
﴿وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير﴾ قوله عز وجل: ﴿وأنذرهم يوم الآزفة﴾ فيه قولان: أحدهما: يوم حضور المنية، قاله قطرب. الثاني: يوم القيامة وسميت الآزفة لدنوها، وكل آزف دانٍ، ومنه قوله تعالى ﴿أزفت الآزفة﴾ [النجم: ٥٧] أي دنت القيامة. ﴿إذ القلوب لَدَى الحناجر﴾ فيه قولان: أحدهما: أن القلوب هي النفوس بلغت الحناجر عند حضور المنية، وهذا قول من تأول يوم الآزفة بحضور المنية، قاله قتادة. ووقفت في الحناجر من الخوف فهي لا تخرج ولا تعود في أمكنتها. ﴿كاظمين﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: مغمومون قاله الكلبي. الثاني: باكون، قاله ابن جريج. الثالث: ممسكون بحناجرهم، ماخوذ من كظم القربة وهو شد رأسها. الرابع: ساكتون، قاله قطرب، وأنشد قول الشماخ:
(فظلت كأن الطير فوق رؤوسها | صيامٌ تنائي الشمس وهي كظوم) |

أحدها: أنه الرمز بالعين، قاله السدي. الثاني: هي النظرة بعد النظرة، قاله سفيان. الثالث: مسارقة النظر، قاله ابن عباس. الرابع: النظر إلى ما نهى عنه، قاله مجاهد. الخامس: هو قول الإنسان ما رأيت وقد رأى، أو رأيت وما رأى، قاله الضحاك. وفي تسميتها خائنة الأعين وجهان: أحدهما: لأنها أخفى الإشارات فصارت بالاستخفاء كالخيانة. الثاني: لأنها باستراق النظر إلى المحظور خيانة. ﴿وما تُخفي الصدور﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: الوسوسة، قاله السدي. الثاني: ما تضمره [عندما ترى امرأة] إذا أنت قدرت عليها أتزني بها أم لا، قاله ابن عباس. الثالث: ما يسره الإنسان من أمانة أو خيانة، وعبر عن القلوب بالصدور لأنها مواضع القلوب.
صفحة رقم 150