آيات من القرآن الكريم

فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ۚ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ۚ بَلَاغٌ ۚ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ
ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ

١- أن رسالة النبي صلّى الله عليه وسلّم كانت إلى الإنس والجن، لأن هذه الآيات تحكى إيمان بعض الجن به صلّى الله عليه وسلّم ودعوتهم غيرهم إلى الإيمان به.
٢- أن هذه الآيات تدل على أن حكم الجن كحكم الإنس في الثواب والعقاب وفي وجوب العمل بما أمرهم الله- تعالى- به وفي وجوب الانتهاء عما نهاهم عنه، لأن قوله- تعالى-:
يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ. وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ، أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ.
أقول: هاتان الآيتان اللتان حكاهما الله- تعالى- على ألسنة بعض الجن تدلان على ثواب المطيع، وعذاب العاصي.
قال بعض العلماء ما ملخصه: وقد دلت آية أخرى على أن المؤمنين من الجن يدخلون الجنة وهي: قوله- تعالى- في سورة الرحمن: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.
ويستأنس لهذا- أيضا- بقوله- تعالى-: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ فإنه يشير إلى أن في الجنة جنا يطمثون النساء كالإنس..
وبهذا يعلم أن ما ذهب إليه بعض العلماء، أنه يفهم من قوله- تعالى-: يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ أن المؤمنين من الجن لا يدخلون الجنة، وأن جزاء إيمانهم، وإجابتهم داعي الله، هو الغفران وإجارتهم من العذاب الأليم فقط.. هذا الفهم إنما هو خلاف التحقيق، وأن المؤمنين من الجن يدخلون الجنة.. «١».
ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة، بتوبيخ المشركين على جهلهم وعدم تفكيرهم، وبيّن ما سيكونون عليه من خزي يوم القيامة، وأمر نبيه صلّى الله عليه وسلّم بالصبر على أذاهم.
فقال:
[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ٣٣ الى ٣٥]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٤) فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ (٣٥)

(١) راجع تفسير أضواء البيان ج ٧ ص ٤٠١.

صفحة رقم 207

والهمزة في قوله: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ... للاستفهام الإنكارى، والواو للعطف على مقدر يستدعيه المقام...
أى: أبلغ العمى والجهل بهؤلاء الكافرين، أنهم لم يروا ولم يعقلوا أن الله- تعالى- الذي خلق السموات والأرض بقدرته وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ أى: ولم يتعب ولم ينصب بسبب خلقهن، من قولهم عيى فلان بالأمر- كفرح- إذا تعب، أو المعنى: ولم يعجز عن خلقهن ولم يتحير فيه، مأخوذ من قولهم: عيى فلان بأمره، إذا تحير ولم يعرف ماذا يفعل.
وقوله: بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى في محل رفع خبر أَنَّ، والباء في قوله- تعالى- بِقادِرٍ مزيدة للتأكيد.
فالمقصود بالآية الكريمة توبيخ المشركين على جهلهم وانطماس بصائرهم، حيث لم يعرفوا أن الله- تعالى- الذي أوجد الكون، قادر على أن يعيدهم الى الحياة بعد موتهم.
وأورد القرآن ذلك في أسلوب الاستفهام الإنكارى، ليكون تأنيبهم على جهلهم أشد.
وقوله: بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تقرير وتأكيد لقدرته- تعالى- على إحياء الموتى، لأن لفظ بَلى يؤتى به في الجواب لإبطال النفي السابق، وتقرير نقيضه، بخلاف لفظ نعم فإنه يقرر النفي نفسه.
أى: بلى إنه- سبحانه- قادر على إحياء الموتى، لأنه- تعالى- على كل شيء قدير.
ثم كرر- سبحانه- التذكير للناس بأحوال الكافرين يوم الحساب ليعتبروا ويتعظوا فقال: وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ... أى: واذكر- أيها العاقل- يوم يلقى الذين كفروا في النار، بعد مشاهدتها ورؤيتها..

صفحة رقم 208

ثم يقال لهم على سبيل الزجر والتهكم أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ أى: أليس هذا العذاب كنتم تنكرونه في الدنيا، قد ثبت عليكم ثبوتا لا مفر لكم منه، ولا محيد لكم عنه..
قالُوا بَلى وَرَبِّنا أى: قالوا في الجواب: بلى يا ربنا إن هذا العذاب حق، وإنكارنا له في الدنيا إنما كان عن جهل وغفلة وغرور منا..
فهم قد اعترفوا بأن الحساب حق، والجزاء حق.. في وقت لا ينفع فيه الاعتراف.
ولذا جاء الرد عليهم بقوله- تعالى-: قالَ- سبحانه- فَذُوقُوا الْعَذابَ أى: فتذوقوا طعمه الأليم، ووقعه المهين بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ أى: بسبب كفركم وجحودكم.
ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بأمر نبيه صلّى الله عليه وسلّم بالصبر على مكرهم فقال:
فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ. أى: إذا كان الأمر كما ذكرنا لك- أيها الرسول الكريم- فاصبر على أذى قومك، كما صبر إخوانك أولو العزم من الرسل، أى:
أصحاب الجد والثبات والصبر على الشدائد والبلاء.. وهم- على أشهر الأقوال-: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد- صلوات الله عليهم جميعا-.
وقوله: وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ نهى منه- تعالى- لنبيه عن استعجال العذاب لهم. أى:
ولا تستعجل لهم العذاب. فالمفعول محذوف للعلم به.. ثم بين- سبحانه- ما يدعو إلى عدم الاستعجال فقال: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ... أى:
اصبر- أيها الرسول- على أذى قومك كما صبر إخوانك أولو العزم من الرسل. ولا تستعجل العذاب لهؤلاء الكافرين فإنه آتيهم لا ريب فيه، وكأنهم عند ما يرون هذا العذاب ويحل بهم، لم يلبثوا في الدنيا إلا وقتا قليلا وزمنا يسيرا، لأن شدة هذا العذاب تنسيهم كل متع الدنيا وشهواتها.
وقوله- تعالى-: بَلاغٌ خبر لمبتدأ محذوف أى: هذا الذي أنذرتكم به، أو هذا القرآن، بلاغ كاف في وعظكم وإنذاركم إذا تدبرتم فيه، وتبليغ من الرسول صلّى الله عليه وسلّم إليكم.
فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ كلا، إنه لا يهلك بعذاب الله- تعالى- إلا القوم الخارجون عن طاعته، الواقعون في معصيته فالاستفهام للنفي..
وبعد فهذا تفسير لسورة «الأحقاف» نسأل الله أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده.

صفحة رقم 209

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

صفحة رقم 210

تفسير سورة محمّد

صفحة رقم 211

بسم الله الرّحمن الرّحيم

مقدمة

١- هذه السورة تسمى بسورة محمد صلّى الله عليه وسلّم لما فيها من الحديث عما أنزل عليه صلّى الله عليه وسلّم وتسمى- أيضا- بسورة القتال، لحديثها المستفيض عنه.
وهي من السور المدنية التي يغلب على الظن أن نزولها كان بعد غزوة بدر وقبل غزوة الأحزاب، وقد ذكروا أن نزولها كان بعد سورة «الحديد» «١».
وعدد آياتها أربعون آية في البصري، وثمان وثلاثون في الكوفي، وتسع وثلاثون في غيرهما.
٢- وتفتتح السورة الكريمة ببيان سوء عاقبة الكافرين، وحسن عاقبة المؤمنين، ثم تحض المؤمنين على الإغلاظ في قتال الكافرين، وفي أخذهم أسارى، وفي الإعلاء من منزلة المجاهدين في سبيل الله.
قال- تعالى-: وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ، سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ، وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ...
٣- ثم وجه- سبحانه- نداء إلى المؤمنين وعدهم فيه بالنصر متى نصروه وتوعد الكافرين بالتعاسة والخيبة، ووبخهم على عدم اعتبارهم واتعاظهم، كما بشر المؤمنين- أيضا- بجنة فيها ما فيها من نعيم.
قال- تعالى-: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ، فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ، وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى، وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ، وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ، كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ، وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ.
٤- ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن المنافقين، فذكرت جانبا من مواقفهم السيئة من النبي صلّى الله عليه وسلّم ومن دعوته، ووبختهم على خداعهم وسوء أدبهم.
قال- تعالى-: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا
(١) راجع الإتقان في علوم القرآن ج ١ ص ٢٧ للسيوطي.

صفحة رقم 213

الْعِلْمَ ماذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ.
٥- ثم صورت السورة الكريمة ما جبل عليه هؤلاء المنافقون من جبن وهلع، وكيف أنهم عند ما يدعون إلى القتال يصابون بالفزع الخالع.
قال- سبحانه- وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ، فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ، رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ. طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ، فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ.
٦- وبعد أن بينت السورة الكريمة أن نفاق المنافقين كان بسبب استحواذ الشيطان عليهم، وتوعدتهم بسوء المصير في حياتهم وبعد مماتهم.
بعد كل ذلك أخبرت النبي صلّى الله عليه وسلّم بأوصافهم الذميمة، فقال- تعالى-: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ. وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ، فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ، وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ.
٧- ثم عادت السورة إلى الحديث عن الكافرين وعن المؤمنين، فتوعدت الكافرين بحبوط أعمالهم. وأمرت المؤمنين بطاعة الله ورسوله. ونهتهم عن اليأس والقنوط، وبشرتهم بالنصر والظفر، وحذرتهم من البخل، ودعتهم إلى الإنفاق في سبيل الله.
قال- تعالى-: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ، وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ. ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ.
٨- هذا والمتدبر في هذه السورة الكريمة- بعد هذا العرض الإجمالى لها- يراها تهتم بقضايا من أهمها ما يأتى:
(أ) تشجيع المؤمنين على الجهاد في سبيل الله- تعالى-: وعلى ضرب رقاب الكافرين، وأخذهم أسرى، وكسر شوكتهم، وإذلال نفوسهم.. كل ذلك بأسلوب قد اشتمل على أسمى ألوان التحضيض على القتال.
نرى ذلك في قوله- تعالى-: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ. حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ، فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها.
وفي قوله- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ.
(ب) بيان سوء عاقبة الكافرين في الدنيا والآخرة، ودعوتهم إلى الدخول في الدين الحق، وإبراز الأسباب التي حملتهم على الجحود والعناد.

صفحة رقم 214

نرى ذلك في آيات كثيرة منها قوله- تعالى-: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ. أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ.
(ج) كشفها عن أحوال المنافقين وأوصافهم بصورة تميزهم عن المؤمنين وتدعو كل عاقل إلى احتقارهم ونبذهم. بسبب خداعهم وكذبهم، وجبنهم واستهزائهم بتعاليم الإسلام.
ولقد توعدهم الله- تعالى- بأشد ألوان العذاب، فقال: أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ.
نسأل الله- تعالى- أن يجعلنا من عباده المؤمنين الصادقين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

صفحة رقم 215
التفسير الوسيط
عرض الكتاب
المؤلف
محمد سيد طنطاوي
الناشر
دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية