آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا
ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ

الطَّهَارَةِ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى بَعْضِ أَعْضَاءِ طَهَارَتِهِ جِرَاحَةٌ لَا يُمْكِنْهُ غَسْلَ مَحَلِّهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ بَدَلًا عَنْ غَسْلِهِ، وَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لِصَلَاةِ الْوَقْتِ إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ فَرِيضَتَيْنِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة: ٦] إِلَى أَنْ قَالَ: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا، ظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ أَوِ التَّيَمُّمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، إِلَّا أَنَّ الدَّلِيلَ قَدْ قَامَ في الوضوء:
ع «٦٣٠» فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ.
فَبَقِيَ التَّيَمُّمُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَهَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ كَالطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ مَا شَاءَ مِنَ الْفَرَائِضِ مَا لَمْ يُحْدِثْ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ مَعَ الْفَرِيضَةِ مَا شَاءَ مِنَ النَّوَافِلِ قَبْلَ الْفَرِيضَةِ وَبَعْدَهَا، وَأَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ إِنْ كَانَ جُنُبًا، وَإِنْ كَانَ تَيَمُّمُهُ بِعُذْرِ السَّفَرِ وَعَدَمِ الْمَاءِ فَيُشْتَرَطُ طَلَبُ الْمَاءِ وَهُوَ أن يطلبه في رحله ومن رفقائه، وإن كان في صحراء ولا حَائِلَ دُونَ نَظَرِهِ [١] يَنْظُرُ حَوَالَيْهِ، وَإِنْ كَانَ دُونَ نَظَرِهِ حَائِلٌ قَرِيبٌ مِنْ تَلٍّ أَوْ جِدَارٍ عَدَلَ عَنْهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ:
فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا، ولا يقال: لم يجد إِلَّا لِمَنْ طَلَبَ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ طَلَبُ الْمَاءِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَإِنْ رَأَى الْمَاءَ وَلَكِنْ [٢] بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ حَائِلٌ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبْعٍ يَمْنَعُهُ مِنَ الذَّهَابِ إِلَيْهِ أَوْ كان الماء في بئر وَلَيْسَ مَعَهُ آلَةُ الِاسْتِقَاءِ، فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ [٣] يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ وَلَا إِعَادَةَ عليه.
[سورة النساء (٤) : آية ٤٤]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (٤٤)
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ، يَعْنِي: يَهُودَ الْمَدِينَةِ، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: نَزَلَتْ فِي رِفَاعَةَ بْنِ زَيْدٍ ومالك بن دخشم، كانا إِذَا تَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلّم لويا لسانهما وَعَابَاهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، يَشْتَرُونَ، يَسْتَبْدِلُونَ، الضَّلالَةَ، يَعْنِي: بِالْهُدَى، وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ أَيْ: عَنِ السَّبِيلِ يَا مَعْشَرَ المؤمنين.
[سورة النساء (٤) : الآيات ٤٥ الى ٤٧]
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً (٤٥) مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (٤٦) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (٤٧)

٦٣٠- ع صحيح. أخرجه مسلم ٢٧٧ وأبو داود ١٧٢ والترمذي ٦١ والنسائي ١/ ١٦ وابن ماجه ٥١٠ والطيالسي ١/ ٥٤ وأحمد ٥/ ٣٥٠ و٣٥١ و٣٥٨ والدارمي ١/ ١٦٩ وابن حبان ١٧٠٦- ١٧٠٨ وأبو عوانة ١/ ٢٣٧ والطحاوي في «المعاني» (١/ ٤١) والبيهقي ١/ ١٦٢ والبغوي في «شرح السنة» (٢٣١) من طرق عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أبيه مرفوعا.
وانظر الحديث الآتي برقم: ٧٤٣.
(١) في المطبوع «نظر».
(٢) في المطبوع «ولكنه».
(٣) في المخطوط «كالعادم».

صفحة رقم 640

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ، مِنْكُمْ، فَلَا تَسْتَنْصِحُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْدَاؤُكُمْ، وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً، [قَالَ الزَّجَّاجُ: [مَعْنَاهُ] [١] اكْتَفُوا بِاللَّهِ وَلِيًّا وَاكْتَفُوا بِاللَّهِ نَصِيرًا] [٢].
مِنَ الَّذِينَ هادُوا، قِيلَ: هِيَ مُتَّصِلَةٌ بُقُولِهِ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ مِنَ الَّذِينَ هادُوا وَقِيلَ: هِيَ مُسْتَأْنَفَةٌ، مَعْنَاهُ: مِنَ الَّذِينَ هَادُوا مَنْ يُحَرِّفُونَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) [الصَّافَّاتِ: ١٦٤] أَيْ: مَنْ لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ [٣] يُرِيدُ: فَرِيقٌ، يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ، يُغَيِّروُنَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ، يَعْنِي: صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كان الْيَهُودُ يَأْتُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْأَلُونَهُ عَنِ الْأَمْرِ فَيُخْبِرُهُمْ فَيَرَى أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ فَإِذَا انْصَرَفُوا مِنْ عِنْدِهِ حَرَّفُوا كَلَامَهُ.
وَيَقُولُونَ سَمِعْنا قَوْلَكَ، وَعَصَيْنا، أَمْرَكَ، وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ أَيْ: اسْمَعْ مِنَّا وَلَا نَسْمَعُ مِنْكَ، غَيْرَ مُسْمَعٍ أَيْ: غَيْرَ مَقْبُولٍ مِنْكَ.
وَقِيلَ: كَانُوا يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْمَعْ ثُمَّ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: لَا سَمِعْتَ، وَراعِنا أَيْ:
وَيَقُولُونَ رَاعِنَا يُرِيدُونَ بِهِ النِّسْبَةَ إِلَى الرُّعُونَةِ، لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ، تَحْرِيفًا، وَطَعْناً، قدحا فِي الدِّينِ، لأن قولهم: راعنا مِنَ الْمُرَاعَاةِ، وَهُمْ يُحَرِّفُونَهُ، يُرِيدُونَ بِهِ الرُّعُونَةَ، وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا، أَيِ: انْظُرْ إِلَيْنَا مَكَانَ قَوْلِهِمْ رَاعِنَا، لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ، أَيْ أَعْدَلَ وَأَصْوَبَ، وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا إِلَّا نَفَرًا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَمَنْ أسلم معه منهم.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ، يُخَاطِبُ الْيَهُودَ، آمِنُوا بِما نَزَّلْنا، [يَعْنِي:
الْقُرْآنَ] [٤]، مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ، يَعْنِي: التَّوْرَاةَ.
ع «٦٣١» وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَّمَ أَحْبَارَ الْيَهُودِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صُورِيَّا وَكَعْبَ بن أسد [٥]، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ اتَّقُوا الله وأسلموا فو الله إِنَّكُمْ لِتَعْلَمُونِ أَنَّ الَّذِي جِئْتُكُمْ بِهِ لَحَقٌّ»، قَالُوا: مَا نَعْرِفُ ذَلِكَ، وَأَصَرُّوا عَلَى الْكُفْرِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَجْعَلُهَا كَخُفِّ الْبَعِيرِ، وَقَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: نُعْمِيهَا، وَالْمُرَادُ بِالْوَجْهِ الْعَيْنُ، فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها، أَيْ: نَطْمِسُ الوجوه فنردها عَلَى الْقَفَا، وَقِيلَ: نَجْعَلُ الْوُجُوهَ مَنَابِتَ الشَّعْرِ كَوُجُوهِ الْقِرَدَةِ، لِأَنَّ منابت شعور الآدميين في أدبار [٦] وُجُوهِهِمْ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ نَمْحُو آثَارَهَا وما فيها من

٦٣١- ع أخرجه الطبري ٩٧٢٩ والبيهقي في «الدلائل» (١/ ٥٣٣- ٥٣٤) من حديث ابن عباس، وفي إسناده محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، وهو مجهول وأصله في «صحيح البخاري» (٣٩١١) من حديث أنس دون ذكر نزول الآية.
(١) زيادة عن- ط.
(٢) زيادة عن المخطوط وط. [.....]
(٣) في المطبوع وحده «منزله معلومة» والمثبت عن المخطوط وط.
(٤) سقط من المخطوط.
(٥) في المطبوع «الأشرف» والمثبت عن الطبري ٩٧٢٩ والمخطوط أيضا.
(٦) زيد في المطبوع وط «هم دون».

صفحة رقم 641
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي -بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية