آيات من القرآن الكريم

أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا
ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ

﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مّنَ الملك﴾ شروعٌ في تفصيلِ بعضٍ آخرَ من قبائحهم وأمْ منقطعةٌ وما فيها من بل للإضراب والانتقالِ من ذمهم بتزكيتهم أنفسَهم وغيرِها مما حُكي عنهم إلى ذمهم بادّعائهم نصيباً من الملك وبُخلِهم المفرِطِ وشحهم البالغ والهزه لإنكار أن يكون لهم ما يدّعونه وإبطالِ ما زعموا أن المُلك سيصير إليهم وقولُه تعالى
﴿فَإذاَ لاَّ يُؤْتُونَ الناس نَقِيراً﴾ بيانٌ لعدم استحقاقِهم له بل لاستحقاقهم الحِرمانَ منه بسب أنهم من البخل والدناءةِ بحيث لو أوتوا شيئاً من ذلك لما أعطَوا الناسَ منه أقلَّ قليلٍ ومن حق مَنْ أوتي المُلكَ أن يُؤثِرَ الغيرَ بشئ منه فالفاءُ للسببية الجزائيةِ لشرط محذوفٍ أي إن جُعل لهم نصيبٌ منه فإذن لا يؤتون الناسَ مقدار ونقير وهو ما في ظهر النواة من النقرة ويضرب به المثل في القلة والحقارةِ وهذا هو البيانُ الكاشفُ عن كُنه حالِهم وإذا كان شأنُهم كذلك وهم مُلوكٌ فما ظنُّك بهم وهو أذلاءُ متفاقرون ويجوز أن لا تكون الهمزةُ لإنكار الوقوعِ بل لإنكار الواقعِ والتوبيخِ عليه أي لعدِّه مُنكراً غيرَ لائقٍ بالوقوع على أن الفاءَ للعطف والإنكارُ متوجهٌ إلى مجموع المعطوفَين على معنى ألهمْ نصيبٌ وافرٌ من الملك حيث

صفحة رقم 189

٥٤ - ٥٥ النساء كانوا أصحابَ أموالٍ وبساتينَ وقصورٍ مَشيدةٍ كالملوك فلا يؤتون الناسَ مع ذلك نقيراً كما تقول لغنيَ لا يراعي أباه ألك هذا القدرُ من المال فلا تُنفقُ على أبيك شيئاً وفائدةُ إذن تأكيدُ الإنكارِ والتوبيخِ حيث يجعلون ثبوتَ النصيبِ سبباً للمنع مع كونِه سبباً للإعطاء وهي مُلغاةٌ عن العمل كأنه قيل فلا يؤتون الناس إذن وقرئ فإذن لا يؤتون بالنصيب على إعمالها

صفحة رقم 190
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية