
﴿فَإِن عثر على أَنَّهُمَا استحقا إِثْمًا﴾ يَعْنِي: فَإِن اطلع، وَأظْهر خيانتهما ﴿فآخران يقومان مقامهما من الَّذين لستحق عَلَيْهِم الأوليان﴾ يقْرَأ هَذَا على ثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا: " من الَّذين اسْتحق عَلَيْهِم الأوليان ". وَقَرَأَ (حَفْص عَن عَاصِم) " من الَّذين اسْتحق " بِنصب التَّاء والحاء ﴿عَلَيْهِم الأوليان﴾ وَقَرَأَ أَبُو بكر عَن عَاصِم، وَحَمْزَة: " من الَّذين اسْتحق " - بِضَم التَّاء وَكسر الْحَاء - عَلَيْهِم الْأَوَّلين.
فَأَما معنى الْقِرَاءَة الأولى فَقَوله: ﴿اسْتحق عَلَيْهِم﴾ يَعْنِي: اسْتحق فيهم، أَو اسْتحق مِنْهُم كَقَوْلِه: ﴿ولأصلبنكم فِي جُذُوع النّخل﴾ أَي: على جُذُوع النّخل، يَعْنِي: الَّذين وَقعت الْخِيَانَة فِي حَقهم، وهم أَوْلِيَاء الْمَيِّت، و ﴿الأوليان﴾ تَثْنِيَة: الأولى، وَالْأولَى: هُوَ الْأَقْرَب، وَمَعْنَاهُ: إِن عثر على خِيَانَة الحالفين؛ يقوم الأوليان من أَوْلِيَاء الْمَيِّت؛ فيحلفان، وَأما قَوْله: ﴿من الَّذين اسْتحق عَلَيْهِم﴾ أَي حق وَوَجَب فيهم، وَمَعْنَاهُ وَمعنى الْقِرَاءَة الأولى سَوَاء.
وَأما الْقِرَاءَة الثَّالِثَة: ﴿من الَّذين اسْتحق عَلَيْهِم الْأَوَّلين﴾ فَهُوَ بدل عَن قَوْله: ﴿من الَّذين﴾ أَو عَن الِاسْم الْمُضمر تَحت قَوْله: ﴿عَلَيْهِم﴾ ؛ فَيكون المُرَاد بِهِ أَيْضا أَوْلِيَاء الْمَيِّت وَيكون الْمَعْنى مَا بَينا.

﴿لمن الظَّالِمين (١٠٧) ذَلِك أدنى أَن يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ على وَجههَا أَو يخَافُوا أَن ترد أَيْمَان بعد أَيْمَانهم وَاتَّقوا الله واسمعوا وَالله لَا يهدي الْقَوْم الْفَاسِقين (١٠٨) يَوْم يجمع الله الرُّسُل فَيَقُول مَاذَا أجبتم قَالُوا لَا علم لنا إِنَّك أَنْت علام الغيوب (١٠٩) إِذْ قَالَ الله يَا﴾
ثمَّ بَين كَيْفيَّة قسهما؛ فَقَالَ: ﴿فيقسمان بِاللَّه لَشَهَادَتنَا أَحَق من شَهَادَتهمَا وَمَا اعتدينا إِنَّا إِذا لمن الظَّالِمين﴾