
المسيح إِلهاً، لقدر على رد ما يأتيه من أمر الله سبحانه، وفي عجزه عن ذلك دليل على أنه ليس بإله، إذ الإله لا يكون عاجزاً مقهوراً تلحقه الآفات، فعيسى كسائر ولد آدم.
قوله تعالى: ﴿وَللَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض﴾ أي: تصريف ما فيهما وما بينهما، فهو يهلك من يشاء ويبقي من يشاء. (ووحّد) الأرض، لأنها تدل على النوع.
قوله: ﴿وَقَالَتِ اليهود والنصارى نَحْنُ أَبْنَاءُ الله﴾ الآية.
معنى الآية أن قوماً من اليهود والنصارى كلمهم النبي ﷺ وخوّفهم فقالوا: ما تُخَوِفُنَا يا محمد؟ نحن أبناء الله وأحباؤه، فقال الله لنبيه: ﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم (بِذُنُوبِكُم)﴾ إن كنتم كما زعمتم، وذلك أن اليهود قالت:

﴿وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النار إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً﴾ [البقرة: ٨٠]، فأقروا بالعذاب وادعوا أنهم أبناء الله وأحباؤه.
ثم قال: قل لهم يا محمد ﴿بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾ أي: أنتم مثل سائر بني آدم، لا فضل لكم عليهم إلا بالطاعة.
﴿يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ﴾ أي: يستر ذنوبه، وهم المؤمنون، ﴿وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ﴾ أي: يميته على الضلالة فيعذبه. وقال السدي في معنى ﴿يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ﴾ أي: يهدي من يشاء في الدنيا فيغفر له، ﴿وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ﴾ (أي يميته على الضلالة) فيعذبه.
﴿وَ [للَّهِ] مُلْكُ السماوات والأرض﴾ أي: تدبيرها وتدبير ما بينهما، وإليه مصيركم فيجازيكم بأعمالكم.
وقوله ﴿فَلِمَ يُعَذِّبُكُم﴾ معناه: فلم عذّبكم بذنوبكم فمسخكم قردة وخنازير؟ وإنما احتج عليهم النبي ﷺ بما قد كان وعلم، ولم يحتجّ عليهم بما لم يقع بعد، لأنهم ينكرون ذلك ويدّعون أنهم لا يعذبون فيما يستقبلون، فالماضي [أولى] به وعليه