
الحمير اوله زفير وآخره شهيق لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ فى الدنيا بإرسال الرسل وإنزال الكتب وهو خطاب توبيخ وتقريع من جهة الله تعالى مقرر لجواب مالك ومبين لسبب مكثهم وفى التأويلات النجمية لقد جئناكم بالدين القويم فلم تقبلوا لان اهل الطبيعة الانسانية أكثرهم يميلون الى الباطل كما قال وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ اى حق كان كارِهُونَ اى لا يقبلون وينفرون منه لما فى طباعه من اتعاب النفس والجوارح واما الحق المعهود الذي هو التوحيد او القرآن فكلهم كارهون له مشمئزون منه هكذا قالوا والظاهر ما أشار اليه فى التأويلات فاعرف والكراهة مصدر كره الشيء بالكسر اى لم يرده فهو كاره وفى الآية اشارة الى ان النفرة عن الحق من صفات الكفار فلا بد من قبول الحق حلو او مر او الى ان الله تعالى ما ترك الناس سدى بل ارشدهم الى طريق الحق بدلالات الأنبياء والأولياء لكن أكثرهم لم يقبلوا العلاج ثم ان أنفع العلاج هو التوحيد حكى عن الشبلي قدس سره انه اعتل فحمل الى البيمارستان وكتب على بن عيسى الوزير الى الخليفة فى ذلك فارسل الخليفة اليه مقدم الأطباء وكان نصرانيا ليداويه فما أنجحت مداواته فقال الطبيب للشبلى والله لو علمت ان مداواتك من قطعة لحم فى جسدى ما عسر على ذلك فقال الشبلي دوآئى فى دون ذلك قال الطبيب وما هو قال فى قطعك الزنار فقال الطبيب أشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد اعبده ورسوله فاخبر الخليفة بذلك فبكى وقال نفذنا طبيبا الى مريض وما علمنا انا نفذنا مريضا الى طبيب ونظيره ما حكى ان الشيخ نجم الدين الاصفهانى قدس سره خرج مع جنازة بعض الصالحين بمكة فلما دفنوه وجلس الملقن بلقنه ضحك الشيخ نجم الدين وكان من عادته لا يضحك فسأله بعض أصحابه عن ضحكه فزجره فلما كان بعد ذلك قال ما ضحكت الا لانه لما جلس على القبر يلقن سمعت صاحب القبر يقول الا تعجبون من ميت يلقن حيا أشار الى ان الملقن وان كان من زمرة الاحياء صورة لكنه فى زمرة الأموات حقيقة لممات قلبه بالغفلة عن الله تعالى فهو ماكث فى جهنم النفس معذب بعذاب الفرقة لا ينفع نفسه فكيف ينفع غيره بخلاف الذي لقنه فانه بعكس ذلك يعنى انه وان كان فى زمرة الأموات صورة لكن فى زمرة الاحياء حقيقة لان المؤمنين الكاملين لا يموتون بل ينقلون من دار الى دار فهو ماكث فى جنة القلب منعم بنعيم الوصال منتفع بأعماله وأحواله وله تأثير فى نفع الغير ايضا بالشفاعة ونحوها على ما أشار اليه قوله تعالى فالمدبرات امرا
مشو بمرك زامداد اهل دل نوميد | كه خواب مردم آگاه عين بيداريست |

فهى لانكار الواقع واستقباحه اى أبرم واحكم مشركوا مكة امر من كيدهم ومكرهم برسول الله فَإِنَّا مُبْرِمُونَ كيدنا حقيقة لاهم أو فإنا مبرمون بهم حقيقة كما أبرموا كيدهم صورة كقوله تعالى أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون وكانوا يتناجون فى أنديتهم ويتشاورون فى أموره عليه السلام قال فى فتح الرحمن كما فعلوا فى اجتماعهم على قتله عليه السلام فى دار الندوة الى غير ذلك وفى الآية اشارة الى ان امور الخلق منتقدة عليهم فلما يتم لهم ماد بروه وقلما يرتفع لهم من الأمور شىء على ما قدروه وهذه الحال أوضح دليل على اثبات الصانع أَمْ يَحْسَبُونَ اى بل أيحسبون يعنى آيا پندارند ناكران كفار أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وهو ما حدثوا به أنفسهم من الكيد لانهم كانوا مجاهرين بتكذيب الحق وَنَجْواهُمْ اى بما تكلموا به فيما بينهم بطريق التباهي والتشاور وبالفارسية وآنچهـ بر از با يكديكر مشاورت
ميكنند يقال ناجيته اى ساررته وأصله ان تخلو فى نجوة من الأرض اى مكان مرتفع منفصل بارتفاعه عما حوله بَلى نحن نسمعهما ونطلع عليهما وَرُسُلُنا الذين يحفظون عليهم أعمالهم ويلازمونهم أينما كانوا لَدَيْهِمْ عندهم يَكْتُبُونَ اى يكتبونهما او يكتبون كل ما صدر عنهم من الافعال والأقوال التي من جملتها ما ذكر من سرهم ونجواهم ثم تعرض عليهم يوم القيامة فاذا كان خفاياهم غير خفية على الملائكة فكيف على عالم السر والنجوى والجملة عطف على ما يترجم عنه بلى وفى التأويلات النجمية خوفهم بسماعه أحوالهم وكتابة الملك عليهم أعمالهم لغفلتهم عن الله ولو كان لهم خبر عن الله لما خوفهم بغير الله ومن علم ان أعماله تكتب عليه ويطالب بمقتضاها قل إلمامه بما يخاف ان يسأل عنه قال ابو بكر بن طاهر رحمه الله دل قوما من عباده الى الحياء منه ودل قوما الى الحياء من الكرام الكاتبين فمن استغنى بعلم نظر الله اليه والحياء منه أغناه ذلك عن الاشتغال بالكرام الكاتبين وعن يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله من ستر من الناس ذنوبه وأبداها لمن لا يخفى عليه شىء فى السموات والأرض فقد جعله أهون الناظرين اليه وهو من علامات النفاق قال الشيخ سعدى فى كلستانه بخشايش الهى كم شده را در مناهىء چراغ توفيق فرا راه داشت وبحلقه أهل تحقيق درآمد وبيمن قدم درويشان وصدق نفس ايشان ذمايم اخلاق او بمحامد مبدل شده دست از هوا وهوس كوتاه كرده بود وزبان طاعنان در حقش دراز كه همچنانكه قاعده اولست وزهد وصلاحش نامعقول
بعذر توبه توان رستن از عذاب خداى وليك... مى نتوان از زبان مردم رست
چون طاقت جور زبانها نياورد شكايت اين حال با پير طريقت برد شيخ بگريست وكفت شكر آن نعمت كجا كزارى كه بهتر از انى كه پندارندت نيك باشى وبدت كويند خلق به كه بد باشى ونيكت كويند ليكن مرا بين كه حسن ظن همكنان در حق من بكمالست ومن در غايت نقصان
انى لمستتر من عين جيرانى... والله يعلم أسراري واعلانى
در بسته بروى خود ز مردم... تا عيب نكسترند ما را
دربسته چهـ سود عالم الغيب... داناى نهان وآشكارا
يقول الفقير دلت الآية على ان الحفظة يكتبون الاسرار والأمور

القلبية سئل سفيان ابن عيينة رحمه الله هل يعلم الملكان الغيب فقال لا فقيل له فكيف يكتبون ما لا يقع من عمل القلب فقال لكل عمل سيما يعرف بها كالمجرم يعرف بسيماه فاذاهم العبد بحسنة فاح من فيه رائحة المسك فيعلمون ذلك فيكتبونها حسنة وإذا هم بسيئة استقر قلبه لها فاح منه ريح النتن وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الملك لا سبيل له الى معرفة باطن العبد فى قول أكثرهم وقال فى شرح الطريقة يكره الكلام فى الخلاء وعند قضاء الحاجة أشد كراهة لان الحفظة تتأذى بالحضور فى ذلك الموضع الكريه لاجل كتابة الكلام فان سلم عليه فى هذه الحالة قال الامام ابو حنيفة يرد السلام بقلبه لا بلسانه لئلا يلزم كتابة الملائكة فانهم لا يكتبون الأمور القلبية وقال فى ريحان القلوب الذكر الخفي هو ما خفى عن الحفظة لا ما يخفض به الصوت وهو خاص به ﷺ ومن له به أسوة حسنة انتهى والله اعلم بتوفيق الاخبار قُلْ للكفرة إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فرضا كما تقولون الملائكة بنات الله فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ ولذلك الولد وأسبقكم الى تعظيمه والانقياد له وذلك لانه عليه السلام اعلم الناس بشؤونه تعالى وبما يجوز عليه وبما لا يجوز وأولاهم بمراعاة حقوقه ومن مواجب تعظيم الوالد تعظيم ولده اى ان يثبت بحجة قطعية كون الولد له تعالى كما تزعمون فانا أولكم فى التعظيم وأسبقكم الى الطاعة تعظيما لله تعالى وانقيادا لان الداعي الى طاعته وتعظيمه أول واسبق فى ذلك وكون الولد له تعالى مما هو مقطوع بعدم وقوعه ولكن نزل منزلة ما لا جزم لوقوعه واللاوقوعه على المساهلة وإرخاء العنان لقصد التبكيت والإسكات والإلزام فجيىء بكلمة ان فلا يلزم من هذا الكلام صحة كينونة الولد وعبادته لانها محال فى نفسها يستلزم المحال يعنى اين سخن بر سبيل تمثيل است ومبالغه در نفى ولد فليس هناك ولد ولا عبادة له وفى التأويلات النجمية يشير الى نوع من الاستهزاء بهم وبمقالتهم والاستخفاف بعقولهم يعنى قل ان كان للرحمن ولد كما تزعمون وتعبدون عيسى بانه ولده فانا كنت أول العابدين له قال جعفر الصادق رضى الله عنه أول ما خلق الله نور محمد ﷺ قبل كل شىء وأول من وحد الله تعالى ذرة محمد عليه السلام وأول ما جرى به القلم لا اله الا الله محمد رسول الله قال فانا أول العابدين أحق بتوحيد الله وذكر الله سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فى اضافة اسم الرب الى أعظم الاجرام وأقواها تنبيه على انها وما فيها من المخلوقات حيث كانت تحت ملكوته وربوبيتة كيف يتوهم ان يكون شىء منها جزأ منه سبحانه رَبِّ الْعَرْشِ فى تكرير اسم الرب تفخيم لشان العرش عَمَّا يَصِفُونَ اى يصفونه به وهو الولد قال فى بحر العلوم اى سبحوا رب هذه الأجسام العظام لان مثل هذه الربوبية توجب التسبيح على كل مربوب فيها ونزهوه عن كل ما يصفه الكافرون به من صفات الأجسام فانه لو كان جسما لم يقدر على خلق هذا العالم وتدبير امره فَذَرْهُمْ اى اترك الكفرة حيث لم يذعنوا للحق بعد ما سمعوا هذا البرهان الجلى يَخُوضُوا يشرعوا فى أباطيلهم وأكاذيبهم والخوض هو الشروع فى الماء والمرور فيه ويستعار للامور واكثر ما ورد فى القرآن ورد فيما يذم الشروع فيه كما فى المفردات وَيَلْعَبُوا فى دنياهم فان ماهم فيه من الأقوال والافعال ليست الا من باب الجهل واللعب والجزم فى الفعل لجواب الأمر
صفحة رقم 396