آيات من القرآن الكريم

فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ
ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ وفيه مسألتان:
الْأُولَى: هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً يَعْنِي أَنَّهُمَا يُقْسِمَانِ حَالَ مَا يَقُولَانِ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّه أَيِ الشَّهَادَةَ الَّتِي أَمَرَ اللَّه بِحِفْظِهَا وَإِظْهَارِهَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: نُقِلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى قَوْلِهِ شَهادَةُ ثُمَّ ابْتَدَأَ اللَّه بِالْمَدِّ عَلَى طَرْحِ حَرْفِ الْقَسَمِ.
وَتَعْوِيضِ حَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ مِنْهُ، وَرُوِيَ عَنْهُ بِغَيْرِ مَدٍّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ اللَّه لَقَدْ كَانَ كَذَا، وَالْمَعْنَى تاللَّه.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ يعني إذا كتمناها كنا من الآثمين.
[سورة المائدة (٥) : آية ١٠٧]
فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٧)
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً قَالَ اللَّيْثُ رَحِمَهُ اللَّه: عَثَرَ الرَّجُلُ يَعْثُرُ عُثُورًا إِذَا هَجَمَ عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَهْجُمْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. وَأَعْثَرْتُ فُلَانًا عَلَى أَمْرِي أَيْ أَطْلَعْتُهُ عَلَيْهِ، وَعَثَرَ الرَّجُلُ يَعْثُرُ عَثْرَةً إِذَا وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: وَأَصْلُ عَثَرَ بِمَعْنَى اطَّلَعَ مِنَ الْعَثْرَةِ الَّتِي هِيَ الْوُقُوعُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَاثِرَ إِنَّمَا يَعْثُرُ بِشَيْءٍ كَانَ لَا يَرَاهُ، فَلَمَّا عَثَرَ بِهِ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَنَظَرَ مَا هُوَ، فَقِيلَ لِكُلِّ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى أَمْرٍ كَانَ خَفِيًّا عَلَيْهِ قَدْ عَثَرَ عَلَيْهِ، وَأَعْثَرَ غَيْرَهُ إِذَا أَطْلَعَهُ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ [الْكَهْفِ: ٢١] أَيْ أَطْلَعْنَا، وَمَعْنَى الْآيَةِ فَإِنْ حَصَلَ الْعُثُورُ وَالْوُقُوفُ عَلَى أَنَّهُمَا أَتَيَا بِخِيَانَةٍ وَاسْتَحَقَّا الْإِثْمَ بِسَبَبِ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أن معنى الآية فإن عثر بعد ما حَلَفَ الْوَصِيَّانِ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا أَيْ حَنَثَا فِي الْيَمِينِ بِكَذِبٍ فِي قَوْلٍ أَوْ خِيَانَةٍ فِي مَالٍ قَامَ فِي الْيَمِينِ مَقَامَهُمَا رَجُلَانِ مِنْ قَرَابَةِ الْمَيِّتِ فَيَحْلِفَانِ باللَّه لَقَدْ ظَهَرْنَا عَلَى خِيَانَةِ الذِّمِّيَّيْنِ وَكَذِبِهِمَا وَتَبْدِيلِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا فِي ذَلِكَ وَمَا كَذَبْنَا.
وَرُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ الْأُولَى صَلَّى رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ وَدَعَا بِتَمِيمٍ وَعَدِيٍّ فَاسْتَحْلَفَهُمَا عِنْدَ الْمِنْبَرِ باللَّه الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنَّا خِيَانَةٌ فِي هَذَا الْمَالِ وَلَمَّا حَلَفَا خَلَّى رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبِيلَهُمَا وكتما الإناء مدة ثم ظهروا
وَاخْتَلَفُوا فَقِيلَ: وُجِدَ بِمَكَّةَ.
وَقِيلَ: لَمَّا طَالَتِ الْمُدَّةُ أَظْهَرَا الْإِنَاءَ فَبَلَغَ ذَلِكَ بَنِي سَهْمٍ فَطَالَبُوهُمَا فَقَالَا كُنَّا قَدِ اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ فَقَالُوا أَلَمْ نَقُلْ لَكُمْ هَلْ بَاعَ صَاحِبُنَا شَيْئًا فَقُلْتُمَا لَا؟ فَقَالَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا بَيِّنَةٌ فَكَرِهْنَا أَنْ نُعْثَرَ فَكَتَمْنَا فَرَفَعُوا الْقِصَّةَ إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى: فَإِنْ عُثِرَ الْآيَةَ فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ/ وَالْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي رِفَاعَةَ السَّهْمِيَّانِ فَحَلَفَا باللَّه بَعْدَ الْعَصْرِ فَدَفَعَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِنَاءَ إِلَيْهِمَا وَإِلَى أَوْلِيَاءِ الميت. وكان تميم الداري يقول بعد ما أَسْلَمَ: صَدَقَ اللَّه وَرَسُولُهُ أَنَا أَخَذْتُ الْإِنَاءَ فَأَتُوبُ إِلَى اللَّه تَعَالَى، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ بَقِيَتْ تِلْكَ الْوَاقِعَةُ مَخْفِيَّةً إِلَى أَنْ أَسْلَمَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ فَلَمَّا أَسْلَمَ أَخْبَرَ بِذَلِكَ وَقَالَ: حَلَفْتُ كَاذِبًا وَأَنَا وَصَاحِبِي بِعْنَا الْإِنَاءَ بِأَلْفٍ وَقَسَمْنَا الثَّمَنَ. ثُمَّ دَفَعَ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ نَفْسِهِ وَنَزَعَ مِنْ صَاحِبِهِ خَمْسَمِائَةٍ أُخْرَى وَدَفَعَ الْأَلْفَ إِلَى مَوَالِي الْمَيِّتِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما أَيْ مَقَامَ الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا مِنْ غَيْرِ مِلَّتِهِمَا وَقَوْلُهُ مِنَ

صفحة رقم 454
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية