
وقال: أليس قد أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن تطيعوني؟ قالوا: بلى، قال: قد عزمت عليكم لما جمعتم حطبا وأوقدتم نارا ثم دخلتم فيها. فجمعوا حطبا فأوقدوا نارا، فلما همّوا بالدخول فقاموا ينظر بعضهم إلى بعض فقال بعضهم: إنما تبعنا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فراراً من النار أفندخلها؟ فبينما هم كذلك إذ خمدت النار وسكن غضبه، فذكر للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: "لو دخلوها ما خرجو منها أبداً، إنما الطاعة في المعروف".
(الصحيح ١٣/١٣٠ ح ٧١٤٥ - ك الأحكام، ب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية).
وأخرجه مسلم (الصحيح ٣/١٤٦٩ ح ١٨٤٠- ك الأمارة، ب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية).
انظر حديث البخاري عند الآية ٨٠ من السورة نفسها.
قال مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره. إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة".
(الصحيح ٣/١٤٦٩ ح ١٨٣٩- ك الأمارة، ب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية).
قال البخاري: حدثنا إسماعيل حدثني مالك عن يحيى بن سعيد قال أخبرني عُبادة بن الوليد أخبرنى أبي عن عُبادة بن الصامت قال: "بايعنا رسولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على السمع والطاعة في المنشَط والمكرَه، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم -أو نقول- بالحق حيثما كنا ولا نخاف في الله لومة لائم".
(الصحيح ١٣/٢٠٤ ح ٧١٩٩، ٧٢٠٠- ك الأحكام، ب كيف يبايع الإمام الناس). وأخرجه مسلم في (صحيحه ٣/١٤٧٠ ح ٤١- ك الإمارة، ب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية).
قال الحاكم: حدثنا أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم العدل ببغداد، ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي. وحدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد العنبري من أصل كتابه وسأله عنه أبو على الحافظ ثنا عثمان بن سعيد الدارمي (قالا) ثنا نعيم بن حماد، ثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن الزهرى، عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه جبير قال: قام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالخيف فقال: "نَضَّر الله عبداً سمع مقالتىَ فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها، فرب حامل فقه

لا فقه له، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن: إخلاص العمل لله، والطاعة لذوي الأمر، ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم".
(المستدرك ١/٨٦-٨٧- ك العلم)، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين، قاعدة من قواعد أصحاب الروايات، ولم يخرجاه... ووافقه الذهبي. والحديث عند الطبرانى في (الكبير ٢/١٢٧ رقم ١٥٤٤) من هذا الوجه. قال الهيثمي في (المجمع ١/١٣٩) : رجاله موثقون. وقال الألبانى: إسناد حسن (صحيح الترغيب ١/٤٢).
قال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان، ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة في قول الله تعالى: (وأولى الأمر منكم) قال: هم الأمراء.
ورجاله ثقات وسنده صحيح.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: قوله (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم) يعني أهل الفقه والدين واْهل طاعة الله الذين يعلمون الناس معانى دينهم ويأمرونهم بالمعروف وينهوهم عن المنكر، فأوجب الله سبحانه طاعتهم على العباد.
وأخرجه الحاكم في (المستدرك ١/١٢٣).
قوله تعالى (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) الآية
قال الشيخ الشنقيطي: أمر الله في هذه الآية الكريمة، بأن كل شيء تنازع فيه الناس من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع إلى كتاب الله وسنة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لأنه تعالى قال (من يطع الرسول فقد أطاع الله) وأوضح هذا المأمور به هنا بقوله (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله) الآية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) يقول: ردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر).

قوله تعالى ذلك خير وأحسن تأويلا)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (وأحسن تأويلا)، قال: أحسن جزاء.
قوله تعالى (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت... ) الآية
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن محمد بن إسحاق، عن ابن عباس قال: كان الجلاس بن الصامت قبل توبته فيما بلغني، ومعتب بن قشير، ورافع بن زيد، وبشير كانوا يدّعون الإسلام، فدعاهم رجال من قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فدعوهم إلى الكهان حكام الجاهلية، فأنزل الله تعالى فيهم (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً).
قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عوف الحمصى، ثنا أبو اليمان، ثنا صفوان يعنى ابن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان أبو بردة الأسلمى كاهنا يقضى بين اليهود، فتنافروا إليه أناس من أسلم من اليهود فأنزل الله تعالى (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك).
(ورجاله ثقات وإسناده صحيح، وصححه السيوطي في الدر المنثور ٢/١٧٨).
قوله تعالى (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً. فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاؤك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً)
قال ابن كثير: وقوله (ويصدون عنك صدوداً) أي: يعرضون عنك إعراضاً كالمستكبرين عن ذلك، كما قال تعالى عن المشركين (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا)، هؤلاء وهؤلاء بخلاف المؤمنين، الذين قال الله فيهم (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا) الآية.