهد أن رجلاً كان يلُتُّ السَّويق للحاجّ، فلمّا مات عكفوا على قبره فعبدوه. وقال الزجاج: زعموا أن رجلاً كان يلُتُّ السَّويق ويبيعه عند ذلك الصنم، فسمّي الصّنم: اللّات. وكان الكسائيّ يقف عليها بالهاء، فيقول: «اللّاه» وهذا قياس، والأجود الوقف بالتاء، لاتباع المصحف. وأما «العُزَّى» ففيها قولان: أحدهما: أنها شجرة لغطفان كانوا يعبدونها، قاله مجاهد. والثاني: صنم لهم، قاله الضحاك.
قال: وأمّا «مَناةَ» فهو صنم لهُذَيل وخُزاعة يعبُده أهلُ مكة. وقال قتادة: بل كانت للأنصار. وقال أبو عبيدة: كانت اللاّت والعُزَّى ومَناة أصناماً من حجارة في جوف الكعبة يعبدونها. وقرأ ابن كثير:
«ومَناءَةَ» ممدودة مهموزة. فأمّا قوله: الثَّالِثَةَ فانه نعت ل «مَناة»، هي ثالثة الصنمين في الذِّكر، و «الأُخرى» نعت لها. قال الثعلبي: العرب لا تقول للثالثة: الأُخرى، وإنما الأُخرى نعت للثانية فيكون في المعنى وجهان: أحدهما: أن ذلك لِوِفاق رؤوس الآية، كقوله مَآرِبُ أُخْرى «١» ولم يقل، أُخَر، قاله الخليل. والثاني: أن في الآية تقديماً وتأخيراً تقديره: أفرأيتم اللاّت والعُزَّى الأخرى ومَناة الثالثة، قاله الحسين بن الفضل.
قوله تعالى: أَلَكُمُ الذَّكَرُ قال ابن السائب: إن مشركي قريش قالوا للأصنام والملائكة: بناتُ الله، وكان الرجُل منهم إذا بُشِّر بالأُنثى كرِه، فقال الله تعالى مُنْكِراً عليهم: أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى؟
يعني الأصنام وهي إناث في أسمائها. تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى قرأ عاصم ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي: «ضِيزى» بكسر الضاد من غير همز وافقهم ابن كثير في كسر الضاد لكنه همز. وقرأ أُبيُّ بن كعب ومعاذ القارئ: «ضَيْزى» بفتح الضاد من غير همز. قال الزجاج: الضِّيزى في كلام العرب: الناقصةُ الجائرة، يقال: ضازه يَضِيزُه: إذا نقصه حَقَّه، ويقال: ضَأَزَه يَضْأَزُه بالهمز. وأجمع النحويُّون أن أصل ضِيزَى: ضُوزًى، وحُجَّتُهم أنها نُقلت من «فُعْلى» من ضْوزى إلى ضِيزى، لتَسلم الياء، كما قالوا: أبيض وبِيْض، وأصله: بُوضٌ، فنُقلت الضَّمَّة إلى الكسرة. وقرأت على بعض العلماء باللُّغة: في «ضيزى» لغات يقال: ضِيزَى وضُوزَى وضُؤْزَى وضأزى على «فعلى» مفتوحة ولا يجوز

(١) طه: ١٨.

صفحة رقم 188
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية