
﴿وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا استكبارا في الأرض ومكر السيء ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا﴾ قوله عز وجل: ﴿وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ هم قريش أقسموا قبل أن يبعث الله تعلى رسوله محمداً ﷺ، حين بلغهم أن أهل الكتاب كذبوا رسلهم، فلعنوا من كذب نبيه منهم، وحلفوا بالله جل اسمه يميناً. ﴿لَئِن جَآءَهُم نَذِيرٌ﴾ أي نبي. ﴿لَّيَكُوننَّ أَهْدَى مِنْ إحْدَى الأُمَمْ﴾ يعني ممن كذب الرسل من أهل الكتاب. ﴿فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ﴾ يعني محمداً صلى الله عليه وسلم. ﴿مَّا زَادَهُمْ إلاَّ نُفُوراً﴾ فيه وجهان: أحدهما: نفوراً عن الرسول. الثاني: نفوراً عن الحق. قوله عز وجل: ﴿اسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ﴾ فيه وجهان: أحدهما: استكباراً عن عبادة الله، قاله يحيى بن سلام. الثاني: استكباراً بمعاصي الله، وهذا قول متأخر. ﴿وَمَكْرَ السَّيِّىءِ﴾ فيه وجهان: أحدهما: الشرك بالله، قاله يحيى.
صفحة رقم 478
الثاني: أنه المكر برسول الله ﷺ ودينه كما قال تعالى: ﴿وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ﴾ [الأنفال: ٣٠] الآية. ﴿وَلاَ يَحِيقُ الْمُكْرُ السَّيِّىءُ إلاَّ بِأَهْلِهِ﴾ فيه وجهان: أحدهما: قاله الكلبي، يحيق بمعنى يحيط. الثاني: قاله قطرب، يحيق بمعنى ينزل، وأنشد قول الشاعر:
(وقد دفعوا المنية فاستقلت | ذراعاً بعدما كادت تحيقُ) |