
ووعيد. والاشارة ان من رزق شيأ من علم الكتاب ظاهرا ولم يرزق أسراره وحقائقه وهم علماء السوء المداهنون فى دين الله حرصا على الدنيا وطمعا فى المال والجاه وحبا للرياسة والقبول يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وهى المداهنة واتباع الهوى فيبيعون الدين بالدنيا وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ يا معشر العلماء الأتقياء وورثة الأنبياء وطلاب الحق من بين الخلق عن سبيل الحق بما يحسدونكم وينكرون عليكم ويلومونكم ويؤذونكم بطريق النصح واظهار المحبة وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ فلا تقبلوا نصيحتهم فيما يقطعون عليكم طريق الحق ويردونكم عنه ويصدونكم عن الله بالتحريض على طلب غير الله ورعاية حق غير الله وأطيعوا امر الله تعالى فيما أمركم به.
واعلم انك لا ترى حالا أسوأ ولا أقبح ممن جمع بين هذين الامرين اعنى الضلال والإضلال واكثر ما يكونان فى العلماء يطمعون فيما فى أيدي الخلق فيداهنون فيضلون فسبب زوال المداهنة قطع الطمع- روى- عن بعض المشايخ انه كان له سنور وكان يأخذ من قصاب فى جواره كل يوم شيأ من الغدد لسنوره فرأى على القصاب منكرا فدخل واخرج السنور او لاثم جاء واحتسب على القصاب فقال له القصاب لا أعطيك بعد اليوم لسنورك شيأ فقال ما احتسب عليك الا بعد إخراج السنور وقطع الطمع منك فهو كما قال فمن طمع فى ان تكون قلوب الناس عليه طيبة لم يتيسر له الحسبة. فعلى العاقل ان يزكى نفسه عن الأخلاق الرديئة ويطهرها من الخصال الذميمة
چون طهارت نبود كعبه وبتخانه يكيست | نبود خير در آن خانه كه عصمت نبود |

او باجرائها مجرى شبهها من كلمة عبرانية او سريانية كانوا يتسابون بها وهى راعنا كانوا يخاطبون به النبي ﷺ ينوون الشتيمة والاهانة ويظهرون التوقير والاحترام. فان قلت كيف جاؤا بالقول المحتمل ذى الوجهين بعد ما صرحوا وقالوا سمعنا وعصينا. قلت جميع الكفرة كانوا يواجهونه بالكفر والعصيان ولا يواجهونه بالسب ودعاء السوء حشمة منه عليه السلام وخوفا من بطش المؤمنين لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ انتصابه على العلية اى يقولون ذلك للفتل بها ولصرف الكلام عن نهجه الى نسبة السب حيث وضعوا غير مسمع موضع لا استمعت مكروها واجروا راعنا المشابهة لراعينا مجرى انظرنا او فتلابها وضما لما يظهرون من الدعاء والتوقير الى ما يضمرون من السب والتحقير وَطَعْناً فِي الدِّينِ اى قدحا فيه بالاستهزاء والسخرية وَلَوْ أَنَّهُمْ عند ما سمعوا شيأ من أوامر الله ونواهيه قالُوا بلسان المقال او بلسان الحال مكان قولهم سمعنا وعصينا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وبدل قولهم واسمع غير مسمع وَاسْمَعْ ولا يلحقون به غير مسمع وبدل قولهم راعنا وَانْظُرْنا ولم يدسوا تحت كلامهم شرا وفسادا اى لو ثبت انهم قالوا هذا مكان ما قالوا من الأقوال لَكانَ قولهم ذلك خَيْراً لَهُمْ مما قالوا وَأَقْوَمَ اى اعدل واسد فى نفسه وأصوب من القيم اى المستقيم قالوا لما لم يكن فى الذي اختاروه خير أصلا لم جعل هذا خيرا من ذلك وجوابه انه كذلك على زعمهم فخوطبوا على ذلك وهو كقوله آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ اى ولكن قالوا ذلك واستمروا على كفرهم فخذلهم الله وابعدهم عن الهدى بسبب كفرهم ذلك فَلا يُؤْمِنُونَ بعد ذلك إِلَّا قَلِيلًا استثناء من ضمير المفعول فى لعنهم اى ولكن لعنهم الله الا فريقا قليلا فانه تعالى لم يلعنهم فلم ينسد عليه باب الايمان وقد آمن بعد ذلك
فريق من الأحبار كعبد الله بن سلام وكعب واضرابهما وهو استثناء من ضمير لا يؤمنون اى لا يؤمنون الا ايمانا قليلا وهو ايمانهم بموسى وكفرهم بمحمد عليهما السلام. والاشارة ان العلماء السوء من هذه الامة يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ بالفعال لا بالمقال كما كان اهل الكتاب يحرفونه بالمقال وَيَقُولُونَ سَمِعْنا بالمقال فيما امر الله به من ترك الدنيا وزينتها واتباع الهوى ومن إيثار الآخرة على الاولى والانقطاع عن الخلق فى طلب المولى وَعَصَيْنا بالفعال إذ لا يشمون روائح هذه المعاملات ولا يدورون حول هذه المقامات وينكرون على اهل هذه الكرامات ويستهزؤن بانواع المقالات فلا يؤمنون بالقلوب السليمة الا قليلا منهم بان يكفروا بهوى نفوسهم ويؤمنوا بالايمان الحقيقي الذي هو من نتائج الارادة والصدق فى طلب الحق والإخلاص فى العمل لله وترك الدنيا وزخارفها بل بذل الوجود فى طلب المعبود: قال العطار قدس سره
مشو مغرور اين نطق مزور | بنادانى مكن خود را تو سرور |
اگر علم همه عالم بخوانى | چوبي عشقى ازو حروفى ندانى |

بالله. قال الشيخ ابو الحسن رضى الله عنه العلوم كالدنانير والدراهم ان شاء نفعك بها وان شاء اضرك معها والعلم ان قارنته الخشية فلك اجره وثوابه وحصول النفع به والا فعليك وزره وعقابه وقيام الحجة به وعلامة خشية الله ترك الدنيا والخلق ومحاربة النفس والشيطان: قال الشيخ السعدي قدس سره
دعوى كنى كه بر ترم از ديكران بعلم | چون كبر كردى از همه دونان فرو ترى |
شاخ درخت علم ندانم بجز عمل | تا علم با عمل نكنى شاخ بي برى |
علم آدميتست وجوانمردى وادب | ور نه بدى بصورت انسان برابرى |
ترك هواست كشتئ درياى معرفت | عارف بذات شو نه بدين قلندرى |
هر علم را كه كار نه بندى چهـ فائده | چشم از براى آن بود آخر كه بنگرى |
ومنه ما روى عن ابى علقمة انه قال كنت فى قافلة عظيمة فامرنا رجلا نرتحل بامره وننزل بامره فنزلنا منزلا وهو يشتم أبا بكر وعمر فقلنا له فى ذلك فلم يجب إلينا بشىء فلما أصبحنا واوقرنا وأصلحنا الراحلة لم يناد مناديه فجئناه ننظر ما حاله وما يصنع فاذا هو متربع وقد غطى رجليه بكساء له فكشفنا عنهما فاذا هو قد صار رجلاه كرجلى الخنازير فهيأنا راحلته وحملناه صفحة رقم 217