
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس ﴿ قل ما كنت بدعاً من الرسل ﴾ يقول لست بأوّل الرسل ﴿ وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ﴾ فأنزل الله بعد هذا ﴿ ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ﴾ [ الفتح : ٢ ] وقوله ﴿ ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات ﴾ [ الفتح : ٣ ] الآية فأعلم الله سبحانه نبيه ما يفعل به وبالمؤمنين جميعاً.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ قل ما كنت بدعاً من الرسل ﴾ قال : ما كنت بأوّلهم.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ﴿ قل ما كنت بدعاً من الرسل ﴾ قال : يقول : قد كانت الرسل قبله.
وأخرج ابن المنذر عن عطية رضي الله عنه في قوله ﴿ وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ﴾ قال : هل يترك بمكة أو يخرج منها؟
وأخرج أبو داود في ناسخه من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ﴾ قال : نسختها هذه الآية التي في الفتح، فخرج إلى الناس فبشرهم بالذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فقال رجل من المؤمنين : هنيئاً لك يا نبي الله قد علمنا الآن ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فأنزل الله في سورة الأحزاب ﴿ وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً ﴾ [ الأحزاب : ٤٧ ] وقال ﴿ ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزاً عظيماً ﴾ [ الفتح : ٥ ] فبين الله ما به يفعل وبهم.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن مثله.
وأخرج أحمد، والبخاري، والنسائي، وابن مردويه عن أم العلاء رضي الله عنها وكانت بايعت رسول الله ﷺ أنها قالت « لما مات عثمان بن مظعون رضي الله عنه قلت : رحمة الله عليك أبا السائب شهادتي عليك لقد أكرمك الله. قال رسول الله ﷺ : وما يدريك أن الله أكرمه؟ أما هو فقد جاءه اليقين من ربه وإني لأرجو له الخير، والله ما أدري، وأنا رسول الله، ما يفعل بي ولا بكم. قالت أم العلاء : فوالله ما أُزَكّي بعد أحداً ».
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :« لما مات عثمان بن مظعون رضي الله عنه قالت امرأته، أو امرأة : هنيئاً لك ابن مظعون الجنة. فنظر إليها رسول الله ﷺ نظر مغضب وقال :» وما يدريك والله إني لرسول الله وما أدري ما يفعل الله بي «. قال : وذلك قبل أن ينزل ﴿ ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ﴾ فقالت يا رسول الله صاحبك وفارسك وأنت أعلم، فقال :» أرجو له رحمة ربه، وأخاف عليه ذنبه « ».

وأخرج ابن حبان والطبراني عن زيد بن ثابت رضي الله عنه « أن عثمان بن مظعون رضي الله عنه لما قبض قالت أم العلاء : طبت أبا السائب نفساً إنك في الجنة. فقال النبي ﷺ :» وما يدريك؟ « قالت : يا رسول الله عثمان بن مظعون قال :» أجل ما رأينا إلا خيراً والله ما أدري ما يصنع بي « ».
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال « لما نزلت هذه الآية ﴿ وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ﴾ عمل رسول الله ﷺ في الخوف زماناً، فلما نزلت ﴿ إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ﴾ [ الفتح : ١ - ٢ ] اجتهد، فقيل له : تجهد نفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. قال : أفلا أكون عبداً شكوراً؟ ».
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ﴿ وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ﴾ قال : ثم درى نبي الله ﷺ بعد ذلك ما يفعل به يقول ﴿ إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ﴾.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله ﴿ وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ﴾ قال : أما في الآخرة فمعاذ الله قد علم أنه في الجنة حين أخذ ميثاقه في الرسل، ولكن ﴿ ما أدري ما يفعل بي ولا بكم ﴾ في الدنيا، أخرج كما أخرجت الأنبياء من قبلي، أم أقتل كما قتلت الأنبياء من قبلي ﴿ ولا بكم ﴾ أمتي المكذبة أم أمتي المصدقة أم أمتي المرمية بالحجارة من السماء قذفاً أم يخسف بها خسفاً ثم أوحي إليه ﴿ وإذا قلنا لك أن ربك أحاط بالناس ﴾ [ الاسراء : ٦٠ ] يقول : أحطت لك بالعرب لا يقتلوك، فعرف أنه لا يقتل، ثم أنزل ﴿ هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً ﴾ [ التوبة : ٣٣ ] يقول : أشهد لك على نفسه أنه سيظهر دينك على الأديان ثم قال له في أمته ﴿ وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ﴾ [ الرعد : ٤٣ ] فأخبر الله ما صنع به وما يصنع بأمته.