
أخبرنا ابن فنجويه الدينوري، حدثنا ابن حبش المقري، حدثنا ابن الفضل، حدثنا جعفر ابن محمد الدنقاي الضبي، حدثنا عاصم بن يوسف اليربوعي، حدثنا قطبة بن عبد العزيز السعدي، عن الأعمش، عن سمر بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن أمّ الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «يلقى على أهل النّار الجوع حتّى يعدل ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون فيغاثون بطعام نْ ضَرِيعٍ لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ
، فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالشراب فيستغيثون بالشراب فيدفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد فإذا دنت من وجوههم شوت وجوههم فإذا دخلت بطونهم قطعت ما في بطونهم، فيقولون ادعوا خزنة جهنم، فيقولون ألم تك تأتكم رسلكم بالبينات؟ قالُوا: بَلى، قالُوا: فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ، قال: فيقولون ادعوا مالكا، فيدعون: يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ، فيجيبهم إِنَّكُمْ ماكِثُونَ» ! [٢٠٥] «١».
قال: فقال الأعمش: أنبئت إنّ بين دعائهم وبين إجابته إياهم ألف عام.
أخبرنا ابن فنجويه، حدثنا هارون بن محمد بن هارون، حدثنا محمد بن عبد العزيز، حدثنا القاسم بن يونس الهلالي، حدثنا قطبة بن عبد العزيز يعني السعدي، عن الأعمش، عن سمر بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، عن النبي صلّى الله عليه وسلم: «ونادوا يا مال ليقض علينا ربّك» [٢٠٦]. باللام «٢».
لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ أَمْ أَبْرَمُوا أحكموا. أَمْراً في المكر برسول الله صلّى الله عليه وسلم. فَإِنَّا مُبْرِمُونَ محكمون.
أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ. بَلى نسمع ونعقل وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ يعني الحفظة.
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٨١ الى ٨٩]
قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (٨١) سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٨٢) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٨٣) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٨٤) وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٥)
وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧) وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ (٨٨) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٨٩)
(٢) صحيح البخاري: ٦/ ٣٨، تفسير القرطبي: ١٦/ ١١٦.

قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ يعني إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ في قولكم وبزعمكم، فأنا أول الموحدين المؤمنين بالله في تكذيبكم والجاحدين لما قلتم من إنّ له ولدا.
قاله مجاهد.
وقال ابن عباس: يعني ما كان للرّحمن ولد وأنا أول الشاهدين له بذلك والعابدين له، جعل بمعنى النفي والجحد، يعني ما كان وما ينبغي له ولد. ثمّ ابتداء فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ، وقال السدي: معناه، قُلْ: إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أول من عبده بأنّ له ولد، ولكن لا ولد له، وقال قوم من أهل المعاني: معناه، قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ. فَأَنَا أَوَّلُ الآنفين من عبادته.
ويحتمل أن يكون معناه ما كان للرحمن ولد. ثم قال: فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ الآنفين من هذا القول المنكرين إنّ له ولدا. يقال عبد إذا أنف وغضب عبدا. قال الشاعر:
ألا هويت أم الوليد وأصحبت | لما أبصرت في الرأس مني تعبد «١» |
متى ما يشاء ذو الود يصرّم خليله | ويعبد عليه لا محالة ظالما «٢» |
(وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ) قال: فو الله ما عبد عثمان رضي الله عنه أن بعث إليها ترد. قال عبد الله بن وهب:
ما استنكف ولا أنف «٤»
سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ يكذبون. فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا في باطلهم. وَيَلْعَبُوا في دنياهم. حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ يعني يعبد في السّماء ويعبد في الأرض. وَهُوَ الْحَكِيمُ في تدبير خلقه.
الْعَلِيمُ بصلاحهم.
(٢) جامع البيان للطبري: ٢٥/ ١٣١.
(٣) سورة الأحقاف: ١٥.
(٤) تفسير ابن كثير: ٤/ ١٤٦.

وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ.
اختلف العلماء في معنى هذه الآية. فقال قوم: (مِنْ) في محل النصب وأراد ب الَّذِينَ يَدْعُونَ عيسى وعزير والملائكة، ومعنى الآية: ولا يملك عيسى وعزير والملائكة الشّفاعة إلّا ل مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ فآمن على علم وبصيرة، وقال آخرون: (مِنْ) في وضع رفع والَّذِينَ يَدْعُونَ الأوثان والمعبودين من دون الله. يقول: ولا يملك المعبودون من دون الله الشفاعة إلّا ل مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وهم عيسى وعزير والملائكة يشهدون بالحقّ.
وَهُمْ يَعْلَمُونَ حقيقة ما شهدوا. وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ عن عبادته. وَقِيلِهِ يعني قول محمد صلّى الله عليه وسلم شاكيا إلى ربّه. يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ.
واختلف القراء في قوله: قِيلِهِ، فقرأ عاصم وحمزة وَقِيلِهِ بكسر اللام على معنى وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وعلم قيله، وقرأ الأعرج بالرفع، أي وعنده قيله، وقرأ الباقون بالنصب وله وجهان: أحدهما: أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ ونسمع قِيلَهُ والثاني: وقال: قِيلَهُ.
فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ نسختها آية القتال، ثمّ هددهم.
فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ بالتاء أهل المدينة والشام وحفص، واختاره أيوب وأبو عبيد، الباقون بالياء.

سورة الدخان
مكّية، وهي تسع وخمسون آية، وثلاثمائة وست وأربعون كلمة، وألف وأربعمائة وواحد وثمانون حرفا
أخبرنا محمّد بن القاسم، حدثنا محمّد بن عبد الله، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا محمّد بن يزيد، حدثنا زيد بن حباب، أخبرنا الحسين بن محمّد بن فنجويه، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا أبو عيسى بن علي الختلي، حدثنا أبو هاشم الرفاعي، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا عمر بن عبد الله بن أبي السري عن يحيي بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الدّخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك» [٢٠٧] «١».
أخبرنا محمد بن القاسم، حدثنا عبد الله بن محمد بن علي، حدثنا السّراج، حدثنا أبو يحيى، حدثنا كثير بن هشام، عن هشام بن المقدام، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من قرأ حم الّتي يذكر فيها الدّخان في ليلة الجمعة، أصبح مغفورا له» [٢٠٨] «٢».
أخبرنا عبد الرّحمن بن إبراهيم بن محمد الطبراني بها، حدثنا أبو علي الرقاء، أخبرنا أبو منصور سليمان بن محمد بن الفضل، حدثنا طالوت بن عباد، حدثنا فضال بن كثير حي، قال:
أتيت أبا أمامة، فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «من قرأ حم الدّخان ليلة الجمعة- يوم الجمعة- بنى الله له بيتا في الجنّة» [٢٠٩] «٣».
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(٢) مسند أبي يعلى: ١١/ ٩٤. [.....]
(٣) مجمع الزوائد: ٢/ ١٦٨.