أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى توبيخ مبنى على التوبيخ الاول والمعنى بالفارسية آيا شما را فرزندان نر باشند ومر خدايرا ماده تِلْكَ اشارة الى القسمة المنفهمة من الجملة الاستفهامية إِذاً آن هنگام كه چنين باشد قِسْمَةٌ ضِيزى اى جائرة معوجة حيث جعلتم له تعالى ما تستنكفون منه وهى فعلى من الضيز وهو الجور يعنى ان أصله ضيزى بضم الضاد من ضاز في الحكم يضيز ضيزا اى جار وضازه حقه يضيزه اى بخسه ونقصه لكن كسر فاؤه لتسلم الياء كما فعل في البيض فان أصله بيض بضم الباء لانه جمع ابيض كحمر في جمع احمر وذلك لان فعلى بالكسر لم يأت فى الوصف وفيه اشارة الى استنكار شركهم وتخصيصهم الشرك ببعض الظاهر دون بعض يعنى أتخصصون ذكر الروح لكم وان كان ميتا باستيلاء ظلمة نفوسكم الظلمانية عليه وتجعلون أنثى النفس في عبوديتها واتباع مراداتها وانقياد اوامرها ونواهيها شريكا له تعالى الله عما يقول الظالمون الذين وضعوا الجور موضع العدل وبالعكس ما هذا إلا قسمة الجور والجائر لا قسمة العدل والعادل إِنْ هِيَ الضمير للاصنام اى ما الأصنام باعتبار الالوهية التي تدعونها اى باعتبار اطلاق اسم الإله إِلَّا أَسْماءٌ اى اسماء محضة ليس تحتها مسميات اى ما تنبئ هى عنه من معنى الالوهية شيء ما أصلا كما إذا أردت ان تحقر من هو ملقب بما يشعر بالمدح وفخامة الشان تقول ما هو الاسم (قال المولى الجامى)
مرد جاهل جاه كيتى را لقب دولت نهد
همچنان آماس بيند طفل كويد فربهست
(وقال في ذم أبناء الزمان)
شكل ايشان شكل انسان فعل شان فعل سباع
هم ذئاب في ثياب او ثياب في ذئاب
ويجوز الحمل على الادعاء سَمَّيْتُمُوها صفة لاسماء وضميرها لها لا للاصنام والمعنى جعلتموها اسماء لا جعلتم لها اسماء فان التسمية نسبة بين الاسم والمسمى فاذا قيست الى الاسم فمعناها جعله اسما للمسمى وإذا قيست الى المسمى فمعناها جعله مسمى للاسم وانما اختير هاهنا المعنى الاول من غير تعرض للمسمى لتحقيق ان تلك الأصنام التي يسمونها آلهة اسماء مجردة ليس لها مسميات قطعا كما في قوله تعالى ما تعبدون من دونه الا اسماء سميتموها لا ان هناك مسميات لكنها لا تستحق التسمية اى ما هى الا اسماء خالية من المسميات وضعتموها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ بمقتضى أهوائكم الباطلة ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها اى بصحة تسميتها مِنْ سُلْطانٍ برهان تتعلقون به جميع القرآن انزل بالألف الى في الأعراف فانه نزل بالتشديد إِنْ يَتَّبِعُونَ التفات الى الغيبة للايذان بأن تعداد قبائحهم اقتضى الاعراض عنهم وحكاية جناياتهم لغيرهم ما يتبعون فيما ذكر من التسمية والعمل بموجبها إِلَّا الظَّنَّ الا توهم ان ما هم عليه حق توهما باطلا وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ اى تشتهيه أنفسهم الامارة بالسوء فما موصولة ويجوز كونها مصدرية والالف واللام بدل الاضافة وهو معطوف على الظن وفي التأويلات النجمية يقول ليست هذه الأصنام التي تعبدونها بضلالة
صفحة رقم 234
نفوسكم الدنية الشهوانية وجهالة عقولكم السخيفة الهيولانية الا اسماء صور وهمية لا مسميات لها اوجدتها أوهامكم الضعيفة وأدركتها عقولكم المريضة المشوبة بالوهم والخيال التي هى بمرتبة آبائكم ليس لها عند اصحاب الطلب وارباب الكشف والقرب وجود ولا نمو بل هى خشب مسندة ما جعل الله في تلك الأصنام النفسية والهوائية والدنيوية ولا ركب فيها التصرف فى الأشياء في الإيجاد والاعدام والقهر واللطف والنفع والضر والأشياء علويها وسفليها جمادها ونباتها حيوانها وإنسانها كلها مظاهر الأسماء الالهية ومجالى الصفات الربانية الجمالية والجلالية اى اللطيفة والقهرية تجلى الحق في الكل بحسب الكل لا بحسبه الا الإنسان الكامل فانه تجلى فيه بحسب الكلية المجموعية وصار خليفة الله في الأرض وأنتم ايها الجهلة الظلمة ما تتبعون تلك الصفات الالهية وما تشهدون في الأشياء تلك الحقائق الروحانية والاسرار الربانية المودعة في كل حجر ومدر بل أعرضتم باتباع الشهوات الحيوانية وملازمة الجسمانية الظلمانية عن ادراك تلك اللطائف الروحانية وشهود تلك العواطف الرحمانية واتبعتم مظنونات ظنكم الفاسد وموهومات وهمكم الكاسد واثرتم هوى النفس المشئومة على رضى الحق وذلك هو الخسران المبين وان الظن لا يغنى من الحق شيأ انتهى وقال الجنيد
قدس سره رأيت سبعين عارفا قد هلكو بالتوهم اى توهموا انهم عرفوه تعالى فالكل معزولون عن ادراك حقيقة الحق وما أدركوا فهو أقدارهم وجل قدر الحق عن ادراكهم قال تعالى وما قدروا الله حق قدره ولذلك اجترأ الواسطي رحمه الله في حق سلطان العارفين ابى يزيد البسطامي قدس سره بقوله كلهم ماتوا على التوهم حتى ابو يزيد مات على التوهم وقال البقلى يا عاقل احذر مما يغوى اهل الغرة بالله من الاشكال والمخاييل التي تبدو في غواشى أدمغتهم وهم يحسبون انها مكاشفات الغيوب ونوادر القلوب ويدعون انها عالم الملكوت وأنوار الجبروت وما يتبعون الا أهواء نفوسهم ومخاييل شياطينهم التي تصور عندهم أشكالا وتمثالا ويزبنون لهم انها الحق والحق منزه عن الاشكال والتمثال إياك يا صاحبى وصحبة الجاهلين الحق الذين يدعون في زماننا مشاهدة الله ومشاهدة الله حق للاولياء وليست بمكشوفة للاعداء وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى حال من فاعل يتبعون او اعتراض وأيا ما كان ففيه تأكيد لبطلان اتباع الظن وهوى النفس وزيادة تقبيح لحالهم فان اتباعهما من اى شخص كان قبيح وممن هداه الله بإرسال الرسول وإنزال الكتاب أقبح فالهدى القرآن والرسول ولم يهتدوا بهما وفيه اشارة الى إفساد استعدادهم الفطري الغير المجعول بواسطة تلبسهم بملابس الصفات الحيوانية العنصرية وانهما كهم في الغواشي الظلمانية الطبيعية فانهم مع ان جاءهم من ربهم اسباب الهدى وموجباته وهو النبي عليه السلام والقرآن وسائر المعجزات الظاهرة والخوارق الباهرة الدالة على صدق نبوته وصحة رسالته اشتغلوا بمتابعة النفس وموافقة الهوى واعرضوا عن التوجه الى الولي والمولى وذلك لان هداهم ما جاءهم الا في يوم الدنيا لا في يوم الأزل ومن لم يجعل الله له نورا في يوم الأزل فما له من نور الى يوم الابد واعلم ان الهدى ضد الهوى فلا بد من المتابعة للهدى قال بعض الكبار ليس لولى كرامة