آيات من القرآن الكريم

وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا أُولَٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ
ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ

مسلم او ذمى لالتزامه حكم الشرع بالإسلام او الاستسلام بخلاف ما إذا كان المدعى عليه حربيا حيث لم يلتزم أحكامنا واما إذا ترافع مسلمان او ذميان او حربيان او مختلفان الى رجل من المسلمين غير الحكام ليحكم بينهم لا يجب عليه قبول التحكيم بل هو بالخيار ان شاء حكم بينهم وان شاء اعرض عنهم وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ بالعدل إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ العادلين قال رسول الله ﷺ ان المقسطين عند الله على منابر من نور رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو وعن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله ﷺ ان أفضل عباد الله عند الله منزلة يوم القيامة امام عادل رفيق وان شر الناس عند الله منزلة امام جائر خرق «١» رواه البيهقي فى شعب الايمان.
وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ تعجيب من تحكيمهم من لا يؤمنون به والحال انهم يعلمون حكم الله فان عندهم التورية فيها حكم الله وهو الرجم وهم لا يعملون به والحاصل انه ليس غرضهم من تحكيمهم إياك إصابة الحق واقامة الشرع بل انما يطلبون ما يكون أهون عليهم وان لم يكن حكم الله وقوله فيها حكم الله حال من التورية ان رفعتها بالظرف وان جعلتها مبتدأ فمن ضميرها المستكن فى الظرف وتانيثها لكونها نظيرة المؤنث فى كلام العرب كرماة ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ عطف على يحكمونك داخل فى التعجيب يعنى ثم يعرضون عن حكمك الموافق لكتابهم مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى بعد تحكيمك وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ٦ بشئ من كتب الله تعالى لا بالتورية والا لعملوا بها وأمنوا بما يصدقه ويوافقه ولا بكتابك.
إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً الى الحق وَنُورٌ ينكشف به احكام الله تعالى ويجتلى به القلوب الغير القاسية يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ موسى ومن بعده من الأنبياء آخرهم محمد ﷺ قضى عليهم بالرجم وقال الحسن والسدى أراد به محمدا ﷺ حكم على اليهود بالرجم وذكر بلفظ الجمع كما فى قوله تعالى ان ابراهيم كان امة قانتا ويحكم بصيغة المضارع يدل على ان حكم محمّد ﷺ ايضا داخل فى المقصود بالآية وقيل ان المراد بالنبيين هاهنا الذين بعثوا بعد موسى قبل عيسى

(١) الخرق بالضم الجهل والحمق ١٢

صفحة رقم 116

ليحكموا بالتورية بقرينة قوله تعالى وقفينا على اثارهم بعيسى وعلى تقدير شمول كلمة النبيين المذكورة محمدا ﷺ وغيره لا بد من التأويل فى قوله تعالى وقفينا على اثارهم بان الضمير راجع إليهم بالنسبة الى بعض افرادهم كما فى قوله تعالى وبعولتهن أحق بردهن ومن هاهنا قال ابو حنيفة يجب علينا العمل بشرائع من قبلنا ما لم يظهر نسخه قال رسول الله ﷺ انا اولى الناس بعيسى بن مريم فى الاولى والاخرة الأنبياء اخوة من علات أمهاتهم شتى ودينهم واحد الحديث متفق عليه يعنى دينهم واحد وهو ما قضى الله به سبحانه وطرق ظهور ذلك الدين فى الدنيا شتى بعدد تعينات الأنبياء الَّذِينَ أَسْلَمُوا اى انقادوا الحكم الله صفة أجريت على النبيين مدحا لهم وتنويها لشان المسلمين وتعريضا لليهود حيث لا يحكمون بما فى التورية ولا ينقادون لحكم الله تعالى لِلَّذِينَ هادُوا اى تابوا من الكفر متعلق بانزلنا او بالظرف المستقر أعنى فيها هدى ونورا وبيحكم اى يحكمون بها فى تحاكمهم وعلى التقدير الثالث قيل اللام بمعنى على كما فى قوله تعالى وان أسأتم فلها يعنى فعليها وقوله تعالى أولئك لهم اللعنة اى عليهم قلت وعلى هذا التأويل جاز ان يكون معنى الاية يحكم النبيون بالتورية على اليهود بكفرهم فان التورية يحكم عليهم انه إذا جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال البيضاوي هذا القيد يعنى للذين هادوا يدل على ان المراد بالنبيين فى هذه الاية أنبياء بنى إسرائيل الذين بعثوا بعد موسى عليه السّلام ليحكموا بما فى التورية لا من لم يومر بما فى التورية ومنهم عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم وكذا قوله تعالى لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا وهذا القول منه مبنى على مذهب الشافعي رح ان شرائع من قبلنا لا يكون حجة علينا قلنا قوله تعالى لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا لا يدل على نسخ جميع احكام التورية بل على بعضها او أكثرها وما لم يظهر نسخ حكم ثبت بالكتاب او السنة ان الله تعالى حكم به لا بد من العمل به لقوله تعالى فبهدئهم اقتده والله اعلم وَالرَّبَّانِيُّونَ اى الصوفية الزهاد يحكم بها المسترشدين منهم فيما يتعلق بتهذيب الأخلاق وتجلية القلوب وَالْأَحْبارُ جمع حبر بفتح الحاء وكسرها والكسر افصح هو العالم المحكم للشئ وقيل الحبر بمعنى الجمال فى الحديث يخرج من النار رجل قد ذهب حبره

صفحة رقم 117
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية