آيات من القرآن الكريم

إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا
ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ

عذابا يهينهم ويذلهم، وقد سماهم الله كفارا للإشارة إلى أن من هذا شأنه فهو كافر بنعمة الله، ومن كان كافرا بنعمة الله فله عذاب يهينه كما أهان النعمة بالبخل والإخفاء.
والذين ينفقون أموالهم للرياء والسمعة، لا شكرا لله على النعمة، ولا اعترافا لعباده بحق والمرائى أقل خطرا من البخيل ولذا أخر في الذكر. وهم لا يؤمنون بالله حقا- لأن المؤمن الكامل لا ينفق رياء بل لله- ولا يؤمنون باليوم الآخر. إذ هم لو كانوا كذلك ما راءوا أحدا بل يعملون لهذا اليوم وهؤلاء هم قرناء الشيطان يوحى إليهم ويعدهم بالفقر لو أنفقوا، ويأمرهم بالفحشاء والمنكر، ومن يكن الشيطان له قرينا فبئس هذا القرين.
أى ضرر كان يلحقهم لو آمنوا حقيقة بالله وعملوا لليوم الآخر الذي فيه الجزاء وآمنوا به، وأنفقوا مما رزقهم الله ابتغاء رضوانه وامتثالا لأمره؟ وهذا الأسلوب للتعجب من حالهم إذ هم لو أخلصوا العمل لما فاتهم ما يطلبون من منافع الدنيا والآخرة، فحالهم حقيقة جدير بالعجاب.
وكان الله بهم عليما وخبيرا وسيجازيهم على أعمالهم، فعلى المؤمن أن يعتقد أن الله يراه ويحاسبه على عمله فإنه إن لم يكن يرى الله فالله يراه.
ترغيب وتحذير [سورة النساء (٤) : الآيات ٤٠ الى ٤٢]
إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً (٤٠) فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (٤١) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً (٤٢)

صفحة رقم 375

المفردات:
لا يَظْلِمُ الظلم: النقص وتجاوز الحد. مِثْقالَ أصله: المقدار الذي له ثقل، ثم أطلق على المعيار المخصوص للذهب. ذَرَّةٍ: أصغر ما يدرك من الأجسام، وقيل: الجزء الذي لا يتجزأ، وقيل: هي ما يرى في نور الشمس إذا دخلت من نافذة، والذرة الآن لها اصطلاح علمي آخر.
المناسبة:
بعد الإرشادات السابقة من الأوامر والنواهي، رغب- سبحانه- في الامتثال وحذر من المخالفة والعصيان بهذه الآيات.
المعنى:
الله- سبحانه وتعالى- متصف بكل كمال، ومنزه عن كل نقص، ومن النقص الظلم، ومن الظلم أن ينقص أحدا من أجر عمله شيئا ولو بسيطا جدّا أو يعاقب أحدا مهما كان بغير ما يستحق وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً «١». فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ «٢».
والله خلق الخلق ولهم عقول ومشاعر تدرك بعض الخير والشر، وأرسل لهم رسلا وأنزل معهم كتبا لتمام هدايتهم مع المبالغة في التحذير والإنذار، فمن اجترح سيئة بعد ذلك، ووقع فيما يضره ويؤذيه كان هو الظالم لنفسه وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ «٣».
ومن فضله وإحسانه أنه يضاعف الحسنة إلى عشرة، ويجزى السيئة بمثلها فقط مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها «٤» والله يضاعف بعد هذا لمن يشاء، ويؤتى من لدنه أجرا عظيما فهو واسع الفضل كثير الخير.
وإذا كان هذا هو النظام العام في الثواب والعقاب، فكيف حال هؤلاء الكفرة؟ إذا جاء يوم القيامة وشهد عليهم أنبياؤهم وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ «٥» وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا «٦».

(١) سورة الأنبياء آية ٤٧.
(٢) سورة الزلزلة الآيتان ٧ و ٨.
(٣) سورة فصلت آية ٤٦.
(٤) سورة الأنعام آية ١٦٠.
(٥) سورة فاطر آية ٢٤.
(٦) سورة الإسراء آية ٦٥.

صفحة رقم 376
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية