آيات من القرآن الكريم

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ
ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘ ﰿ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ

ولعل سائلا يقول: لم يقال في جانب الشعب لبئس ما كانوا يعملون وفي جانب الأحبار والعلماء لبئس ما كانوا يصنعون؟
والجواب: أن الفعل ما يصدر عن الإنسان مطلقا، فإن قصد كان عملا، وإن صاحبه دوام ومرونة كان صنعة، وكان صاحبه صانعا.
على أن فاعل المعصية من الناس تدفعه شهوته ونفسه إليها، وأما الذي ينهاه من الأحبار والعلماء بالطبع لا شهوة معه تدفعه إلى العمل ولا إلى عدم الإنكار، أشد إثما وأعظم جرما من الفاعل نفسه.
روى عن ابن عباس: (ما في القرآن أشد توبيخا من هذه الآية) يريد أنها حجة على العلماء إذا هم قصروا في الهداية والإرشاد!!
من سيئات اليهود وطريق السعادة في الدارين [سورة المائدة (٥) : الآيات ٦٤ الى ٦٦]
وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٦٤) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٦٥) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ (٦٦)

صفحة رقم 533

المفردات:
اليد تطلق على الجارحة وتطلق مجازا على النعمة وعلى العطاء. مَغْلُولَةٌ:
ممسكة عن الإنفاق. غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ: أمسكت عن الإنفاق والخير.
مَبْسُوطَتانِ المراد: كثيرة العطاء. أَقامُوا التَّوْراةَ: عملوا بما فيها على أتم وجه وأكمله، وكذا الإنجيل. مُقْتَصِدَةٌ: معتدلة.
سبب النزول:
روى الطبراني عن ابن عباس قال: قال رجل من اليهود- قيل: هو النباش بن قيس، وقيل هو فنحاص كبير بنى قينقاع- قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم: إن ربك بخيل لا ينفق، فأنزل الله هذه الآية.
المعنى:
بعد أن عدد من سيئاتهم، وسجل عليهم بعض أعمالهم الموروثة، يذكر سيئة من أفظع سيئاتهم ألا وهي وصف الله- سبحانه- بما لا يتفق أبدا مع العقل، ولا يقول به رجل من أهل الكتاب.
وقالت اليهود- أى بعضهم-: يد الله مغلولة. وغل اليد وبسطها مجاز عن البخل والجود، ألا ترى إلى قوله سبحانه: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ [سورة الإسراء آية ٢٩] وقول النبي: «أطولكن يدا أسر عكن لحوقا بي يوم القيامة».
والمراد بطول اليد: الجود والكرم.
قال بعضهم: هذا لما أصابتهم أزمة مالية.
غلت أيديهم، وأمسكت عن الجود والخير، فهم القوم البخلاء الأنانيون لعنهم الله بما قالوا، فهو الكريم ويحب كل كريم، ويداه مبسوطتان للعطاء، ينفق كيف يشاء، على وفق الحكمة الإلهية فهو يعطى ويمنع، ويقبض ويبسط لحكم هو أعلم بها اللَّهُ

صفحة رقم 534

يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ
[سورة الرعد آية ٢٦]، وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ [سورة الشورى آية ٢٧].
وتالله ليزيدن الذي ينزل عليك من الآيات البينات التي تكشف سترهم وتطلعك على أعمالهم ونواياهم، ليزيدنهم ذلك طغيانا وظلما وجحودا وبطرا، يا سبحان الله! إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. ما كان سببا في الخير يكون عندهم سببا في الشر! ولقد حكم عليهم بأن ألقى بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، فلا يهمنك أمرهم، ولا تغتر باتفاقهم في فلسطين المنكودة، فهي سحابة صيف لهم، وتنبيه من الله لنا علّنا نثوب إلى رشدنا ونرجع إلى ديننا.
وكلما أوقدوا نارا للحرب في الخارج أو الداخل كإثارة الفتن وتشتيت الكلمة وتأليب العدو، كلما فعلوا هذا أطفأ الله نارهم، وأبطل عملهم، وهم دائما يسعون في الأرض فسادا، والله لا يحب المفسدين وسيجازيهم على ذلك بأقسى أنواع العقاب.
وفي كتب التاريخ القديم والحديث ما يشهد على هذا! ثم بعد هذا وسعت رحمته كل شيء وفتح باب كرمه للتائبين الذين يقبلون عليه ولو كانوا من أهل الكتاب أو غيرهم.
ولو أن أهل الكتاب آمنوا بكتبهم وبالقرآن ولم يحرفوا ولم يركبوا رءوسهم واتقوا الله في كل أعمالهم لكفرنا عنهم سيئاتهم التي اقترفوها ومحونا عنهم أوزارها ولأدخلناهم جنات النعيم.
ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل المنزلين من عند الله بنور التوحيد والهداية ولم يسمعوا لأحبارهم ومفترياتهم، وآمنوا بما أنزل إليهم من ربهم: لا سيما القرآن الكريم، وعملوا بما فيها على خير وجه وأتمه لبسط الله الرزق لهم وأنزل عليهم الخير والتوفيق وأكلوا من كل جهة وجانب.
وفي هذا إشارة إلى أن العمل الصالح من الإيمان الكامل مدعاة لرضا الرب وسعة الرزق، والسعادة في الدنيا والآخرة مع سلوك الطرق المعروفة والنظم المألوفة في عالم الاقتصاد!

صفحة رقم 535
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية