آيات من القرآن الكريم

يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ
ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ

[سُورَة الْمَائِدَة (٥) : الْآيَات ٣٦ إِلَى ٣٧]

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٣٦) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٧)
الْأَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مُتَّصِلَةٌ بِجُمْلَةِ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ [الْمَائِدَة: ٣٣] اتِّصَالَ الْبَيَانِ فَهِيَ مُبَيِّنَةٌ لِلْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ تَهْوِيلًا لِلْعَذَابِ الَّذِي تَوَعَّدَهُمُ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ:
ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ [الْمَائِدَة: ٣٣] فَإِنَّ أُولَئِكَ الْمُحَارِبِينَ الَّذِينَ نَزَلَتْ تِلْكَ الْآيَةُ فِي جَزَائِهِمْ كَانُوا قَدْ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَلَمَّا ذُكِرَ جَزَاؤُهُمْ عُقِّبَ بِذِكْرِ جَزَاءٍ يَشْمَلُهُمْ وَيَشْمَلُ أَمْثَالَهُمْ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ لَا يُنَاكِدُ كَون الْآيَة للسابقة مُرَادًا بِهَا مَا يَشْتَمِلُ أَهْلَ الْحِرَابَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَالشَّرْطُ فِي قَوْلِهِ: لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ مُقَدَّرٌ بِفِعْلٍ دَلَّتْ عَلَيْهِ (أَنَّ)، إِذِ التَّقْدِيرُ: لَوْ ثَبَتَ مَا فِي الْأَرْضِ مِلْكًا لَهُمْ فَإِنَّ (لَوْ) لِاخْتِصَاصِهَا بِالْفِعْلِ صَحَّ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ ذِكْرِهِ بَعْدَهَا إِذَا وَرَدَتْ (أَنَّ) بَعْدَهَا. وَقَوْلُهُ وَمِثْلَهُ مَعَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِي الْأَرْضِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى جَعْلِهِ مَفْعُولًا مَعَهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مَعَهُ. وَاللَّامُ فِي لِيَفْتَدُوا بِهِ لِتَعْلِيلِ الْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ، أَيْ لَوْ ثَبَتَ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ لِأَجْلِ الِافْتِدَاءِ بِهِ لَا لِأَجْلِ أَنْ يَكْنِزُوهُ أَوْ يَهَبُوهُ.
وَأُفْرِدَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: بِهِ مَعَ أَنَّ الْمَذْكُورَ شَيْئَانِ هُمَا: مَا فِي الْأَرْضِ وَمِثْلَهُ: إِمَّا عَلَى اعْتِبَارِ الضَّمِيرِ رَاجِعًا إِلَى مَا فِي الْأَرْضِ فَقَطْ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَمِثْلَهُ مَعَهُ مَعْطُوفًا مُقَدَّمًا مِنْ تَأْخِيرٍ. وَأَصْلُ الْكَلَامِ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ لِيَفْتَدُوا بِهِ وَمِثْلَهُ مَعَهُ. وَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِهِ مُقَدَّمًا مِنْ تَأْخِيرٍ إِفْرَادُ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ بِالْبَاءِ. وَنُكْتَةُ التَّقْدِيمِ تَعْجِيلُ الْيَأْسِ مِنَ الِافْتِدَاءِ إِلَيْهِمْ وَلَوْ بِمُضَاعَفَةِ مَا فِي الْأَرْضِ. وَإِمَّا، وَهُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي، أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا إِلَى مِثْلَهُ مَعَهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ الْمِثْلَ شَمِلَ

صفحة رقم 188
تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الطاهر بن عاشور
الناشر
الدار التونسية للنشر
سنة النشر
1403
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية