
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنْذرهُمْ يَوْم الآزفة﴾ أَي: يَوْم الْقِيَامَة. وَسميت آزفة لقربها، كَأَنَّهَا قريبَة عِنْد الله تَعَالَى، وَإِن كَانَ النَّاس يستبعدونها. وَقيل: هِيَ قريبَة لِأَنَّهَا كائنة لَا محَالة، وكل كَائِن قريب.
وَقَوله: ﴿إِذْ الْقُلُوب لَدَى الْحَنَاجِر﴾ وَعَن عِكْرِمَة أَنه قَالَ: تضيق للنَّاس أَرض الْقِيَامَة، حَتَّى لَا يكون لأحد إِلَّا مَوضِع قدمه، ثمَّ يضيق لَهُم أَيْضا حَتَّى يوضع الْقدَم على الْقدَم، ثمَّ يَبْكُونَ حَتَّى تنفد دموعهم، ثمَّ يَبْكُونَ الدَّم حَتَّى ينْفد، ثمَّ تشخص قُلُوبهم إِلَى حَنَاجِرهمْ، ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْذرهُمْ يَوْم الآزفة إِذْ الْقُلُوب لَدَى

﴿كاظمين مَا للظالمين من حميم وَلَا شَفِيع يطاع (١٨) يعلم خَائِنَة الْأَعْين وَمَا تخفي الصُّدُور (١٩) وَالله يقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذين يدعونَ من دونه لَا يقضون بِشَيْء إِن الله هُوَ﴾ الْحَنَاجِر [كاظمين] ) قَالَ قَتَادَة: ترْتَفع الْقُلُوب من الصُّدُور إِلَى الحلوق، وتلتصق بهَا من الْخَوْف والفزع، فَلَا هِيَ ترجع من أماكنها، وَلَا هِيَ تخرج.
وَقَوله: ﴿كاظمين﴾ الكاظم هُوَ الممسك على قلبه بِمَا فِيهِ. وَقيل: مغمومين مكروبين. وَيُقَال: بَاكِينَ. وَمن هَذَا كظم الغيظ إِذا أمْسكهُ (وصبر) عَلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿وَمَا للظالمين من حميم وَلَا شَفِيع﴾ الْحَمِيم: الْقَرِيب. وَالشَّفِيع: الَّذِي يَدْعُو فيجاب. وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ: استكثروا من أصدقاء الْمُؤمنِينَ فَإِن لَهُم شَفَاعَة عِنْد الله تَعَالَى.
وَقَوله: ﴿يطاع﴾ أَي: يُجَاب.