آيات من القرآن الكريم

أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا
ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛ

وَالتَّحْوِيلُ: نَقْلُ الشَّيْءِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى غَيْرِهِ، وَكَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْحَوْلِ وَهُوَ الْجَانِبُ.
وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ لَا تَقَعُ الْكَرَامَةُ فِي مَوْقِعِ الْعِقَابِ، وَلَا يُتْرَكُ عِقَابُ الْجَانِي. وَفِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ الْحُكَمَاءِ: مَا بِالطَّبْعِ لَا يَتَخَلَّفُ وَلَا يَخْتَلِفُ.
[٤٤]
[سُورَة فاطر (٣٥) : آيَة ٤٤]
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً (٤٤)
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً.
عُطِفَ عَلَى جُمْلَةِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ [فاطر: ٤٣] اسْتِدْلَالًا عَلَى أَنَّ مُسَاوَاتَهُمْ لِلْأَوَّلِينَ تُنْذِرُ بِأَنْ سَيَحِلَّ بِهِمْ مَا حَلَّ بِأُولَئِكَ مِنْ نَوْعِ مَا يُشَاهِدُونَهُ مِنْ آثَارِ اسْتِئْصَالِهِمْ فِي دِيَارِهِمْ.
وَجُمْلَةُ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، أَيْ كَانَ عَاقِبَتُهُمُ الِاضْمِحْلَالَ مَعَ أَنَّهُمْ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ هَؤُلَاءِ فَيَكُونُ اسْتِئْصَالُ هَؤُلَاءِ أقرب.
وَجِيء بِهَذِهِ الْحَالِ فِي هَذِهِ الْآيَة لما يفِيدهُ مَوْقِعُ الْحَالِ مِنِ اسْتِحْضَارِ صُورَةِ تِلْكَ الْقُوَّةِ إِيثَارًا لِلْإِيجَازِ لِاقْتِرَابِ خَتْمِ السُّورَةِ. وَلِذَلِكَ لَمْ يُؤْتَ فِي نَظَائِرِهَا بِجُمْلَةِ الْحَالِ وَلَكِنْ أُتِيَ فِيهَا بِجُمْلَةِ وَصْفٍ فِي قَوْلِهِ فِي سُورَةِ غَافِرٍ [٢١] : الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ، وَفِي سُورَة الرّوم [٩] الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ حَيْثُ أوثر فيهمَا الْإِطْنَابُ بِتَعْدَادِ بَعْضِ مَظَاهِرِ تِلْكَ الْقُوَّةِ.
وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً.
لَمَّا عَرَضَ وَصْفَ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ بِأَنَّهُمْ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قُرَيْشٍ فِي مَعْرِضِ التَّمْثِيلِ بِالْأَوَّلِينَ تَهْدِيدًا وَاسْتِعْدَادًا لِتَلَقِّي مِثْلِ عَذَابِهِمْ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالِاحْتِرَاسِ عَنِ الطَّمَاعِيَةِ فِي النَّجَاةِ مِنْ مِثْلِ عَذَابِهِمْ بِعِلَّةِ أَنَّ لَهُمْ مِنَ الْمُنْجِيَاتِ مَا لَمْ يَكُنْ لِلْأُمَمِ الْخَالِيَةِ كَزَعْمِهِمْ: أَنَّ لَهُمْ آلِهَةً تَمْنَعُهُمْ
مِنْ عَذَابِ اللَّهِ بشفاعتها أَو دفاعها فَقِيلَ: وَما

صفحة رقم 338
تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الطاهر بن عاشور
الناشر
الدار التونسية للنشر
سنة النشر
1403
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية