آيات من القرآن الكريم

وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ
ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ

ورزقوا فكرا حرّا وعقلا رشيدا وروحا طيبة بعيدة عن التعصب تدين بمبدأ (الحكمة ضالة المؤمن يأخذها من أى وعاء خرجت).
أما السواد الأعظم من المسيحيين الذين غرقوا في بحار التعصب، ولم ينظروا ولم يكفروا وقالوا: إنا وجدنا آباءنا على أمة، أو من عرفوا الحق وأعرضوا عنه الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ «١» فهؤلاء وهؤلاء يقول الله فيهم:
والذين كفروا وكذبوا بآياتنا الدالة على صدق نبينا أولئك هم أصحاب الجحيم الملازمون لها.
التشدد في الدّين [سورة المائدة (٥) : الآيات ٨٧ الى ٨٨]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٨٨)
المفردات:
طَيِّباتِ الطيب: ما تستلذه النفس ويميل إليه القلب. لا تَعْتَدُوا:
لا تتجاوزوا الحدود المرسومة لكم. طَيِّباً: غير مستقذر حسّا أو معنى.
سبب النزول:
روى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصف القيامة يوما لأصحابه فبالغ وأشبع الكلام في الإنذار، فرق فريق من الصحابة، واجتمعوا في بيت عثمان بن مظعون- وكان منهم على بن أبى طالب، وابن مسعود، والمقداد بن الأسود، وسالم مولى أبى حذيفة، وقدامة- واتفقوا على أن يظلوا صائمين قائمين وألا يناموا على الفراش، وألا يأكلوا

(١) سورة البقرة آية ١٤٦ والأنعام ٢٠.

صفحة رقم 552

اللحم وألا يقربوا النساء وأن يرفضوا الدنيا ويلبسوا المسوح، وهموا بالاختصاء، وأجمعوا على قيام الليل وصيام النهار. فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال لهم:
«إنى لم أومر بذلك، إن لأنفسكم عليكم حقا فصوموا وقوموا وأفطروا وناموا، فإني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وآكل اللحم، وآتى النساء، فمن رغب عن سنتي فليس منى» فنزلت الآية.
وعن ابن مسعود أن رجلا قال: إنى حرمت الفراش، فتلا هذه الآية وقال: نم على فراشك وكفر عن يمينك.
كان وصف النصارى بالرهبنة ربما يفيد أنها خير، فكانت هذه الآية القول الفصل والحكم العدل.
المعنى:
يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا ما طاب ولذ من الحلال فإنه مما تستلذه النفس ويميل إليه القلب، ولا تمنعوا أنفسكم من الطيبات منع تحريم، أو لا تقولوا: حرمنا على أنفسنا كذا وكذا مما هو حلال لكم ومباح.
لا تفعلوا هذا تنسكا وتقربا إلى الله، فإن الله لا يرضى عن ذلك بل ينهى عنه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ «١» ولا تجاوزوا حدود ما أحل الله لكم إلى ما حرم فقد حرم عليكم الخبائث وحرم عليكم الإسراف والتقتير، وجعلكم أمة وسطا فلا إفراط ولا تفريط: كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ «٢» وكلوا مما رزقكم الله حالة كونه حلالا لا إثم فيه كالربا والرشوة والسحت فإنها إثم وفسوق، وكلوا الطيب الذي ليس مستقذرا في نفسه كالمحرمات العشر السابقة في أول السورة، أو لطارئ كالفساد والتغير بطول المكث.
إن الله لا يحب المعتدين المتجاوزين حدود الشرع، على أن الأكل في الآية يراد به التمتع الشامل للشرب والأكل.

(١) سورة البقرة آية ١٧٢.
(٢) سورة الأعراف آية ٣١.

صفحة رقم 553
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية