
حق العبد كاستهلاك صيد مملوك فى الإحرام سلمنا حرمة المحل لكن لاجل النهى لا لمعنى فيه كيف ولو حرم لعينه لم يحل للمسروق منه حال بقائه بعد القطع ولم يحل للزوج وطى المزنية بعد رجم الزاني لقوله تعالى فيه نكالا وايضا لو كانت الحرمة لعينه كالخمر والميتة يجب ان لا يجب القطع إذ لا قطع فى الخمر والميتة فينتفى القطع وما يودى الى انتفائه فهو المنتفى ولو يفرق بعصمة المسروق قبل السرقة بخلاف الخمر لقول سقوط العصمة ان لم يمنع القطع فلا اقل من ايراث الشبهة سلمنا الحرمة لعينه كالخمر لم لا يجوز ان يحرم بحرمتين او ثلث كشرب الخمر المملوكة للذمى فى صوم رمضان والزنا بامة غيره فى رمضان وأجابوا عن الاستدلال الثاني بانا لا نسلم ان السارق يملك المسروق مستندا من وقت الاخذ بل انما يجب عليه ضمان الاتلاف بالهلاك والاستهلاك وعن الثالث بان الحديث ضعيف ولو صح الحديث فلا يصادم عموم قوله تعالى فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم وقوله عليه السلام على اليد ما أخذت حتى يوديه رواه احمد واصحاب السنن الاربعة بسند صحيح والحاكم عن سمرة بن جندب وَاللَّهُ عَزِيزٌ غالب لا يعارض فى حكمه حَكِيمٌ فيما حكم اخرج احمد وابن جرير وابن ابى حاتم عن عبد الله بن عمر وان
امرأة سرقت على عهد رسول الله ﷺ فقطعت يدها اليمنى فقالت هل لى من توبة يا رسول الله قال نعم أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك فانزل الله تعالى.
فَمَنْ تابَ من السرقة وغيرها مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ اى معصية من السرقة وغيرها والمراد بالتوبة الندم على ما وقع منه من المعصية ورد المظلمة والاستغفار من الله تعالى والعزم على تركها وَأَصْلَحَ امره بعد ذلك فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ اى يرجع عليه بالرحمة وقبول التوبة فلا يعذبه فى الاخرة وهل يسقط عنه القطع فى الدنيا أم لا فقال احمد يسقط القطع عن السارق وكل حد بالتوبة لهذه الاية ولقوله تعالى واللذان يأتيانها منكم فاذوهما فان تابا وأصلحا فاعرضوا عنهما ولقوله عليه السّلام التائب من الذنب كمن لا ذنب له وفى قول للشافعى يسقط الحد إذا مضى على التوبة سنة وعند ابى حنيفة ومالك وهو رواية عن احمد وقول للشافعى لا يسقط شىء من الحدود بالتوبة الأحد قاطع الطريق بالاستثناء المذكور فى الاية قالوا هذه الاية لا تدل على سقوط الحد وقوله تعالى واللذان يأتيانها كان فى اوّل الأمر ثم نسخ ونحن نقطع بان رجم ما عز والغامدية كان بعد توبتهما.

(مسئلة:) ومن سرق سرقة ورد المسروق الى المالك قبل الارتفاع الى الحاكم لم يقطع وعن ابى يوسف يقطع اعتبارا بما إذا ردها بعد المرافعة وجه الظاهر ان الخصومة شرط الظهور السرقة فكانت شرطا فى القطع والخصومة لا تتصور بعد الرد بخلاف ما لوردها بعد المرافعة وسماع البينة والقضاء فانه يقطع وكذا بعد سماعها قبل القضاء استحسانا لظهور السرقة عند القاضي بالشهادة بعد الخصومة.
(مسئلة:) قطع السارق هل يكون له توبة اولا فقال مجاهد نعم لحديث عبادة ابن الصامت قال قال رسول الله ﷺ وحوله عصابة من أصحابه بايعونى على ان لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين ايديكم وأرجلكم ولا تعصوا فى معروف فمن وفى منكم فاجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب على ذلك فى الدنيا فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو الى الله ان شاء عفى عنه وان شاء عاقبه فبايعناه على ذلك متفق عليه وقال البغوي الصحيح ان القطع للجزاء على الجناية كما قال الله تعالى جزاء بما كسبا ولا بد من التوبة بعده ويدل عليه حديث ابى هريرة الذي ذكرناه فى مسئلة الحسم بعد القطع حيث قال له النبي ﷺ بعد القطع بالإقرار تب الى الله فقال تبت الى الله تعالى فقال تاب الله عليك إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أَلَمْ تَعْلَمْ ايها النبي والمراد به الامة او المراد الم تعلم ايها الإنسان خطابا لكل واحد.
أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ تعذيبه من العصاة سواء ارتكب صغيرة او كبيرة فانه عدل مقتضى المعصية وَيَغْفِرُ بفضله صغيرة كانت او كبيرة بالتوبة وبلا توبة لِمَنْ يَشاءُ مغفرته وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من التعذيب والمغفرة قَدِيرٌ لا يجب عليه شىء قدم التعذيب لان استحقاق التعذيب مقدم على المغفرة ولان المقصود وصفه تعالى بالقدرة والقدرة فى تعذيب من يشاء اظهر من القدرة فى مغفرته لانه لا اباء فى المغفرة وفى التعذيب اباء والله اعلم روى احمد ومسلم وغيرهما عن البراء ابن عازب قال مر على رسول الله ﷺ يهودى محمم مجلود فدعاهم فقال هكذا تجدون حد الزاني فى كتابكم قالوا نعم فدعا رجلا من علمائهم فقال أنشدك بالله الذي انزل التورية على موسى هكذا تجدون حد الزاني فى كتابكم قال لا والله ولولا انك

نشدتنى لم أخبرك نحد حد الزاني فى كتابنا الرجم ولكنه كثر فى اشرافنا فكنا إذا أخذ الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد فقلنا تعالوا نجعل شيئا نقيمه على الشريف والوضيع فاجتمعنا على التحميم والجلد فقال النبي ﷺ اللهم انى أول من احيى أمرك إذا أماتوه فامر به فرجم فانزل الله تعالى يا ايها الرسول لا يحزنك الى قوله ان أوتيتم هذا فخذوه يقولون ايتوا محمدا فان افتاكم بالتحميم والجلد فخذوه وان افتاكم بالرجم فاحذروا الى قوله ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الظالمون وذكر البغوي هذه القصة بان امرأة ورجلا من اشراف خيبر زنيا وكانا محصنين وكان حدهما فى التورية الرجم فكرهت اليهود رجمهما لشرفهما فارسلوا الى إخوانهم بنى قريظة وقالوا سلوا محمدا عن الزانيين إذا احصنا ما حدهما فان أمركم بالجلد فاقبلوا منه وان أمركم بالرجم فاحذروا ولا تقبلوا منه وأرسلوا معهم الزانيين فقالت قريظة والنضير إذا والله يأمركم بما تكرهون ثم انطلق منهم كعب بن اشرف وسعيد بن عمرو ومالك بن الضيف ولبابة بن ابى الحقيق وغيرهم الى رسول الله ﷺ فقالوا يا محمد أخبرنا عن الزاني والزانية إذا احصنا ما حدهما فى كتابك فقال هل ترضونى بقضائي قالوا نعم فنزل جبرئيل بالرجم فاخبرهم بذلك فابوا ان يأخذوا به فقال جبرئيل جعل بينك وبينهم ابن صوريا ووصفه له فقال رسول الله ﷺ هل تعرفون شابا امرد ابيض اعور يسكن فدك يقال له ابن صوريا قالوا نعم قال فاى رجل هو فيكم قالوا هو اعلم يهودى بقي على وجه الأرض بما انزل الله سبحانه على موسى فى التورية قال فارسلوا اليه فاتاهم فقال له النبي ﷺ أنت ابن صوريا قال نعم قال وأنت اعلم اليهود قال كذلك يزعمون قال أتجعلونه بينى وبينكم قالوا نعم فقال له النبي ﷺ أنشدك بالله الذي لا اله الا هو الذي انزل التورية على موسى وأخرجكم من مصر وفلق لكم البحر وأنجاكم وأغرق ال فرعون والذي ظلل عليكم الغمام وانزل عليكم المن والسلوى وانزل عليكم كتابه فيه حلاله وحرامه هل تجدون فى كتابكم الرجم على من أحصن قال ابن صوريا نعم والذي ذكرتنى لولا خشيه ان يحرقنى التورية ان كذبت وغيرت ما اعترفت لك ولكن كيف هى فى كتابك يا محمد قال إذا شهد اربعة رهط عدول انه قد ادخله فيها كما يدخل الميل فى المكحلة وجب عليه الرجم قال ابن صوريا والذي انزل التورية
صفحة رقم 110