وتدعولهم بالعدل والانصاف وتدل الناس عليه. واما النصيحة للعامة فهو ان تحب لهم ما تحب لنفسك وان تصلح بينهم ولا تهجرهم وتدعولهم بالصلاح. ولا شك ان المصلحين هم خيار الناس بخلاف المفسدين فانهم شرار الخلق إذ هم يسعون فى الأرض بالفساد والتفريق وإيقاظ الفتنة دون إزالتها وقدورد (الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها)
از آن همنشين تا توانى كريز
كه مر فتنه خفته را كفت خيز
ومن المفسدين من يوصل كلام أحد الى أحد فيه ما يسوؤه ويحزنه فالعاقل لا يصيخ الى مثل هذا القائل
بدى در قفا عيب من كرد وخفت
بتر زو قرينى كه آورد وكفت
يكى تيرى افكنده ودر ره فتاد
وجودم نيازرد ورنجم نداد
تو بر داشتى وآمدى سوى من
همى در سپوزى به پهلوى من
والاشارة فى الآية انه إذا وقع الخلاف بين الشيخ الواصل والمريد المتكاسل فَابْعَثُوا متواسطين أحدهما من المشايخ المعتبرين والثاني من معتبرى السالكين لينظرا الى مقالهما ويتحققا أحوالهما إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً بينهما بما رأيا فيه صلاحهما يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما بالارادة وحسن التربية إِنَّ اللَّهَ كانَ فى الأزل عَلِيماً باحوالهما خَبِيراً بمآلهما فقدر لكل واحد منهما بما عليهما وبما لهما كذا فى تأويلات الشيخ العارف نجم الدين الكبرى قدس سره وقد عرف منه ان التهاجر والمخالفة تقع بين الكاملين كما بين عوام المؤمنين ولا يمنع اختلافهم الصوري اتفاقهم المعنوي وقد اقتضت الحكمة الالهية ذلك فلمثل هذا سر لا يعرفه عقول العامة: قال مولانا جلال الدين فى بيان اتحاد الأولياء والكاملين
چون ازيشان مجتمع بينى دو يار
هم يكى باشند وهم شش صد هزار «١»
بر مثال موجها اعدادشان
در عدد آورده باشد پادشان
تفرقه در روح حيوانى بود
نفس واحد روح انسانى بود
مؤمنان معدود ليك ايمان يكى
جسم شان معدود ليكن جان يكى «٢»
والحاصل ان اهل الحق كلهم نفس واحدة والتفرقة بحسب البشرية والتخالف سبب لا ينافى توافقهم فى المعنى من كل وجه وجهة وَاعْبُدُوا اللَّهَ العبادة عبارة عن كل فعل وترك يؤتى به بمجرد امر الله تعالى بذلك وهذا يدخل فيه جميع اعمال القلوب وجميع اعمال الجوارح وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً من الأشياء صنما او غيره او شيأ من الإشراك جليا وهو الكفر او خفيا وهو الرياء وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً اى وأحسنوا إليهما إحسانا. فالباء بمعنى الى كما فى قوله وَقَدْ أَحْسَنَ بِي وبدأ بهما لان حقهما أعظم حقوق البشر فالاحسان إليهما بان يقوم بخدمتهما ولا يرفع صوته عليهما ولا يخشن فى الكلام معهما ويسعى فى تحصيل مطالبهما والانفاق عليهما بقدر القدرة وَبِذِي الْقُرْبى وبصاحب القرابة من أخ او عم او خال او نحو ذلك بصلة الرحم والمرحمة ان استغنوا والوصية وحسن الانفاق ان افتقروا وَالْيَتامى بانفاق ما هو أصلح لهم او بالقيام على أموالهم ان كان وصيا وَالْمَساكِينِ
(١) در أوائل دفتر دوم در بيان مشورت كردن خداى تعالى با فرشتگان در إيجاد خلق
(٢) در أوائل دفتر چهارم در بيان شرح انما المؤمنون اخوة إلخ
صفحة رقم 205
بالمبار والصدقات واطعام الطعام او بالرد الجميل وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى اى الذي قرب جواره او الذي له مع الجوار اتصال بنسب او دين قال عليه السلام (والذي نفسى بيده لا يؤدى حق الجار الا من رحم الله وقليل ما هم أتدرون ما حق الجار ان افتقر أغنيته وان استقرض أقرضته وان أصابه خير هنأته وان أصابه شر عزيته وان مرض عدته وان مات شعيت جنازته) وَالْجارِ الْجُنُبِ اى البعيد او الذي لا قرابة له. وعنه عليه السلام (الجيران ثلاثة فجار له ثلاثة حقوق حق الجوار وحق القرابة وحق الإسلام وجار له حقان حق الجوار وحق الإسلام وجار له حق واحد هو حق الجوار وهو الجار من اهل الكتاب) وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ اى الرفيق فى امر حسن كتعلم وتصرف وصناعة وسفر فانه صحبك وحصل بجانبك ومنهم من قعد بجنبك فى مسجد او مجلس او غير ذلك من ادنى صحبة التأمت بينك وبينه فعليك ان ترعى ذلك الحق ولا تنساه وتجعله ذريعة الى الإحسان وَابْنِ السَّبِيلِ هو المسافر الذي سافر عن بلده وماله والإحسان بان تؤويه وتزوده او هو الضيف الذي ينزل عليك وحقه ثلاثة ايام ومازاد على ذلك فهو صدقة ولا يحل له ان يقيم عنده حتى يخرجه وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ من العبيد والإماء والإحسان إليهم بان يؤدبهم ولا يكلفهم ما لا طاقة لهم ولا يكثر العمل لهم طول النهار ولا يؤذيهم بالكلام الخشن بل يعاشرهم معاشرة حسنة ويعطيهم من الطعام والكسوة ما يحتاجون اليه. قال بعضهم كل حيوان فهو مملوك والإحسان اليه بما يليق به طاعة عظيمة إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا اى متكبرا يأنف من أقاربه وجيرانه وأصحابه ولا يلتفت إليهم فَخُوراً بما لا يليق يتفاخر عليهم ولا يقوم بالحقوق ويقال فخورا فى نعم الله لا يشكر قال الله تعالى لموسى عليه السلام [يا موسى انى انا الله لا اله الا انا فاعبدنى وحدي لا شريك لى فمن لم يرض بقضائي ولم يشكر على نعمائى ولم يصبر على بلائي ولم يقنع بعطائى فليعبد ربا سواى. يا موسى لولا من يسجد لى ما أنزلت من السماء قطرة ولا أنبت فى الأرض شجرة ولولا من يعبدنى مخلصا لما أمهلت من يجحدنى طرفة عين ولولا من يشكر نعمتى لحبست القطر فى الجو. يا موسى لولا التائبون لخسفت بالمذنبين ولولا الصالحون لا هلكت الصالحين]. واعلم ان العبادة ان تعبد الله وخده بطريق أوامره ونواهيه ولا تعبد معه شيأ من الدنيا والعقبى فانك لو عبدت الله خوفا من شىء او طمعا فى شىء فقد عبدت ذلك الشيء والعبودية طلب المولى بالمولى بترك الدنيا والعقبى والتسليم عند جريان القضاء شاكرا صابرا فى النعم والبلوى فلا بد من التوحيد الصرف وترك الشرك حتى يوصله الله الى مبتغاه: قال بعض العارفين
نقد هستى محو كن در «لا اله»
تا به بينى دار ملك پادشاه
غير حق هر ذره كان مقصود تست
تيغ «لا» بركش كه آن معبود تست
«لا» كه عرش وفرش را بر مى درد
از فنا سوى بقاره ميبرد
«لا» ترا از تو رهايى ميدهد
با خدايت آشنايى ميدهد
چون تو خود را از ميان برداشتى
قصر ايمانرا درى افراشتى
صفحة رقم 206
وذلك لكمال دناءتهم وقصور نظرهم وعدم شكرهم واللئيم لا يفعل الا ما يناسب طبعه
چومنعم كند سفله را روزكار
نهد بر دل تنك درويش بار
چوبام بلندش بود خود پرست
كند بول وخاشاك بر بام پست.
قال بشير بن الحارث النظر الى البخيل يقسى القلب فلا بد من مجانبة مجالسته وصحبته
چونكه باشد مجاورت لازم
همجوار كريم بايد بود
كر كنى با كسى مشاوره
آن مشاور حكيم بايد بود
ففى السخاء بركات فى الدين والدنيا والآخرة. قيل ان مجوسيا تصدق بمائة دينار فرأى الشبلي ذلك فقال ما تنفعك هذه الصدقة فبكى المجوسي ونظر الى السماء فاذا رقعة وقعت عليه مكتوب فيها بخط اخضر
مكافأة السماحة دار خلد
وأمن من مخافة يوم بؤس
وما نار بمحرقة جوادا
ولو كان الجواد من المجوس
يعنى ان الله تعالى يوفق السخي للايمان ان كان كافرا ولزيادة الطاعة والإخلاص فيها ان كان مؤمنا فيترقى الى الدرجات العلى ويليق بمشاهدة ربه الأعلى إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ لا ينقص من الاجر ولا يزيد فى العقاب شيأ مقدار ذرة وهى النملة الصغيرة الحمراء التي لا تكاد ترى من صغرها او الصغير جدا من اجزاء التراب او ما يظهر من اجزاء الهباء المنبث الذي تراه فى البيت من ضوء الشمس وهو الأنسب بمقام المبالغة وهذا نفى للظلم لانه إذا نفى القليل نفى الكثير لان القليل داخل فى الكثير وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً اى وان يك مثقال الذرة حسنة انث الضمير لتأنيث الخبر او لاضافة المثقال الى مؤنث وحذف النون من غير قياس تشبيها بحروف العلة وتخفيفا لكثرة الاستعمال يُضاعِفْها اى يضاعف ثوابها لان تضاعف نفس الحسنة بان يجعل الصلاة الواحدة صلاتين مما لا يعقل وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ ويعط صاحبها من عنده على سبيل التفضيل زائدا على ما وعد فى مقابلة العمل أَجْراً عَظِيماً عطاء جزيلا وانما سماه اجرا لكونه تابعا للاجر مزيدا عليه. قال فى التيسير وما وصفه الله بالعظم فمن يعرف مقداره مع انه سمى الدنيا وما فيها قليلا وسمى هذا الفضل عظيما- روى- انه يؤتى يوم القيامة بالعبد وينادى مناد على رؤوس الأولين والآخرين هذا فلان ابن فلان من كان له عليه حق فليأت الى حقه ثم يقال له أعط هؤلاء حقوقهم فيقول يا رب من اين وقد ذهبت الدنيا فيقول الله لملائكته انظروا فى اعماله الصالحة فاعطوهم منها فان بقي مثقال ذرة من حسنة ضعفها الله تعالى لعبده وادخله الجنة بفضله ورحمته والظاهر ان ذلك التضعيف يكون من جنس اللذات الموعود بها فى الجنة واما هذا الاجر العظيم الذي يؤتيه من لدنه فهو اللذة الحاصلة عند الرؤية وعند الاستغراق فى المحبة والمعرفة وانما خص هذا النوع بقوله من لدنه لان هذا النوع من الغبطة والسعادة والكمال لا ينال بالأعمال الجسدية بل انما ينال بما يودع الله فى جوهر النفس المقدسية من الاشراق والصفاء والنور وبالجملة فذلك التضعيف اشارة الى السعادات الجسمانية وهذا الاجر العظيم اشارة الى السعادات
صفحة رقم 209