آيات من القرآن الكريم

فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ۚ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ۚ بَلَاغٌ ۚ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ
ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ

قَوْله تَعَالَى: ﴿فاصبر كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل﴾ أَي: فاصبر على مَا يصيبك من أَذَى الْمُشْركين.
وَقَوله: ﴿كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل﴾ أَكثر الْمُفَسّرين على أَنهم أَرْبَعَة: نوح، وَإِبْرَاهِيم، ومُوسَى، وَعِيسَى عَلَيْهِم السَّلَام، وَقَالَ مقَاتل: أولُوا الْعَزْم، نوح صَبر على

صفحة رقم 164

((٣٣} وَيَوْم يعرض الَّذين كفرُوا على النَّار أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بلَى وربنا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَاب بِمَا كُنْتُم تكفرون (٣٤) فاصبر كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل وَلَا تستعجل لَهُم كَأَنَّهُمْ يَوْم يرَوْنَ مَا يوعدون لم يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَة من نَهَار بَلَاغ فَهَل يهْلك إِلَّا الْقَوْم) أَذَى قومه، وَإِبْرَاهِيم صَبر على النَّار، وَإِسْحَاق صَبر على الذّبْح، وَيَعْقُوب صَبر على فقد الْوَلَد، ويوسف صَبر على السجْن، وَأَيوب صَبر على الضّر. وَقيل: أولُوا الْعَزْم هم: نوح، وَهود، وَإِبْرَاهِيم. وَفِي الْآيَة قَول آخر وَهُوَ مَعْرُوف: أَن جَمِيع الْأَنْبِيَاء هم المُرَاد بِالْآيَةِ، وَلَيْسَت " من " للتَّبْعِيض وَإِنَّمَا للتبيين، وَقَالَ من ذهب إِلَى هَذَا القَوْل: لَيْسَ فِي الْأَنْبِيَاء أحد لَيْسَ لَهُ عزم وَلَا حزم وَلَا رأى وَلَا عقل، بل كَانُوا جَمِيعًا بِهَذِهِ الْأَوْصَاف. وَمِنْهُم من قَالَ: أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل: هم الَّذين أمروا بِالْقِتَالِ ومنابذة الْمُشْركين فَقَاتلُوا ونابذوا، وَفِي بعض المسانيد بِرِوَايَة عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي قَالَ لَهَا: " مَالِي وللدنيا يَا عَائِشَة، وَإِنَّمَا أمرت ان أَصْبِر كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل، صَبَرُوا على مكروهها، وصبروا على محبوبها أَي: مَكْرُوه الدُّنْيَا ومحبوب الدُّنْيَا وَالله لَأَفْعَلَنَّ كَمَا فعلوا، وأجتهدن حَتَّى أنال رضَا رَبِّي " وَالْخَبَر غَرِيب. وَالْقَوْل الَّذِي ذَكرْنَاهُ أخيرا ذكره الْكَلْبِيّ وَغَيره، وَفِي قَول هَؤُلَاءِ لَيْسَ آدم من أولي الْعَزْم وَلَا يُونُس صلوَات الله عَلَيْهِمَا.
وَقَوله: ﴿وَلَا تستعجل لَهُم﴾ فِي التَّفْسِير: أَن النَّبِي استبطأ عَذَاب الْكفَّار [بعض] الاستبطاء؛ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة: ﴿وَلَا تستعجل لَهُم﴾
وَقَوله: ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْم يرَوْنَ مَا يوعدون لم يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَة من نَهَار﴾ وَالْيَوْم الَّذِي يوعدون يَوْم الْقِيَامَة، وَقَوله: ﴿بَلَاغ﴾ أَي: هَذَا بَلَاغ، وَهُوَ إِشَارَة إِلَى الْقُرْآن، وَقَرَأَ (أَبُو) مجلز لَاحق بن حميد " بلغ " على وَجه الْأَمر.

صفحة رقم 165

﴿الْفَاسِقُونَ (٣٥) ﴾
وَقَوله: ﴿فَهَل يهْلك إِلَّا الْقَوْم الْفَاسِقُونَ﴾ أَي: الْكَافِرُونَ، وَالْفَاسِق: [هُوَ] الْخَارِج عَن طَاعَة الله، وَذَلِكَ الْكَافِر، وَيُقَال: إِن هَذِه الْآيَة أَرْجَى آيَة فِي الْقُرْآن. قَالَ قَتَادَة: لَا يهْلك على الله إِلَّا هَالك، ثمَّ فسر الْهَالِك قَالَ: هُوَ كَافِر ولى الْإِسْلَام ظَهره، أَو مُنَافِق يصف الْإِيمَان بِلِسَانِهِ وينكر بِقَلْبِه.

صفحة رقم 166

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

﴿الَّذين كفرُوا وصدوا عَن سَبِيل الله أضلّ أَعْمَالهم (١) وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وآمنوا بِمَا نزل على مُحَمَّد وَهُوَ الْحق من رَبهم كفر عَنْهُم سيئاتهم وَأصْلح﴾
تَفْسِير سُورَة مُحَمَّد
وَهِي مَدَنِيَّة، وَهَذِه السُّورَة تسمى سُورَة الْقِتَال، وَسورَة الْأَنْفَال تسمى سُورَة الْجِهَاد، وَكَانَ أَصْحَاب رَسُول الله إِذا قَاتلُوا الْعَجم وَغَيرهم بعد رَسُول الله قرءوا هَاتين السورتين بَين الصفين؛ ليحرضوا الْمُسلمين على الْقِتَال.

صفحة رقم 167
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية