
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ
٧٠١٦ - أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قِرَاءَةً، ثنا ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ: ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يحدث أن عيسى بن مَرْيَمَ قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، هَلْ لَكُمْ أَنْ تَصُومُوا لِلَّهِ ثَلاثِينَ يَوْمًا، ثُمَّ تَسْأَلُوهُ «١» فَيُعْطِيَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ فَإِنَّ أَجْرَ الْعَامِلِ عَلَى مَنْ عَمِلَ لَهُ. فَفَعَلُوا ثُمَّ قَالُوا: يَا مُعَلِّمَ الْخَيْرِ قُلْتَ لَنَا إِنَّ أَجْرَ الْعَامِلِ عَلَى مَنْ عَمِلَ لَهُ وَأَمَرْتَنَا أَنْ نَصُومَ لِلَّهِ ثَلاثِينَ يَوْمًا فَفَعَلْنَا، وَلَمْ نكن لنعمل لأَحَدٍ ثلاثون يَوْمًا إِلا أطعمتنا يَوْمَ نَفْرُغُ طَعَامًا هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا
٧٠١٧ - أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي أذك الْحَوَارِيِّ فِيمَا كَتَبَ إلي، ثنا إسماعيل ابن أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِرْدَاسٍ الْعَبْدَرِيُّ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ الصَّنْعَانِيُّ، عن إبراهيم بن عمر، عن وهب ابن منبه، عن أبي عثمان النهدي، عن سليمان الْخَيْرِ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا سَأَلَ الْحَوَارِيُّونَ عِيسَى بن مَرْيَمَ الْمَائِدَةَ مِنَ السَّمَاءِ، فَإِنَّهَا نَزَلَتْ عَلَيْكُمْ كَانَتْ آيَةً مِن رَبِّكُمْ وَإِنَّمَا نكلت ثَمُودُ حِينَ سَأَلُوا نَبِيَّهُمْ آيَةً فَابْتُلُوا بِهَا حَتَّى كان بوارهم فيها فأبو إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمْ بِهَا فَلِذَلِكَ قَالُوا، نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ
٧٠١٨ - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَوْلَهُ: تَطْمَئِنَّ قَالَ: تُوقِنَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا
٧٠١٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ عَلِيٍّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ عَنْ وهب بن منبه عن عثمان الهدى عَنْ سَلْمَانِ الْخَيْرِ قَالَ: فَلَمَّا رَأَى عِيسَى أَنْ قَدْ أَبَوْا إِلا أَنْ يَدْعُوَ لَهُمْ بِهَا، قَامَ فَأَلْقَى عَنْهُ الصُّوفَ وَلَبِسَ الشَّعْرَ الأسود وجبة من شعر وعباءة

مِنْ شَعْرٍ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَاغْتَسَلَ وَدَخَلَ مُصَلاهُ، فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَامَ قَائِمًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَصَفَّ قَدَمَيْهِ حَتَّى اسْتَوَيَا فَأَلْصَقَ الْكَعْبَ وَحَاذَ الأَصَابِعَ بِالأَصَابِعِ وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فَوْقَ صَدْرِهِ وَغَضَّ بَصَرَهُ وَطَأْطَأَ رَأْسَهُ خُشُوعًا، ثُمَّ أَرْسَلَ عَيْنَيْهِ بِالْبُكَاءِ فَمَا زَالَتْ دُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى خَدَّيْهِ وَتَقْطُرُ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ حَتَّى ابْتَلَّتِ الأَرْضُ حِيَالَ وَجْهِهِ مِنْ خُشُوعِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ دَعَا اللَّهَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ «١».
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَنْزِلْ عَلَيْنَا مائدة
[الوجه الأول]
مَنْ فَسَّرَهُ أَنَّهُ سُفْرَةٌ:
٧٠٢٠ - وَبِهِ عَنْ سَلْمَانَ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سُفْرَةً حَمْرَاءَ بَيْنَ غَمَامَتَيْنِ غَمَامَةٍ فَوْقَهَا، وغمامة تحتها.
[الوجه الثاني]
من فَسَّرَهُ عَلَى أَنَّهُ الْخِوَانُ:
٧٠٢١ - ذَكَرَ أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنُ حَكِيمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ:
سَمِعْتُ قَيْسًا عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: الْمَائِدَةُ الْخِوَانُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ
[الوجه الأول]
٧٠٢٢ - حدثنا أبي، ثنا الحسن ابن قَزَعَةَ الْبَاهِلِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلاسٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نَزَلَتِ الْمَائِدَةُ مِنَ السَّمَاءِ خُبْزٌ وَلَحْمٌ وَأُمِرُوا أَنْ لَا يَخُونُوا وَلا يُخِبِّئُوا وَلا يَدَّخِرُوا قَالَ: فَخَانَ الْقَوْمُ وَخَبَّئُوا وَادَّخَرُوا فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ «٢».
الْوَجْهُ الثَّانِي:
٧٠٢٣ - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ الرُّخَامِيُّ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، ثنا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خلاص عَنْ عَمَّارٍ قَالَ: نَزَلَتِ الْمَائِدَةُ ثَمَرٌ مِنْ ثمر الجنة.
(٢). الترمذي، كتاب التفسير رقم ٥٣٠٦١/ ٢٤٢.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ:
٧٠٢٤ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، ثنا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ، ثنا عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عيسى بن مَرْيَمَ قَالُوا لَهُ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ فَنَزَّلَتِ الْمَلائِكَةُ مَائِدَةً يَحْمِلُونَهَا عَلَيْهَا سَبْعَةُ أَحْوَاتٍ وَسَبْعَةُ أَرْغِفَةٍ فَأَكَلَ كل منهما آخر الناس كما أكل منه أَوَّلُهُمْ.
٧٠٢٥ - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا ابْنُ نُفَيْلٍ الْحَرَّانِيُّ، ثنا يُونُسُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ عِكْرِمَةَ وَمِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْمَائِدَةُ سَمَكَةٌ وَأَرْغِفَةٌ.
٧٠٢٦ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ قَالَ: الْمَائِدَةُ سَمَكَةٌ فِيهَا طَعْمٌ مِنْ كُلِّ الطَّعَامِ.
٧٠٢٧ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ «١» أَنْبَأَ الْمُنْذِرُ بْنُ النُّعْمَانِ أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ: أُنْزِلَ عَلَيْهِمْ أَقْرِصَةٌ مِنْ شَعِيرٍ وَأَحْوَاتٍ.
وَمَنْ قَالَ: إنه كان خبزا وأرز.
٧٠٢٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عِكْرِمَةَ حَدَّثَهُ: أَنَّ الْخُبْزَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَ الْمَائِدَةِ كَانَ مِنْ أُرْزٍ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ:
٧٠٢٩ - أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّنْعَانِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ سَلْمَانِ الْخَيْرِ قَالَ: فَقَالَ عِيسَى اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ سُفْرَةً حَمْرَاءَ بَيْنَ غَمَامَتَيْنِ، غَمَامَةٍ فَوْقَهَا وَغَمَامَةٍ تَحْتَهَا، وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا فِي الْهَوَاءِ مُنْقَضَّةً مِنْ فَلَكِ السَّمَاءِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَعِيسَى يَبْكِي خَوْفًا لِلشُّرُوطِ الَّتِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّهُ يُعَذِّبُ مَنْ يَكْفُرُ بِهَا مِنْهُمْ بَعْدَ نُزُولِهَا عَذَابًا لَمْ يُعَذِّبْهُ أَحَدًا من العالمين.

وَهُوَ يَدْعُو اللَّهَ فِي مَكَانِهِ وَيَقُولُ: إِلَهِي «١» اجْعَلْهَا رَحْمَةً، إِلَهِي لَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا، إِلَهِي كَمْ مِنْ عَجِيبَةٍ سَأَلْتُكَ فَأَعْطَيْتَنِي، إِلَهِي اجْعَلْنَا لَكَ شَاكِرِينَ، إِلَهِي أَعُوذُ بِكَ أَنْ تَكُونَ أَنْزَلْتَهَا غَضَبًا وَجَزَاءً، إِلَهِي اجْعَلْهَا سَلامَةً وَعَافِيَةً وَلا تَجْعَلْهَا فِتْنَةً وَمُثْلَةً.
فَمَا زَالَ يَدْعُو حَتَّى اسْتَقَرَّتِ السُّفْرَةُ بَيْنَ يَدَيْ عِيسَى وَالْحَوَارِيِّينَ وَأَصْحَابُهُ حَوْلَهُ يَجِدُونَ رَائِحَةً طَيِّبَةً لَمْ يَجِدُوا فِيمَا مَضَى مِثْلَهَا قَطُّ، وَخَرَّ عِيسَى وَالْحَوَارِيُّونَ لِلَّهِ سُجَّدًا شُكْرًا بِمَا رَزَقَهُمْ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا، وَأَرَاهُمْ فِيهِ آيَةً عَظِيمَةً ذَاتَ عَجَبٍ وَعِبْرَةٍ.
وَأَقْبَلَتِ الْيَهُودُ يَنْظُرُونَ فَرَأَوْا أَمْرًا عجيبا أورثهم محمدا وَغَمًّا، ثُمَّ انْصَرَفُوا بِغَيْظٍ شَدِيدٍ، وَأَقْبَلَ عِيسَى وَالْحَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى جَلَسُوا حَوْلَ السُّفْرَةِ، فَإِذَا عَلَيْهَا مِنْدِيلٌ مُغَطًّى. قَالَ عِيسَى: مَنْ أَجْرَؤُنَا عَلَى كَشْفِ الْمِنْدِيلِ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ حَتَّى نَرَاهَا، وَنَحْمَدَ ربنا وَنَذْكُرَ بِاسْمِهِ وَنَأْكُلَ مِنْ رِزْقِهِ الَّذِي رَزَقَنَا. فَقَالَ الْحَوَارِيُّونَ: يَا رُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَنْتَ أَوْلانَا بِذَلِكَ، وَأَحَقُّنَا بِالْكَشْفِ عَنْهَا. فَقَامَ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فَاسْتَأْنَفَ وَضُوءًا جَدِيدًا ثُمَّ دَخَلَ مُصَلاهُ فَصَلَّى بِذَلِكَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ بَكَى طويلا. ودعى اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْكَشْفِ عَنْهَا، وَيَجْعَلُ لَهُ وَلِقَوْمِهِ فِيهَا بَرَكَةً وَرِزْقًا ثُمَّ انْصَرَفَ فَجَلَسَ إِلَى السُّفْرَةِ وَتَنَاوَلَ الْمِنْدِيلَ، وَقَالَ بِاسْمِ اللَّهِ خَيْرِ الرَّازِقِينَ، وَكَشَفَ السُّفْرَةَ، فَإِذَا هُوَ عَلَيْهَا سَمَكَةٌ ضَخْمَةٌ مَشْوِيَّةٌ، لَيْسَ عَلَيْهِ بَوَاسِيرُ وَلَيْسَ فِي جَوْفِهَا شَوْكٌ، يَسِيلُ السَّمْنُ مِنْهَا سَيْلا، قَدْ نفد حَوْلَهَا بُقُولٌ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ غَيْرَ الْكُرَّاثِ، وَعِنْدَ رَأْسِهَا خَلٌّ، وَعِنْدَ ذَنَبِهَا مِلْحٌ، وَحَوْلَ الْبُقُولِ الْخَمْسَةِ أَرْغِفَةٌ، عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا زَيْتُونٌ، وَعَلَى الْآخَرِ ثَمَرَاتٌ، وَعَلَى الآخَرِ خَمْسُ رُمَّانَاتٍ، فَقَالَ شَمْعُونُ رَأْسُ الْحَوَارِيِّينَ لِعِيسَى: يَا رُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ، أَمِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا هَذَا أَمْ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ: أَمَا آنَ لَكُمْ أَنْ تَعْتَبِرُوا بِمَا تَرَوْنَ مِنَ الآيَاتِ، وَتَنْتَهُوا عَنْ تَنْقِيرِ الْمَسَائِلِ؟ مَا أخوفن عَلَيْكُمْ أَنْ تُعَاقَبُوا فِي سَبَبِ هَذِهِ الآيَةِ، فَقَالَ شَمْعُونُ: لَا وَإِلَهِ إِسْرَائِيلَ، مَا أَرَدْتُ بِهَا سُؤَالا يَا ابْنَ الصِّدِّيقَةِ، فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ: لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا تَرَوْنَ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ وَلا مِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ ابَتْدَعَهُ اللَّهُ فِي الْهَوَاءِ بِالْقُدْرَةِ الْعَالِيَةِ الْقَاهِرَةِ فَقَالَ لَهُ: كُنْ فَكَانَ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ، فَكُلُوا مِمَّا سَأَلْتُمْ بِاسْمِ اللَّهِ، وَاحْمَدُوا عَلَيْهِ رَبَّكُمْ يُمِدَّكُمْ مِنْهُ وَيَزِدْكُمْ، فإنه بديع قادر شاكر.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ:
٧٠٣٠ - حَدَّثَنَا أَبُو شَيْبَةَ إِبْرَاهِيمَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ، ثنا حَسَنُ بْنُ عَطِيَّةَ، ثنا قَيْسٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:
أُنْزِلَ عَلَى الْمَائِدَةِ كُلُّ شَيْءٍ إِلا اللَّحْمَ.
٧٠٣١ - أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قِرَاءَةً، أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ اللَّيْثُ: أَمَّا الْقُرَظِيُّ فَيَقُولُ: مَنْ كُلِّ طَعَامٍ حَلالٍ فِي الدُّنْيَا.
٧٠٣٢ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبِ بْنِ زِيَادٍ الْعَلافُ الْوَاسِطِيُّ، ثنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ بْنِ الْقَاسِمِ الْحَنَفِيُّ الْيَمَامِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ أَنَّهُمْ سَأَلُوا وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ عَنِ الْمَائِدَةِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ: فَكَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ فِي تِلْكَ الْمَائِدَةِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَأَكَلُوا مَا شَاءُوا مِنْ ضُرُوبٍ شَتَّى، فَكَانَتْ تَقْعُدُ عَلَيْهَا أَرْبَعَةُ آلافٍ فَإِذَا أَكَلُوا بَدَّلَ اللَّهُ مَكَانَ ذَلِكَ بِمِثْلِهِ، فليبيتوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْوَجْهُ السَّادِسُ:
٧٠٣٣ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ الْعِجْلِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ: هُوَ مَثَلٌ ضُرِبَ، وَلَمْ يَنْزِلْ شَيْءٌ «١».
قَوْلُهُ تَعَالَى: تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا
[الوجه الأول]
٧٠٣٤ - أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، بْنِ عُمَرَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانِ الْخَيْرِ أَنَّهُ قَالَ: أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا أَيْ:
تَكُونُ لَنَا عِظَةً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا.
الْوَجْهُ الثَّانِي:
٧٠٣٥ - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ ابن