آيات من القرآن الكريم

وَتَرَىٰ كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ

وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، [سورة آل عمران: ٧٢]. فإذا رجعوا إلى كفارهم من أهل الكتاب وشياطينهم، رجعوا بكفرهم. وهؤلاء أهل الكتاب من يهود.
١٢٢٣٤ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير:"وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به"، أي: إنه من عندهم.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٦٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:"وترى" يا محمد ="كثيرًا"، من هؤلاء اليهود الذين قصصت عليك نبأهم من بني إسرائيل="يسارعون في الإثم والعدوان"، يقول: يعجلون بمواقعة الإثم. (١)
* * *
وقيل: إن"الإثم" في هذا الموضع، معنيّ به الكفر. (٢)
١٢٢٣٥ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله:"وترى كثيًرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان"، قال:"الإثم"، الكفر.
١٢٢٣٦ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"وترى كثيًرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان"، وكان هذا في حُكّام اليهود بين أيديكم. (٣)

(١) انظر تفسير"المسارعة" فيما سلف ١٠: ٤٠٤، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير"الإثم" فيما سلف ٩: ١٩٦، ١٩٧، ثم سائر فهارس اللغة.
(٣) في المطبوعة: "في أحكام اليهود"، والصواب من المخطوطة.

صفحة رقم 446

١٢٢٣٧ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"يسارعون في الإثم والعدوان"، قال: هؤلاء اليهود="لبئس ما كانوا يعملون"= (لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ)، إلى قوله: (لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)، قال:"يصنعون" و"يعملون" واحد. قال: لهؤلاء حين لم ينهوا، كما قال لهؤلاء حين عملوا.
قال: وذلك الإدهان. (١)
* * *
قال أبو جعفر: وهذا القول الذي ذكرناه عن السدي، وإن كان قولا غير مدفوع جوازُ صحته، فإن الذي هو أولى بتأويل الكلام: أن يكون القوم موصوفين بأنهم يسارعون في جميع معاصي الله، لا يتحاشون من شيء منها، لا من كفر ولا من غيره. لأن الله تعالى ذكره عمَّ في وصفهم بما وصفهم به من أنهم يسارعون في الإثم والعدوان، من غير أن يخصّ بذلك إثمًا دون إثم.
* * *
وأما"العدوان"، فإنه مجاوزة الحدّ الذي حدَّه الله لهم في كل ما حدَّه لهم. (٢)
* * *
وتأويل ذلك: أن هؤلاء اليهود الذين وصفهم في هذه الآيات بما وصفهم به تعالى ذكره، يسارع كثير منهم في معاصي الله وخلاف أمره، ويتعدَّون حدودَه التي حدَّ لهم فيما أحلّ لهم وحرّم عليهم، في أكلهم"السحت"= وذلك الرشوة التي يأخذونها من الناس على الحكم بخلاف حكم الله فيهم. (٣)
* * *
يقول الله تعالى ذكره:"لبئس ما كانوا يعملون"، يقول: أقسم لَبئس العمل ما كان هؤلاء اليهود يعملون، في مسارعتهم في الإثم والعدوان، وأكلهم السحت.
* * *

(١) قوله: "وذلك الإدهان"حذفت من المطبوعة، وهي في المخطوطة سيئة الكتابة هكذا: "قال: وذلك الإركان"، وصواب قراءته ما أثبت. و"الإدهان": اللين والمصانعة، في الدين وفي كل شيء، وفي التنزيل: "ودوا لو تدهن فيدهنون".
(٢) انظر تفسير"العدوان" فيما سلف ٩: ٣٦٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير"السحت" فيما سلف ١٠: ٣١٧- ٣٢٤.

صفحة رقم 447
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية