
أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ الآية توبيخ لهم وإقامة حجة عليهم وقيل: إن مدة التذكير ستون سنة وقيل: أربعون وقيل: البلوغ والأول أرجح لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عمره الله ستين فقد أعذر إليه في العمر «١» وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: يعني الشيب، لأنه نذير بالموت والأول أظهر إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ
أي بما تضمره الصدور وتعتقده، وقال الزمخشري: ذات هنا تأنيث ذو بمعنى صاحب لأن المضمرات تصحب الصدور خَلائِفَ ذكر في الأنعام مَقْتاً المقت احتقار الإنسان وبغضه لأجل عيوبه أو ذنوبه قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الآية احتجاج على المشركين وإبطال لمذهبهم أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ أي نصيب عَلى بَيِّنَةٍ «٢» قرأ نافع بيّنات أي على أمر جليّ، والضمير في أتيناهم يحتمل أن يكون للأصنام أو للمشركين وهذا أظهر في المعنى والأول أليق بما قبله من الضمائر أَنْ تَزُولا في موضع مفعول من أجله تقديره كراهة أن تزولا أو مفعول به لأن يمسك بمعنى يمنع وَلَئِنْ زالَتا أي لو فرض زوالهما لم يمسكهما أحد، وقيل: أراد زوالهما يوم القيامة عند طيّ السماء وتبديل الأرض ونسف الجبال مِنْ بَعْدِهِ أي من بعد تركه الإمساك وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ الضمير لقريش وذلك أنهم قالوا: لعن الله اليهود والنصارى جاءتهم الرسل فكذبوهم، والله لئن جاءنا رسول لنكونن أهدى منهم إِحْدَى الْأُمَمِ يعني اليهود والنصارى فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ يعني محمد صلى الله عليه وآله وسلم
اسْتِكْباراً بدل من نفورا أو مفعول من أجله وَمَكْرَ السَّيِّئِ هذا من إضافة الصفة إلى الموصوف كقولك: مسجد الجامع وجانب الغربي والأصل أن يقال: المكر السيء وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ أي لا يحيط وبال المكر السيء إلا بمن مكره ودبره، وقال كعب لابن عباس: إن في التوراة من حفر حفرة لأخيه وقع فيها فقال ابن عباس: أنا أجد هذا في كتاب الله: ولا يحيق المكر
(٢). قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر والكسائي: فهم على بينات منه، والباقون: بينة.

السيء إلا بأهله فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ أي هل ينظرون إلا عادة الأمم المتقدمة في أخذ الله لهم وإهلاكهم بتكذيبهم للرسل وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ أي لا يفوته شيء ولا يصعب عليه ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ الضمير للأرض والدابة عموم في كل ما يدب وقيل: أراد بني آدم خاصة إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى يعني يوم القيامة وباقي الآية وعد ووعيد.
صفحة رقم 178