آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ۚ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ۗ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ۚ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ
ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ

١٤- قوله تعالى: ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ دليل على أن المتقي المحسن أفضل من المتقي المؤمن الذي عمل الصالحات، فضله بأجر الإحسان.
الصيد في حالة الإحرام وجزاء صيد البر
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٩٤ الى ٩٦]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٩٥) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩٦)
الإعراب:
لَيَبْلُوَنَّكُمُ: يبلونّ: فعل مضارع مبني، وإنما بني لاتصاله بنون التأكيد لأنها أكّدت فيه الفعلية، فردّته إلى أصله، والأصل في الفعل البناء.
مِنَ الصَّيْدِ: من: إما للتبعيض لأن المحرّم صيد البر خاصة، أو لبيان الجنس لأنه لما قال: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ لم يعلم من أيّ جنس هو، فبيّن فقال: مِنَ الصَّيْدِ.
بِالْغَيْبِ حال أي غائبا.
مُتَعَمِّداً حال من الضمير المرفوع في قَتَلَهُ. فَجَزاءٌ: مبتدأ وخبره محذوف وتقديره: فعليه جزاء. مِنَ النَّعَمِ صفة جزاء، وتتعلق بالخبر المحذوف وهو فعليه ويجوز أن تتعلق ب يَحْكُمُ ويجوز أن تتعلق بالمصدر وهو فَجَزاءٌ وتعدّى بمن إلى النّعم. هَدْياً

صفحة رقم 48

حال من هاء بِهِ والضمير يعود للجزاء. بالِغَ الْكَعْبَةِ صفة لهدي وهو نكرة لأن الإضافة فيه في نية الانفصال لأن التنوين فيه مقدر وتقديره: بالغا الكعبة.
أَوْ كَفَّارَةٌ: عطف على جزاء. طَعامُ مَساكِينَ إما بدل من كَفَّارَةٌ، أو خبر مبتدأ محذوف تقديره: أو كفارة هي طعام.
صِياماً تمييز منصوب.
مَتاعاً لَكُمْ منصوب على المصدر لأن قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ بمعنى: أمتعتكم به إمتاعا، فأقيم متاعا مقامه لأنه في معناه.
المفردات اللغوية:
لَيَبْلُوَنَّكُمُ ليختبرنكم، والابتلاء: الاختبار. تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ أي يكون في متناول اليد، وهو صغار الصيد. وَرِماحُكُمْ أي تصطاده الرماح وهو كبار الصيد، وكان ذلك بالحديبية وهم محرمون، فكانت الوحش والطير تغشاهم في رحالهم، والمراد به كثرة الصيد وسهولة أخذه.
لِيَعْلَمَ اللَّهُ يظهر علمه. حُرُمٌ محرمون بحج أو عمرة. فَجَزاءٌ فعليه جزاء.
مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ أي شبهه في الخلقة، والنعم: الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم. ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ رجلان عادلان لهما فطنة يميزان بها أشبه الأشياء به، وقد حكم ابن عباس وعمر وعلي رضي الله عنهم في النعامة ببدنة، وابن عباس وابن عمر وابن عوف في الظبي بشاة، وحكم بالشاة أيضا ابن عباس وعمر وغيرهما في الحمام لأنه يشبهها.
بالِغَ الْكَعْبَةِ أي يبلغ به الحرم، فيذبح فيه ويتصدق به على مساكين الحرم، ولا يجوز أن يذبح حيث كان.
أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أي، أو عليه كفارة غير الجزاء وإن وجده هي طَعامُ مَساكِينَ من غالب قوت البلد: ما يساوي قيمة الجزاء، لكل مسكين مد. أَوْ عَدْلُ مساو له مما يدرك بالعقل، وبكسر العين: مساو له مما يدرك بالحس.
وَبالَ أَمْرِهِ ثقل جزاء أمره الذي فعله، أي عاقبة أمره الثقيلة عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ من قتل الصيد قبل تحريمه. عَزِيزٌ غالب على أمره. ذُو انْتِقامٍ أي ينتقم ممن عصاه.
أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ أبيح لكم أيها الناس حلالا كنتم أو محرمين، وصيد البحر: ما يصاد منه مما يعيش فيه عادة، والمراد بالبحر: الماء الكثير الذي يعيش فيه السمك كالأنهار والآبار والبرك ونحوها، أي أحل لكم أن تأكلوا صيد البحر، وهو ما لا يعيش إلا فيه كالسمك، بخلاف ما يعيش فيه

صفحة رقم 49

وفي البر كالسرطان. وَطَعامُهُ ما قذف به ميتا إلى ساحله أو طفا على وجه الماء. مَتاعاً تمتيعا. لَكُمْ تأكلونه. وَلِلسَّيَّارَةِ المسافرين منكم يتزودونه، جمع سيار: وهو المسافر.
وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ وهو ما يعيش في البر من الوحش المأكول، وحرم أن تصيدوه.
ما دُمْتُمْ حُرُماً أي محرمين، فلو صاده حلال، فللمحرم أكله في رأي جمهور العلماء، كما بينت السنة، إذا لم يصد له ولا من أجله. وأجاز الحنفية للمحرم أكل الصيد على كل حال إذا اصطاده الحلال، سواء صيد من أجله أو لم يصد لظاهر قوله تعالى: لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ فحرم صيده وقتله على المحرمين، دون ما صاده غيرهم. تُحْشَرُونَ تجمعون وتساقون إليه يوم الحشر.
سبب النزول:
أخرج ابن أبي حاتم في سبب نزول هذه الآية عن مقاتل: أنها نزلت في عمرة الحديبية، حيث ابتلاهم الله بالصيد، وهم محرمون، فكانت الوحوش تغشاهم في رحالهم، وكانوا متمكنين من صيدها، أخذا بأيديهم، وطعنا برماحهم، وذلك قوله تعالى: تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ فهموا بأخذها، فنزلت هذه الآية.
المناسبة:
وجه النظم والربط بين الآيات أنه تعالى قال: لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ ثم استثنى الخمر والميسر من ذلك، فصارا من المحرمات، لا من المحللات، ثم استثنى أيضا نوعا آخر وهو هذا النوع من الصيد: وهو صيد الإحرام، وبيّن جزاءه، فصار مستثنى مما أحل الله، داخلا فيما حرمه ومنعه على المؤمنين.
التفسير والبيان:
يا أيها الذين صدقوا بالله ورسوله، ليختبرنكم الله بإرسال كثير من الصيد، أو ببعض الصيد وهو صيد البر، تأخذونه بالأيدي أو تصطادونه بالرماح، وهو بيان لحكم صغار الصيد وكباره. وخص الأيدي والرماح لأن الصيد يكون بهما غالبا. وتنكير قوله: بِشَيْءٍ للتحقير. وإنما امتحنوا بهذا الشيء الحقير

صفحة رقم 50

تنبيها على أن من لم يثبت أمام هذه الأشياء، علما بأن الصيد طعام لذيذ شهي وخصوصا في الأسفار، فكيف يثبت عند شدائد المحن؟! والامتحان بترك ما ينال بسهولة، وهو طيب، أشق على النفس وأدل على التقوى والخوف من الله، من ترك ما لا ينال إلا بمشقة، وهو قليل الأهمية.
وكذلك يكون الصيد بالفخ والحبالة ونحوها من الوسائل، وما وقع فيها يكون لصاحبها، فإن ألجأ الصيد إليها أحد كان صاحبها شريكه فيه.
ثم بيّن الله تعالى سبب الابتلاء أو الاختبار بقوله: لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ أي يبتليكم الله حال إحرامكم ليظهر ما علمه أزلا من أهل طاعته ومعصيته أنه حاصل منهم في حال الحياة، وأن صلابة الإيمان تظهر الخوف من الله تعالى في حال أسر والخفية كما في حال الجهر والعلانية. والخلاصة: إنه تعالى يريد أن يعاملكم معاملة المختبر، وإن كان هو عالما به منذ الأزل، لتزكية النفوس وتطهيرها وصقلها.
فَمَنِ اعْتَدى... أي فمن تجاوز حدود الله بعد هذا البيان الشافي في الصيد، فله عذاب شديد الألم في الآخرة إذ هو لم يبال باختبار الله له لأن المخالفة بعد الإنذار مكابرة وعدم مبالاة.
ثم حرم الله تعالى صيد البر حال الإحرام، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وهذا النهي العام لكل مسلم ذكر وأنثى هو الابتلاء المذكور في الآية السابقة: لَيَبْلُوَنَّكُمُ.
فيا أيها الذين صدقوا بالله والرسول والقرآن، لا تقتلوا صيد البر- والقتل يشمل كل ما يزهق الروح- وأنتم محرمون بحج أو عمرة، لا بالمباشرة ولا بالتسبب كالإشارة والدلالة، ولا في حرم مكة والمدينة وإن لم تكونوا محرمين كما ثبت في

صفحة رقم 51

السنة
لقوله صلّى الله عليه وسلّم لبعض أصحابه: هل أشرتم؟ هل دللتم؟ قالوا: لا، قال:
إذن فكلوا.
فهذه الآية تدل على أن المحرم ممنوع من الصيد مطلقا داخل الحرم وخارجه، وعلى أن الحلال ممنوع من الصيد داخل الحرم.
ويرى الجمهور أنه لا بأس بأكل المحرم الصيد إذا لم يصد له، ولا من أجله
لما رواه النسائي والترمذي والدارقطني عن جابر: أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم».
ورأى الحنفية: أن أكل الصيد للمحرم جائز على كل حال إذا اصطاده الحلال، سواء صيد من أجله أو لم يصد لظاهر قوله تعالى: لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ فحرّم صيده وقتله على المحرمين، دون ما صاده غيرهم،
ولحديث البهزي- واسمه زيد بن كعب- في رواية مالك وغيره عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم في حمار الوحش العقير أنه أمر أبا بكر، فقسمه في الرّفاق.
وحديث أبي قتادة عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم وفيه: «إنما هي طعمة أطعمكموها الله» فقد أكل النّبي صلّى الله عليه وسلّم والصحابة مما أهدي إليهم من لحم الحمار الوحشي.
والمراد بالصيد: المصيد، لقوله تعالى: تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ واختلف العلماء في المراد بمدلوله، فذهب الحنفية إلى أن المراد منه الحيوان المتوحش مطلقا، سواء أكان مأكولا أم غير مأكول لأن الصيد اسم عام يتناول كل ما يصاد من المأكول ومن غير المأكول، وهو اسم عربي واضح الدلالة على معناه، وقد كانت العرب تصطاد، وتطلق اسم الصيد على كل ما تناولته أيديهم ورماحهم.
وخصه الشافعية بالمأكول لأنّ الذي يحرم أكله ليس بصيد، فوجب أن لا يضمن، وكونه ليس بصيد لأن الصيد: ما يحل أكله لقوله تعالى بعد هذه الآية: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ، وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ

صفحة رقم 52

الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً
هذا ما ذكره الفخر الرازي دليلا للشافعي، وهو في الواقع دليل ضعيف لأن هذه الآية إن دلت على شيء، فليس الذي تدل عليه أن الصيد هو المأكول لأن قوله: مَتاعاً لَكُمْ أي نفعا أعم من أن يكون من طريق الأكل أو من طريق الحلية مثلا.
وذكر الرازي أيضا دليلا آخر للشافعي وهو
الحديث المشهور الذي رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه عن عائشة: «خمس فواسق ليس على المحرم في قتلهن جناح: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور»
هذا اللفظ للبخاري،
وفي رواية «السبع الضاري»
وفي رواية مسلم: «يقتلن في الحل والحرم». وفيها: «والغراب الأبقع»
والسبع الضاري نص في المسألة، ووصفت بكونها فواسق، وحكم بحل قتلها، وذكر هذا الحكم عقب الوصف المناسب مشعر بكون الحكم معللا بذلك الوصف، وهذا يدل على أن كونها فواسق علة لحل قتلها، والفسق: الإيذاء، وهي موجودة في السباع، فوجب جواز قتلها «١». ويناقش هذا الدليل بأنه لا يصلح حجة على الحنفية القائلين: إن الصيد اسم عام يتناول المأكول وغير المأكول، لا يخرج عنه شيء إلا ما أخرج الدليل، وقد أخرج الدليل الخمس الفواسق لأنها فواسق، لا لأنها ليست بصيد ولا لأنها غير مأكولة.
وبه يظهر أن ما أورده الرازي دليلا للشافعي من القرآن والخبر لا يصلح دليلا للدعوى، وإنما الذي يصلح دليلا أن يثبت أن الصيد خاص بالمأكول، فإن ثبت هذا كانت الآية حجة للشافعية، وإلا فهي ظاهرة في العموم حتى يقوم الدليل على الخصوص.
وقوله تعالى: لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ لفظ عام يشمل كل صيد بري وبحري،

(١) تفسير الرازي: ١٢/ ٨٧

صفحة رقم 53

لكن جاء قوله تعالى: وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً فأباح صيد البحر مطلقا.
ثم بيّن الله تعالى جزاء صيد الإحرام حال القتل العمد فقال: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ... أي ومن قتل شيئا من الصيد وهو محرم، متعمدا قتله، فعليه جزاء من الأنعام، مماثل لما قتله في الهيئة والصورة إن وجد، وإن لم يوجد المثيل فتجب القيمة.
والمماثل للنعامة بدنة (ناقة) ولحمار الوحش بقرة، وللظبي شاة، وفي الطير قيمته، إلا حمام مكة، فإن في الحمامة شاة، اتباعا للسلف في ذلك.
روى الدارقطني عن جابر عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «في الضبع إذا أصابه المحرم كبش، وفي الظبي شاة، وفي الأرنب عناق، وفي اليربوع جفرة «١» ».
ويلاحظ أن ظاهر الآية ترتيب الجزاء على القتل العمد، لكن يرى الجمهور غير أحمد أن الجزاء يترتب على قتل الصيد مطلقا، سواء تعمد القاتل قتله أو أخطأ فيه، وسواء كان متذكرا إحرامه أم ناسيا، عملا بالثابت في السنة النبوية.
وإنما خص العمد بالبيان القرآني لأجل أن يرتب عليه الانتقام عند العود، لأن العمد هو الذي يترتب عليه ذلك، دون الخطأ. ويرى أحمد في رواية عنه: أنه لا شيء على المخطئ والناسي، لأنه لما خصّ تعالى المتعمد بالذكر، دل على أن غيره بخلافه.
والمراد بالمثل في رأي ابن عباس ومالك والشافعي ومحمد بن الحسن والإمامية: هو النظير، لأن الله أوجب مثل المقتول مقيدا بكونه من النّعم، فلا بد أن يكون الجزاء مثلا من النعم، وذلك لا يكون إلا بأن يكون من الحيوانات

(١) العناق: الأنثى من ولد المعز قبل بلوغ السنة، والجفرة: الأنثى من ولد الضأن البالغة أربعة أشهر.

صفحة رقم 54

التي تماثل المقتول، فلا تجب القيمة، لأنها ليست من النعم. وأوجب عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم من الصحابة في النعامة بدنة، وفي حمار الوحش بقرة، ونحو ذلك.
ورأى أبو حنيفة وأبو يوسف أن الواجب هو قيمة الصيد المقتول باعتبار كونه صيدا، وتقدر القيمة في مكان الصيد وفي زمانه، لأن القيمة تتفاوت باعتبار المكان والزمان، لأن الله أوجب مثل المقتول مطلقا، والنظير متعذر، فينتقل إلى المثل في المعنى، وقد عهد في الشرع عند إطلاق المثل أن يراد المشارك في النوع أو القيمة، قال تعالى: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ [البقرة ٢/ ١٩٤] والمراد من المثل: النظير بالنوع في المثليات، والقيمة في القيميات.
والحيوانات من القيميات، فتجب قيمتها، والأولى أن يراد بالمثل القيمة فيما اختلفت أنواعه، وقد أهدر الشرع في ضمان المتلفات المماثلة في الصورة. ويؤيد الحنفية قوله تعالى: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ فإن اللجوء إلى حكمين اثنين من عدول المسلمين إنما يكون في شيء تختلف فيه الأنظار والخبرات، وذلك في القيمة.
ثم قال تعالى عن تقدير الجزاء: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أي يحكم بالجزاء من النعم في المثل أو بالقيمة في غير المثل على رأي الجمهور رجلان مؤمنان عدلان، لأن تحديد المماثلة بين الصيد ومثيله يحتاج لتقدير خبيرين، لخفائه على أكثر الناس.
ويذبح المثل في الحرام المكي لقوله تعالى: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أي إن الجزاء يكون هديا (شاة أو كبشا مثلا) وأصلا إلى الكعبة، ويذبح في جوارها، ويوزع لحمه على مساكين الحرم. فالمراد بالاتفاق: وصوله إلى الحرم بأن يذبح هناك ويفرّق لحمه على مساكين الحرم.

صفحة رقم 55

ثم رخص الشرع فخيّر بين ذبح الهدي أو إطعام المساكين أو الصيام، فقال تعالى: أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً أي إن قاتل الصيد مخير بين الالتزام بمماثل من النعم، أو بإخراج كفارة هي طعام مساكين لكل مسكين مد بقدر قيمة الصيد. أو بما يعادل ذلك الطعام من الصيام. والقول بالتخيير هو المقرر في المذاهب الأربعة، لظاهر أَوْ التي هي للتخيير، لكن التخيير في رأي الحنفية محصور بالقيمة، فيخير المحكوم عليه بالقيمة: إن شاء اشترى بها هديا فذبح بمكة، وإن شاء اشترى بها طعاما، فتصدق به على كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير، وإن شاء صام يوما عن كل من نصف صاع البر أو صاع التمر والشعير، والحكمان في رأي أبي حنيفة وأبي يوسف: يقدران قيمة الجزاء من هدي أو طعام أو صيام، وقاتل الصيد مخير بفعل أي خصلة. وقال محمد بن الحسن والشافعي: بل الخيار للحكمين، ومتى حكما بشيء التزمه القاتل.
والمراد من الكعبة: الحرم، وإنما خصت بالذكر للتعظيم، فلو ذبح الهدي في غير الحرم كان إطعاما، والإطعام يجوز في الحرم وفي غيره. ويرى الشافعي أن الإطعام يكون في الحرم كالهدي. وهذا لم تتعرض له الآية.
وعلل تعالى إيجاب الجزاء بقوله: لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ أي شرعنا الجزاء على قتل الصيد ليذوق القاتل وبال أمره أي ثقل فعله وسوء عاقبة أمره وهتكه لحرمة الإحرام.
والماضي معفو عنه: عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ أي لم يجعل إثما فيما وقع منكم في الجاهلية أو قبل هذا التحريم من قتل الصيد في حال الإحرام، ولم يؤاخذكم عليه.
ولكن وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ أي ومن عاد إلى قتل الصيد وهو محرم بعد هذا النهي، فإن الله ينتقم منه في الآخرة لإصراره على المخالفة والذنب.

صفحة رقم 56

وَاللَّهُ عَزِيزٌ أي غالب على أمره فلا يغلبه العاصي ذُو انْتِقامٍ يعاقب من اقترف الذنب بعد النهي عنه.
وأوجب الجمهور الكفارة على العائد، فيتكرر الجزاء عندهم بتكرر القتل، لأن عذابه في الآخرة لا يمنع وجوب الجزاء عليه في الدنيا.
وتدل الآية على أن الجزاء الدنيوي يمنع عقاب الآخرة إذا لم يتكرر الذنب، فإن تكرر استحق المذنب جزاء الدنيا (الكفارة) والآخرة (نار جهنم).
وأما صيد البحر فحلال: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ أي أبيح لكم صيد البحر، أي اصطياده، وطعامه الذي يلقيه، فيجوز للمحرم تناول ما صيد من البحر، سواء كان حيا أو ميتا، قذفه البحر أو طفا على وجه الماء، أو انحسر عنه الماء، فهو
كما أخبر النّبي صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه أصحاب السنن الأربعة عن أبي هريرة: «الطهور ماؤه، الحل ميتته».
مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ أي أحللنا لكم ذلك لتنتفعوا به، مقيمين ومسافرين، فمن كان مقيما فليأكل من صيده الطازج، ومن كان مسافرا فليأكل من الطازج إن كان سفره في البحر، أو من المحفوظ أو المثلّج إن كان سفره في البّر، وصيود البحر فيها منفعة ومتعة في السفر والحضر، سواء بالأكل أو بالادخار، أو بالانتفاع بمنافع أخرى غير الأكل كاصطياد اللآلئ أو أخذ الزيت وما قد يفيد من العظم والسن والعنبر.
وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً أما صيد البر من الوحش والطير:
وهو ما يكون توالده ومثواه في البر، مما هو متوحش بأصل خلقته، فحرام ذاته واصطياده منكم ما دمتم محرمين، لا ما صاده غيركم، فلا مانع من أكل ما صاده غيركم أو صدتموه وأنتم حلال في غير الإحرام. وقد عرفنا أن الجمهور يجيزون أكل المحرم الصيد البري إذا لم يصد له ولا من أجله،
للحديث المتقدم: «صيد البر لكم حلال

صفحة رقم 57

ما لم تصيدوه، أو يصد لكم».
وتوسع الحنفية فأجازوا أكل الصيد للمحرم على كل حال إذا اصطاده الحلال، سواء صيد من أجله أو لم يصد من أجله، عملا بظاهر الآية،
وبما رواه محمد عن أبي حنيفة عن ابن المنكدر عن طلحة بن عبيد الله: «تذاكرنا لحم الصيد يأكله المحرم، والنّبي صلّى الله عليه وسلّم نائم، فارتفعت أصواتنا، فاستيقظ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: فيم تتنازعون، فقلنا: في لحم الصيد يأكله المحرم، فأمرنا بأكله»
وروى مسلم من حديث أبي قتادة قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حاجا، وخرجنا معه، فصرف نفرا من أصحابه فيهم أبو قتادة فقال: خذوا ساحل البحر حتى تلقوني، قال: فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا قيل:
يا رسول الله، أحرموا كلهم إلا أبا قتادة، فإنه لم يحرم، فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش، فحمل عليها أبو قتادة، فأصاب منها أتانا، فنزلوا فأكلوا من لحمها، قال: فقالوا: أكلنا لحما ونحن محرمون؟» إلخ القصة، وفيها: «أنهم استفتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: هل معكم أحد أمره أو أشار عليه بشيء، قال: لا، قال: فكلوا».
ثم ختم الله تعالى بيان حكم الصيد حال الإحرام بالأمر بالتقوى، كما هو الشأن الغالب في تبيان الأحكام، فقال: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ أي اتقوا فيما نهاكم عنه من الصيد ومن جميع المعاصي كالخمر والميسر، واخشوه واحذروه بطاعته فيما أمركم به من الفرائض، فإنكم ستعرضون عليه يوم الحشر، ومصيركم ومرجعكم إليه، فيحاسبكم حسابا عسيرا، يعاقب العاصي، ويثيب الطائع. وهذا تشديد وتنبيه عقب هذا التحليل والتحريم، والتذكير بأمر الحشر والقيامة مبالغة في التحذير.
فقه الحياة أو الأحكام:
١- الدنيا كلها دار ابتلاء واختبار، وقد اختبر الله تعالى المؤمنين ليمتحن مدى صلابتهم في التمسك بأحكام دينهم وأصول شرعهم، اختبرهم بالصيد مع

صفحة رقم 58

الإحرام وفي الحرم، وكان الصيد أحد معايش العرب العاربة، وشائعا عند الجميع منهم، ومصدر رزق ومتعة وتسلية، وذلك كما اختبر بني إسرائيل في ألا يعتدوا في السبت، فاحتالوا يوم الجمعة على صيد السمك بإقامة حواجز أمام حركة الجزر البحري بعد المد الحامل للسمك، ثم أخذوا ما حجز يوم الأحد، أما المؤمنون فقد امتثلوا المنع والحظر.
٢- الصحيح أن الخطاب في الآية لجميع الناس محلّهم ومحرمهم، لقوله تعالى: لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ أي ليكلفنكم، والتكليف كله ابتلاء، وإن تفاضل في الكثرة والقلة، وتباين في الضعف والشدة.
٣- احتج أبو حنيفة بهذه الآية على أن الصيد للآخذ لا لمن أثاره (المثير) لأن المثير لم تنل يده ولا رمحه بعد شيئا.
٤- كره مالك صيد أهل الكتاب ولم يحرمه، لقوله تعالى: تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ يعني أهل الإيمان، لأن صدر الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فخرج عنهم أهل الكتاب. وخالفه الجمهور، لقوله تعالى: وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ والصيد عندهم مثل ذبائحهم. وأجاب المالكية بأن الآية تضمنت أكل طعامهم، والصيد نوع أخر، فلا يدخل في عموم الطعام، ولا يتناوله مطلق لفظه. لكن هذا الجواب ضعيف، لأن الصيد كان مشروعا عند أهل الكتاب، فيجوز لنا أكله، لتناول اللفظ له، فإنه من طعامهم كما ذكر القرطبي.
٥- هل يجوز للمحرم ذبح الصيد؟ قال مالك وأبو حنيفة: لا يجوز ذبح المحرم للصيد، لنهي الله سبحانه المحرم عن قتله: لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ فصار المحرم ليس أهلا لذبح الصيد. وقال الشافعي: ذبح المحرم للصيد جائز، لأنه ذبح صدر من أهله وهو المسلم، مضاف إلى محله وهو الأنعام، فأفاد مقصوده من حلّ الأكل، كذبح الحلال.

صفحة رقم 59

٦- هل تستثنى السباع من صيد البر؟ للعلماء آراء ثلاثة:
قال مالك: كل شيء لا يعدو من السباع مثل الهر والثعلب والضبع وما أشبهها، فلا يقتله المحرم، وإن قتله فداه. ولا بأس بقتل كل ما عدا ذلك على الناس في الأغلب، مثل الأسد والذئب والنمر والفهد، وكذلك لا بأس عليه بقتل الحيات والعقارب والفأرة والغراب والحدأة،
لقوله صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه مسلم والنسائي وابن ماجه عن عائشة: «خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الحية، والغراب الأبقع، والفأرة، والكلب العقور، والحديا».
والخلاصة: أنه لا بأس بقتل المذكور في هذا الحديث ويقاس عليها السباع.
وأما قاتل الزّنبور والبرغوث والذباب والنمل ونحوه فيطعم قاتله شيئا في رأي مالك. وثبت عن عمر إباحة قتل الزنبور.
وقال أبو حنيفة: لا يقتل المحرم من السباع إلا الكلب العقور والذئب خاصة، سواء ابتدأه أو ابتدأهما، وإن قتل غيره من السباع فداه، فإن ابتدأه غيرهما من السباع فقتله فلا شيء عليه. ولا شيء عليه في قتل الحية والعقرب والغراب والحداة، لأن النّبي صلّى الله عليه وسلّم خص دوابّ بأعيانها، وأرخص للمحرم في قتلها من أجل ضررها، فلا وجه أن يزاد عليها إلا أن يجمعوا على شيء فيدخل في معناها. والخلاصة: لا بأس بقتل المذكور في الحديث، ولا يقاس عليها السباع.
أما الذئب فهو كالكلب.
وقال الشافعي: كل ما لا يؤكل لحمه، فللمحرم أن يقتله، وصغار ذلك وكباره سواء، إلا السّمع وهو المتولد بين الذئب والضبع. وليس في الرّخمة والخنافس والقردان والحلم (الصغيرة من القردان) وما لا يؤكل لحمه شيء، لأن هذا ليس من الصيد، لقوله تعالى، وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً فدل أن الصيد الذي حرّم عليهم: ما كان قبل الإحرام حلالا. أما القملة فتفدى

صفحة رقم 60

وإن كانت تؤذي، لأنها مثل الشعر والظفر ولبس المخيط، لأن في طرح القملة إماطة الأذى عن نفسه إذا كانت في رأسه ولحيته، فكأنه أماط بعض شعره، فأما إذا ظهرت فقتلت فإنها لا تؤذي. والخلاصة: كل ما يؤذي مما ذكر في الحديث ونحوه من السباع، وكذا الخنافس والقردان لا شيء في قتله.
٦- صيد الحرم المكي والمدني: أي حرم مكة وحرم المدينة، وزاد الشافعي حرم الطائف: لا يجوز قطع شجره، ولا صيد صيده، ومن فعل ذلك أثم ولا جزاء عليه في مذهبي مالك والشافعي، ودليل التحريم
قوله صلّى الله عليه وسلّم في الصحيح: «اللهم إن إبراهيم حرّم مكة، وإني أحرّم المدينة مثل ما حرّم به مكة، ومثله معه، لا يختلى خلاها «١»، ولا يعضد شجرها، ولا ينفّر صيدها»
ودليل عدم أخذ الجزاء: عموم
قوله صلّى الله عليه وسلّم في الصحيح: «المدينة حرم ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثا أو أوى محدثا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا «٢» »
فأرسل صلّى الله عليه وسلّم الوعيد الشديد، ولم يذكر كفارة.
وقال أبو حنيفة: صيد المدينة غير محرّم، وكذلك قطع شجرها،
لحديث سعد بن أبي وقاص عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «من وجدتموه يصيد في حدود المدينة أو يقطع شجرها، فخذوا سلبه»
أي ما يكون معه من متاع وسلاح، لكن اتفق الفقهاء على أنه لا يؤخذ سلب من صاد في المدينة، فدل ذلك على أنه منسوخ. واحتج لهم الطحاوي أيضا
بحديث أنس: «ما فعل النّفير؟»
فلم ينكر صيده وإمساكه.

(١) الخلى: النبات الرقيق ما دام رطبا، ويختلى: يقطع.
(٢) عير: جبل بناحية المدينة. وأما ثور فهو جبل بمكة، وذكره هنا وهم من الراوي وخطأ.
والصرف: التوبة، والعدل: الفدية.

صفحة رقم 61

قال القرطبي: وهذا كله لا حجة فيه. أما الحديث الأول فليس بالقوي، ولو صح لم يكن في نسخ أخذ السّلب ما يسقط ما صح من تحريم المدينة، فكم من محرّم ليس عليه عقوبة في الدنيا. وأما الحديث الثاني فيجوز أن يكون صيد في غير الحرم.
٧- ذكر الله تعالى جزاء صيد الإحرام حال القتل العمد، والمتعمد: هو القاصد للشيء مع العلم بالإحرام، ولم يذكر المخطئ والناسي، والمخطئ: هو الذي يقصد شيئا فيصيب صيدا، والناسي: هو الذي يتعمد الصيد ولا يذكر إحرامه.
فاختلف العلماء في ذلك على خمسة أقوال: منها قول الجمهور: يجب الجزاء على قتل صيد الإحرام مطلقا، ذاكرا أم ناسيا، وقد ثبت وجوب الجزاء في العمد بالقرآن، وفي الخطأ والنسيان بالسنة أي بما ورد من الآثار عن عمر وابن عمر، ولأن الله تعالى أوجب الجزاء ولم يذكر الفساد، ولا فرق بين أن يكون ذاكرا للإحرام أو ناسيا له،
ولأن النّبي صلّى الله عليه وسلّم سئل عن الضّبع فقال: «هي صيد»
وجعل فيها إذا أصابها المحرم كبشا، ولم يقل عمدا ولا خطأ. وقوله: «متعمدا» خرج على الغالب، فألحق به النادر كأصول الشريعة.
وقال أحمد في رواية عنه والطبري: لا شيء على المخطي والناسي، عملا بالنص القرآني.
٨- حالة العود أو التكرار: إن قتل المحرم في إحرامه شيئا من الصيد، ثم عاد إلى القتل مرة أخرى، فعليه في رأي الجمهور (مالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم) الجزاء كلما قتل، لقوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ، وَأَنْتُمْ حُرُمٌ الآية.. فالنهي دائم مستمر عليه، ما دام محرما، فمتى قتله، فالجزاء لأجل ذلك لازم له.
٩- دل قوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ على أن الواجب

صفحة رقم 62

عليه جزاء مماثل واجب أو لازم من النّعم. وهذا مؤيد لرأي الجمهور غير أبي حنيفة وأبي يوسف، كما تقدم في تفسير الآية.
والجزاء إنما يجب بقتل الصيد، لا بنفس أخذه، كما قال تعالى، فمن أخذ الصيد ثم حبسه بعد أن نتف ريشه أو قطع شيئا من أعضائه وسلمت نفسه وصح ولحق بالصيد، فلا شيء عليه في مذهب مالك.
١٠- جزاء الصيد شيئان: دواب وطير، فيجزى عند الشافعي ما كان من الدواب بنظيره في الخلقة والصورة، ففي النعامة: بدنة، وفي حمار الوحش وبقرة الوحش: بقرة، وفي الظبي: شاة، أي أن المثل في رأيه هو الأصل في الوجوب إن وجد، فإن عدم يقوم المثل وتؤخذ قيمة المثل كقيمة الشيء في المتلفات.
وأقل ما يجزئ عند مالك: ما استيسر من الهدي وكان أضحية، وذلك كالجذع من الضأن، والثّنيّ مما سواه، وما لم يبلغ جزاؤه ذلك، ففيه إطعام أو صيام، وفي الحمام كله قيمته إلا حمام مكة، فإن في الحمامة منه شاة، اتباعا للسلف في ذلك.
وقال أبو حنيفة: إنما يعتبر المثل في القيمة دون الخلقة، فيقوّم الصيد دراهم في المكان الذي قتله فيه أو في أقرب موضع إليه إن كان لا يباع الصيد في موضع قتله، فيشتري الصائد بتلك القيمة هديا إن شاء، أو يشتري بها طعاما ويطعم المساكين، كل مسكين نصف صاع من بر، أو صاعا من شعير أو تمر.
١١- من أحرم من مكة فأغلق باب بيته على فراخ حمام، فماتت، فعليه في كل فرخ شاة. قال مالك: وفي صغار الصيد مثل ما في كباره، وفي بيض النعامة عشر ثمن البدنة، وفي بيض الحمامة المكية عشر ثمن الشاة. وأكثر العلماء يرون في بيض كل طائر القيمة، بدليل
ما أخرج الدارقطني عن كعب بن عجرة أن النبي

صفحة رقم 63

صلّى الله عليه وسلّم قضى في بيض نعام أصابه محرم بقدر ثمنه.
وروى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «في كل بيضة نعام: صيام يوم أو إطعام مسكين».
وأما ما لا مثل له كالعصافير والفيلة: فقيمة لحمه أو عدله من الطعام، لأن المراعى فيما له مثل وجوب مثله، فإن عدم المثل فالقيمة قائمة مقامه كالغصب وغيره، ولأن العلماء أجمعوا على اعتبار القيمة فيما لا مثل له.
١٢- قال الشافعي والحسن البصري: إذا اتفق الحكمان لزم الحكم، وإن اختلفا نظر في غيرهما، ولا ينتقل عن المثل الخلقي إذا حكما به إلى الطعام، لأنه أمر قد لزم. وقال مالك: يخيّر الحكمان قاتل الصيد كما خيّره الله في أن يخرج هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ، أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ، أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً فإن اختار الهدي حكما عليه بما يريانه نظيرا لما أصاب، وما لم يبلغ شاة حكما فيه بالطعام، ثم خيّر في أن يطعمه أو يصوم مكان كل مد يوما.
١٣- هل يجوز أن يكون الجاني أحد الحكمين؟ فيه رأيان:
قال أبو حنيفة ومالك: لا يجوز أن يكون الجاني أحد الحكمين، لأن ظاهر الآية يقتضي جانيا وحكمين، ولأنه قد يتهم في حكمه لنفسه.
وقال الشافعي وأحمد: يكون الجاني أحد الحكمين لعموم الآية، ولأن عمر فيما رواه ابن جرير حكّم معه جانيا محرما قتل ظبيا، فحكما فيه جديا قد جمع الماء والشجر.
١٤- إذا اشترك جماعة محرمون في قتل صيد، فقال مالك وأبو حنيفة:
على كل واحد جزاء كامل، لأن قوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً، فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ خطاب لكل قاتل، وكل واحد من القاتلين قاتل نفسا على التمام والكمال، بدليل قتل الجماعة بالواحد اتفاقا.

صفحة رقم 64

وقال الشافعي: عليهم كلهم كفارة واحدة، لقضاء ابن عمر وعبد الرحمن بن عوف وابن عباس بذلك، روى الدارقطني أن موالي لابن الزبير قتلوا ضبعا، فحكم عليهم ابن عمر بكبش.
١٥- قال أبو حنيفة: إذا قتل جماعة صيدا في الحرم المكي، وكلهم محلّون، عليهم جزاء واحد، بخلاف ما لو قتله المحرمون في الحل والحرم، على كل واحد جزاء كامل. ودليله أن الجناية في الإحرام على العبادة قد ارتكب كل واحد منهم محظور إحرامه. وإذا قتل المحلّون صيدا في الحرم، فإنما أتلفوا دابة محرمة، بمنزلة ما لو أتلف جماعة دابة، فإن كل واحد منهم قاتل دابة، ويشتركون في القيمة.
وقال مالك: على كل واحد منهم جزاء كامل، بناء على أن الرجل يكون محرما بدخوله الحرم، كما يكون محرما بتلبيته بالإحرام. قال ابن العربي:
وأبو حنيفة أقوى منا.
١٦- يرى المالكية أن الحكمين إذا حكما بالهدي فإنه يفعل به ما يفعل بالهدي من الإشعار والتقليد، ويرسل من الحلّ إلى مكة. وقال الشافعي: لا يحتاج الهدي إلى الحل، وإنما يبتاع في الحرم ويهدى فيه. واتفقوا على أنه ينحر في مكة ويتصدق به فيها، لقوله تعالى: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ ولم يرد الكعبة بعينها، فإن الهدي لا يبلغها، إذ هي في المسجد، وإنما أراد الحرم.
أما الإطعام فيكون في رأي المالكية الراجح في الحرم وغيره، وفي مذهب الشافعي: في مكة لأنه بدل عن الهدي، وفي رأي أبي حنيفة: بموضع الإصابة مطلقا، اعتبارا بكل طعام وفدية، فإنها تجوز بكل موضع.
١٧- الكفارة بإطعام مساكين إنما هي عن الصيد لا عن الهدي، فيقوم الصيد، وينظركم ثمنه من الطعام، فيطعم لكل مسكين مدا أو يصوم مكان كل

صفحة رقم 65

مد يوما، ويخير الجاني في رأي جمهور الفقهاء بين الخصال الثلاث (الهدي أو الإطعام أو الصيام) سواء كان موسرا أو معسرا، لأن أَوْ للتخيير.
وقال الحنفية: يتصدق على كل مسكين بنصف صاع من قمح أو صاع من تمر أو شعير، والتخيير محصور بالقيمة، يشتري بها هديا أو طعاما أو يصوم.
ووقت تقدير قيمة المتلف مختلف فيه، فقال قوم وهو الصحيح عند المالكية: يوم الإتلاف، وقال آخرون: يوم القضاء، وقال آخرون: يلزم المتلف أكثر القيمتين من يوم الإتلاف إلى يوم الحكم. والأرجح الرأي الأول، لأنه الوقت الذي تعلق به حق المتلف عليه.
١٨- الصيام في رأي الجمهور: يصوم عن كل مدّ يوما، وإن زاد على شهرين أو ثلاثة. وقال أبو حنيفة: يصوم عن كل مدين (نصف صاع) يوما، اعتبارا بفدية الأذى.
١٩- صيد البحر حلال لكل محرم، للآية: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ والمراد بالصيد هنا المصيد، وأضيف إلى البحر، لأنه السبب، وأما طعام البحر فهو ما لفظه البحر أو ألقاه.
ويؤكل في رأي الجمهور كل ما في البحر من السمك والدواب، وسائر ما في البحر من الحيوان، سواء اصطيد أو وجد ميتا أو كان طافيا،
لقوله صلّى الله عليه وسلّم في البحر فيما رواه مالك والنسائي وغيرهما: «هو الطهور ماؤه، الحلّ ميتته»
وأصح ما في الموضوع من جهة الإسناد
حديث جابر في الحوت الذي يقال له «العنبر» خرجه الصحيحان، وفيه: فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكرنا ذلك له فقال: «هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟ فأرسلنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منه، فأكله».
وقال أبو حنيفة: لا يؤكل السمك الطافي، ويؤكل ما سواه من السمك،

صفحة رقم 66

ولا يؤكل شيء من حيوان البحر إلا السمك لعموم قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ
ولما رواه أبو داود والدارقطني عن جابر بن عبد الله عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «كلوا ما حسر «١» عنه البحر وما ألقاه، وما وجدتموه ميتا أو طافيا فوق الماء فلا تأكلوه»
قال الدارقطني: تفرد به عبد العزيز بن عبيد الله، عن وهب بن كيسان عن جابر، وعبد العزيز ضعيف لا يحتجّ به.
٢٠- الحيوان البرمائي: اختلف العلماء في الحيوان الذي يكون في البر والبحر، هل يحل صيده للمحرم أم لا؟
قال مالك: كل ما يعيش في البر، وله فيه حياة فهو صيد البر، إن قتله المحرم وداه. ويجوز عنده أكل الضفادع والسلاحف والسرطان، وقال في المدونة: الضفادع من صيد البحر «٢».
ولا يجوز أكل الضفادع في بقية المذاهب، ويجوز عند الشافعي أكل خنزير الماء وكلب الماء، ولا يجوز عنده التمساح ولا القرش والدّلفين «٣»، وكل ماله ناب
لنهيه صلّى الله عليه وسلّم عن أكل كل ذي ناب.
٢١- أجمع العلماء على أنه لا يجوز للمحرم قبول صيد وهب له، ولا يجوز له شراؤه ولا اصطياده ولا استحداث ملكه بوجه من الوجوه، لعموم قوله تعالى:
وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً
ولما رواه الأئمة عن الصعب بن جثّامة الليثي أنه أهدى إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم حمارا وحشيا وهو بالأبواء أو بودّان، فرده عليه، فلما رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما في وجهه من الكراهة قال: إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم».

(١) حسر ونضب وجزر: بمعنى واحد.
(٢) تفسير القرطبي: ٦/ ٣٢٠
(٣) القرش: دابة مفترسة من دواب البحر المالح، والدلفين بالضم: دابة بحرية تنجي الغريق، والعامة تقول: الدرفيل.

صفحة رقم 67

٢٢- ما يأكله المحرم من الصيد البري: قال الجمهور: إنه لا بأس بأكل المحرم الصيد إذا لم يصد له، ولا من أجله،
لما رواه الترمذي والنسائي والدارقطني عن جابر: أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم»
قال الترمذي: هذا أحسن حديث في الباب. فإن أكل من صيد صيد من أجله فداه.
وقال الحنفية: أكل الصيد للمحرم جائز على كل حال إذا اصطاده الحلال سواء صيد من أجله أو لم يصد، لظاهر قوله تعالى: لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ فحرّم صيده وقتله على المحرمين، دون ما صاده غيرهم. واحتجوا بحديث البهزي وبحديث أبي قتادة المتقدمين.
وقال علي وابن عباس وابن عمر: لا يجوز للمحرم أكل صيد على حال من الأحوال، سواء صيد من أجله أو لم يصد، لعموم قوله تعالى: وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً
قال ابن عباس: هي مبهمة، ولحديث الصعب بن جثّامة الليثي المتقدم. ووجه هذا الحديث في رأي الجمهور: أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم ظن أن هذا إنما صاده من أجله، فرده لذلك، فأما إذا لم يقصده بالاصطياد فإنه يجوز له الأكل منه لحديث أبي قتادة السابق ذكره «١».
٢٣- إذا أحرم شخص وبيده صيد أو في بيته عند أهله، فقال مالك وأبو حنيفة وأحمد: إن كان في يده فعليه إرساله، وإن كان في أهله فليس عليه إرساله. وقال الشافعي في أحد قوليه: سواء كان في يده أو في بيته ليس عليه أن يرسله. وجه القول بإرساله: قوله تعالى: وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وهذا عام في الملك والتصرف كله.
ووجه القول بإمساكه: أنه معنى لا يمنع من ابتداء الإحرام، فلا يمنع من استدامة ملكه.

(١) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٠٣ وما بعدها.

صفحة رقم 68

٢٤- إن صاد الشخص الحلال صيدا في الحل، فأدخله الحرم، جاز له في مذهب المالكية التصرف فيه بكل نوع، من ذبحه، وأكل لحمه لأنه معنى يفعل في الصيد، فجاز في الحرم للحلال، كالإمساك والشراء، ولا خلاف فيها. وقال أبو حنيفة: لا يجوز.
٢٥- إذا دلّ المحرم حلالا على صيد، فقتله الحلال فقال مالك والشافعي وأبو ثور: لا شيء عليه. وقال أبو حنيفة وأحمد: عليه الجزاء لأن المحرم التزم بإحرامه ترك التعرض، فيضمن بالدلالة كالوديع إذا دل سارقا على سرقة الوديعة.
وإذا دل المحرم محرما آخر، فقال الحنفية وأشهب من المالكية: على كل واحد منهما جزاء،
لقوله صلّى الله عليه وسلّم في حديث أبي قتادة: «هل أشرتم أو أعنتم؟»
وهذا يدل على وجوب الجزاء.
وقال مالك والشافعي وأبو ثور: الجزاء على المحرم قاتل لقوله تعالى:
وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فعلق وجوب الجزاء بالقتل، فدل على انتفائه بغيره، ولأنه دال فلم يلزمه بدلالته غرم، كما لو دل الحلال في الحرم على صيد في الحرم. قال القرطبي: وهذا أصح.
٢٦- إذا كانت شجرة نابتة في الحل، وفرعها في الحرم، فأصيب ما عليه من الصيد، ففيه الجزاء، لأنه أخذ في الحرم. وإن كان أصلها في الحرم وفرعها في الحل، ففيه قولان عند المالكية: الجزاء نظرا إلى الأصل، ونفيه نظرا إلى الفرع.

صفحة رقم 69
التفسير المنير
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر المعاصر - دمشق
سنة النشر
1418
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية