آيات من القرآن الكريم

أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا
ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ

منصوب على التمييز، كما تقول: هذا أحسن منك وجهاً وهذا أجود
منك ثَوباً. لأنك في قولك: " هذا أجودُ منك " قد أبهَمْتَ الشيءَ الذي فَضلتَه به، إِلا أَنْ تريد أنَّ جُمْلته أجْوَدُ مِنْ جملتك فتقول: هذا أجود منك.
وتمسك.
وقوله: (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (٥٢)
أي الذِين بَاعَدَهُم مِنْ رَحْمَتِه.
وقد بيَّنَّا أن اللعنة هي المباعدة في جميع اللغة.
شقوله: (وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا).
أي من يباعِد الله من رحمته فهو مخذول في دعواه وحجته ومغلوب.
واليهود خاصةً أبيَنُ خِذْلاناً في أنهم غُلِبُوا من بين جميع سائر أهل الأديان.
لأنهم كانوا أكثر عناداً، وأنهم كتموا الحق وهم يعلمونه.
* * *
وقوله: (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (٥٣)
المعنى بل ألهم نصيب من المُلْكِ.
(فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا)
قال بعضهم: إِنما معناه أنهم لو أعْطُوا الملك، ما أعطوْا الناس
نقيراً، وذكر النقير ههنا تمثيل، المعنى لضنَّوا بِالقليل.
وأما رفع " يُؤْتُونَ" فعلى " فلا يؤتون الناس نقيراً إِذنْ "
ومن نصب فقال: " فإِذا لا يؤتوا الناسَ " جاز له
ذلك في غير القراءة فأَما المصحف فلا يخالف.

صفحة رقم 62

قال سيبويه: " إِذاً " في عوامل الأفعال بمنزلة " أَظن " في عوامل الأسماءِ، فإِذا
ابتدأت إِذَنْ وأنت تريد الاستقبال نصبت لا غير، تقول: إِذَنْ أكرمَكَ، وإِن
جعلتها معترضة ألغيتها فقلت: أنا إِذَنْ أكرمُكَ، أي أنا أكرفك إِذَنْ. فإن أتيت بها مع الواو والفاء قلتَ فإِذاً أكرمُك، وإِن شئت فإذَنْ أكرمَكَ.
فمن قال فَإِذَنْ أكرمك نصَب بها وجعل الفاء ملصقة بها في اللفظ والمعنى، ومن قال: فإِذن أكرمَك جعل إِذاً لغواً، وجَعَل الفاء في المعنى معلقةً بأكرِمكَ والمعنى فأكرمُكَ إِذَنْ.
وتأويل " إِذن ": إِن كان الأمر كما ذكرتَ، أو كما جرى، يقول القائل:
زيد يصير إليكَ فتجيب فتقول إِذن أكرمه.
تأويله إِنْ كان الأمر على ما تصِفُ
وقع إكرامه فَأنْ مع أكرمه مقدرة بعدَ إِذَنْ.
المعنى إِكرامك واقع أن كان الأمر كما قلت.
قال سيبويه: حكى بعض أصحاب الخليل عن الخليل أن " أنْ " هي
العاملة في باب إِذَنْ.
فأمَّا سيبويه فالذي يذهب إِليه ونحكيه عنه أن إِذن نفسها الناصبة، وذلك
أن (إِذَنْ) لما يستقبل لا غير في حال النسبِ، فجعَلَها بمنزلة أنْ في العمل
كما جُعِلَتْ " لكنَّ " نظيرة " إِنَّ " فِي العَمَل في الأسماءَ.
وكلا القولين حسن جميل إِلا أن العامِل - عندي - النصْبَ في سائر الأفعال، (أن)، وذلك أجود، إِما أن تقع ظاهرة أو مضمرة. لأن رفع المستقبل بالمضارعة فيجب أن يكون نصبه في مضارعه ما ينصب في باب الأسماء، تقول أظنُّ أنكَ

صفحة رقم 63
معاني القرآن وإعرابه للزجاج
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، الزجاج
تحقيق
عبد الجليل عبده شلبي
الناشر
عالم الكتب - بيروت
سنة النشر
1408
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
ألفاظ القرآن
اللغة
العربية