آيات من القرآن الكريم

۞ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ۚ وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا
ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ

دخل أهل الجنة استقبلهم الولدان والخدم كأنهم اللؤلؤ المكنون. قال: فيبعث الله ملكا من الملائكة معه هدية من رب العالمين وكسوة من كسوة الجنة فيلبسه. قال: فيريد أن يدخل الجنة فيقول الملك: كما أنت فيقف ومعه عشرة «١» خواتيم من خواتيم الجنة هدية من رب العالمين فيضعها في أصابعه. مكتوب في أول خاتم منها: طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ
«٢»، وفي الثاني مكتوب: ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ «٣»، وفي الثالث مكتوب: «رفعت عنكم الأحزان والهموم»، وفي الرابع مكتوب: «زوجناكم الحور العين»، وفي الخامس مكتوب: «ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ»، وفي السادس مكتوب: إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا «٤»، وفي السابع مكتوب:
«أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ»، وفي الثامن: «صرتم آمنين لا تخافون»، وفي التاسع مكتوب: «رافقتم النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ»، وفي العاشر مكتوب: «سكنتم في جوار من لا يؤذي الجيران». ثم تقول الملائكة: «ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ».
فلما دخلوا بيوتا ترفع قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ.. إلى قوله: لُغُوبٌ.
[سورة فاطر (٣٥) : الآيات ٣٦ الى ٤٥]
وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٣٧) إِنَّ اللَّهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٣٨) هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَساراً (٣٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً (٤٠)
إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (٤١) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (٤٢) اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً (٤٣) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً (٤٤) وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً (٤٥)

(١) في المخطوط: عشر.
(٢) سورة الزمر: ٧٣.
(٣) سورة ق: ٣٤. [.....]
(٤) سورة المؤمنون: ١١١.

صفحة رقم 113

وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا أي لا يقبضون فيستريحون.
وذكر عن الحسن: فيموتون، و (لا) يكون حينئذ جوابا للنفي، والمعنى: لا يقضى عليهم ولا يموتون. كقوله: لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ «١».
وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ قراءة العامة بنصب النون واللام وقرأ أبو عمرو بضم الياء واللام وفتح الزاي على غير تسمية الفاعل.
وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ: يدعون ويستغيثون ويصيحون فيها، وهو افتعال من الصراخ، ويقال للمغيث: صارخ وللمستغيث: صارخ. رَبَّنا أَخْرِجْنا من النار نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ في الدّنيا، فيقول الله عز وجل: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ. اختلفوا في هذه المدة، فقال قتادة والكلبي: ثماني عشرة سنة، وقال الحسن: أربعون سنة، وقال ابن عباس:
ستون سنة.
أخبرني أبو عبد الله بن فنجويه «٢» قال: حدّثنا ابن شنبه وأحمد بن جعفر بن حمدان قالا:
حدّثنا إبراهيم بن سهلويه قال: حدّثنا أبو سلمة يحيى بن المغيرة حدّثنا ابن أبي فديك عن عبد الله بن عبد الرّحمن بن أبي حصين عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: «إذا كان يوم القيامة نودي أين أبناء الستين؟ وهو الذي قال الله عز وجل فيه: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ» [٦١] «٣».
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا أبو بكر بن حرجة قال: حدّثنا محمد بن أيوب قال:
حدّثنا الحجبي عن عبد العزيز بن أبي حازم قال: سمعت أبي يحدث عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: «من عمّره الله ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر» [٦٢] «٤».
وأخبرني ابن فنجويه عن أحمد بن جعفر بن حمدان عن إبراهيم بن سهلويه عن الحسين بن عرفة، عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك» [٦٣] «٥».
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «معترك منايا أمتي ما بين الستين إلى السبعين» «٦» [٦٤].

(١) سورة المرسلات: ٣٦.
(٢) في بعض كتب الرجال اثبت بالفاء وفي بعضها بالميم: منجويه.
(٣) مجمع الزوائد: ٧/ ٩٧.
(٤) مسند أحمد: ٢/ ٤١٧.
(٥) مسند أبي يعلى: ١٠/ ٣٩٠، والسنن الكبرى للبيهقي: ٣/ ٣٧٠.
(٦) تفسير القرطبي: ٤/ ١٤٥، وكشف الخفاء: ١/ ١٤٦.

صفحة رقم 114

وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ أي الرسول، وقال زيد بن علي: القرآن، وقال عكرمة وسفيان بن عيينة ووكيع والحسين بن الفضل: يعني الشيب، وفيه قيل:

رأيت الشيب من نذر المنايا لصاحبها وحسبك من نذير «١»
فحدّ الشيب أهبة ذي وقار فلا خلف يكون مع القتير
وقال آخر:
وقائلة تبيض والغواني نوافر عن معاينة القتير «٢»
فقلت لها المشيب نذير عمري ولست مسودا وجه النذير
فَذُوقُوا أي العذاب فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ. إِنَّ اللَّهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ. هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً غضبا وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَساراً. قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أي في الأرض أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً يأمرهم بذلك فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والأعمش وحمزة بَيِّنَةٍ على الواحد، وقرأ غيرهم (بينات) بالجمع، وهو اختيار أبي عبيد قال: لموافقة الخط. فإني قد رأيتها في بعض المصاحف بالألف والتاء. بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً. إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً، روى مغيرة عن إبراهيم قال: جاء من أصحاب عبد الله بن مسعود إلى كعب ليتعلم من علمه، فلما رجع قال عبد اللَّه:
هات الذي أصبت من كعب. قال: سمعت كعبا يقول: إنّ السماء تدور في قطبة مثل قطبة الرحا في عمود على منكب ملك. فقال عبد الله: وددت أنك انفلتّ من رحلتك براحلتك ورحلها، كذب كعب ما ترك يهوديته بعد، إنّ الله عز وجل يقول: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا الآية، إن السماوات لا تدور، ولو كانت تدور لكانت قد زالت.
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ وذلك أنّ قريشا لما بلغهم أن أهل الكتاب كذبوا رسلهم قالوا: لعن الله اليهود والنصارى أتتهم الرسل فكذبوهم، فو الله لئن أتانا رسول لنكونن أهدى دينا منهم، وهذا قبل قدوم النبي صلّى الله عليه وسلم، فلما بعث محمد صلّى الله عليه وسلم كذبوه فأنزل الله عز وجل:
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ، يعني اليهود والنصارى، فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ: محمد صلّى الله عليه وسلم ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً بعدا ونفارا.
(١) تفسير القرطبي: ١٤/ ٣٥٤.
(٢) تفسير مجمع البيان: ٨/ ٢٤٩.

صفحة رقم 115

اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ ونصب اسْتِكْباراً على البدل من النفور، قاله الأخفش، وقيل:
على المصدر، وقيل: نزع الخافض. وَمَكْرَ السَّيِّئِ يعني العمل القبيح، وقال الكلبي: هو إجماعهم على الشرك وقتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ، أي لا يحل ولا ينزل، ويحيط ويلحق فقتلوا يوم بدر، وقراءة العامة: السَّيِّئِ بإشباع الإعراب فيها، وجزم الأعمش وحمزة (ومكر السّي) تخفيفا وكراهة لالتقاء الحركات ولم يعملا ذلك في الأخرى، والقراءة المرضية ما عليه العامة.
وفي الحديث أنّ كعبا قال لابن عباس: قرأت في التوراة: من حفر حفرة وقع فيها. فقال ابن عباس: أنا أوجد لك ذلك في القرآن، ثم قرأ قوله سبحانه وتعالى: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ.
وأخبرني أبو عبد الله الحسين بن فنجويه قال: حدّثنا ابن شنبه قال: حدّثنا محمد بن الحسن البلخي قال: حدّثنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا يونس بن يزيد عن الزهري قال:
بلغنا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «لا تمكر ولا تعن ماكرا فإن: الله سبحانه وتعالى يقول: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ، ولا تبغ ولا تعن باغيا، بقول الله سبحانه وتعالى: إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ «١» ولا تنكث ولا تعن ناكثا فإنّ الله سبحانه يقول: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ «٢» » [٦٥] «٣»
فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ يعني العذاب إذا كفروا فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا.
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً. وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا من الجرائم ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها، يعني الأرض كناية عن غير مذكور مِنْ دَابَّةٍ.
قال الأخفش والحسين بن الفضل: أراد بالدابة: الناس دون غيرهم، وأجراها الآخرون على العموم.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن شنبه [عن] الفربابي قال: حدّثني أبو مسعود أحمد بن الفرات قال: أخبرنا أبو عوانة قال: حدّثنا عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «إذا أصاب الله عز وجل قوما بعذاب أصاب به من بين ظهرانيهم ثم يبعثون على أعمالهم يوم القيامة» [٦٦].

(١) سورة يونس: ٢٣.
(٢) سورة الفتح: ١٠.
(٣) تفسير القرطبي: ١٤/ ٣٦٠، اختلاف في الحديث.

صفحة رقم 116

وقال قتادة في هذه الآية: قد فعل الله ذلك في زمن نوح فأهلك الله ما على ظهر الأرض من دابة إلّا ما حمل في سفينة نوح، وقال ابن مسعود: كاد الجعل يعذب في جحره بذنب ابن آدم ثم قرأ هذه الآية، وقال أنس: إنّ الضب ليموت هزلا في جحره بذنب ابن آدم، وقال يحيى ابن أبي كثير: أمر رجل بمعروف ونهى عن منكر، فقال له رجل: عليك نفسك فإنّ الظالم لا يضر إلّا نفسه. فقال أبو هريرة: كذبت والذي نفسي بيده، إنّ الحباري لتموت هزلا في وكرها بظلم الظالم.
وقال أبو حمزة الثمالي في هذه الآية: يحبس المطر فيهلك كل شيء.
وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً.

صفحة رقم 117

سورة يس
مكيّة، وهي ثلاثة آلاف حرف وسبعمائة وتسع وعشرون كلمة وثلاث وثمانون آية في فضلها:
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد الناقد قال: أخبرني أبو العباس محمد بن إسحاق السراج قال: حدّثنا حميد بن عبد الرّحمن عن الحسين بن صالح عن هارون أبي محمد عن مقاتل بن حيان عن قتادة عن أنس: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «لكل شيء قلب وإنّ قلب القرآن (يس) ومن قرأ (يس) كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات» [٦٧] «١».
وأخبرني محمد بن الحسين بن محمد قال: حدّثنا محمد بن محمد بن يعقوب قال: حدّثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن مسلم الملطي بمصر قال: حدّثنا إسماعيل بن محمود النيسابوري قال: حدّثنا أحمد بن عمران الرازي عن محمد بن عمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنّ في القرآن لسورة تشفع لقرائها ويغفر لمستمعها، ألا وهي سورة يس» [٦٨] «٢».
وأخبرنا أبو الحسن عبد الرّحمن بن محمد بن إبراهيم الطبراني بها قال: حدّثنا العباس بن محمد بن قوهيار قال: حدّثنا الفضل بن حماد وأخبرنا أحمد بن أبي الفراتي قال: أخبرنا أبو نصر السرخسي قال: حدّثنا محمد بن أيوب قالا: حدّثنا إسماعيل بن أبي أوس عن محمد بن عبد الرّحمن بن أبي بكر الجدعاني عن سليمان بن مرقاع عن هلال بن الصلت أنّ أبا بكر قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «يس تدعى المعمة». قيل: يا رسول الله وما المعمة؟ قال: «تعم صاحبها:
خير الدنيا وتدفع عنه أهاويل الآخرة، وتدعى الدافعة والقاضية»
قيل: يا رسول الله وكيف ذلك؟
قال: «تدفع عنه كل سوء وتقضي له كل حاجة، ومن قرأها عدلت له عشرون حجة، ومن سمعها كان له ألف دينار في سبيل الله، ومن كتبها وشربها أدخلت [جوفه] «٣» ألف دواء وألف

(١) سنن الدارمي: ٢/ ٤٥٦ بتفاوت.
(٢) تفسير القرطبي: ١٥/ ١. [.....]
(٣) في المخطوط: جوفها.

صفحة رقم 118

يقين وألف زلفى وألف رحمة، ونزع عنه كل داء وغل» [٦٩] «١».
وأخبرنا أبو الحسن بن أبي إسحاق المزكي قال: حدّثنا أبو الأحرز محمد بن عمر بن جميل قال: حدّثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم- وهو أبو بسطام البغدادي- قال: حدّثنا إسماعيل ابن إبراهيم قال: حدّثنا يوسف بن عطية عن هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من قرأ (يس) يريد بها الله عز وجل غفر الله له وأعطي من الأجر كأنما قرأ القرآن اثنتي عشرة «٢» مرة، وأيما مريض قرئت عنده سورة (يس) نزل عليه بعدد كل حرف عشرة أملاك يقومون بين يديه صفوفا فيصلون ويستغفرون له ويشهدون قبضه وغسله ويتبعون جنازته ويصلون عليه ويشهدون دفنه، وأيما مريض قرأ سورة يس وهو في سكرات الموت لم يقبض ملك الموت روحه حتى يجيئه رضوان خازن الجنان بشربة من الجنة فيشربها وهو على فراشه فيموت وهو ريان ويبعث وهو ريان ويحاسب وهو ريان ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء حتى يدخل الجنة وهو ريان» [٧٠] «٣».
وحدّثنا أبو الفضل علي بن محمّد بن أحمد بن علي الشارعي الخوارزمي إملاء قال: حدّثنا أبو سهل بن زياد القطان قال: حدّثنا ابن مكرم قال: حدّثنا مصعب بن المقدّم قال: حدّثنا أبو المقدام هشام عن الحسن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة (يس) في ليلة أصبح مغفورا له» [٧١] «٤».
وأخبرني الحسين بن محمد الثقفي قال: حدّثنا الفضل بن الفضل الكندي قال: حدّثنا حمزة بن الحسين بن عمر البغدادي قال: حدّثنا محمد بن أحمد الرياحي قال: حدّثنا أبي قال:
حدّثنا أيوب بن مدرك عن أبي عبيدة عن الحسن عن أنس بن مالك عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «من دخل المقابر فقرأ سورة (يس) خفف عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات» [٧٢] «٥».
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن شنبه قال: حدّثنا علي بن ماهان عن علي بن محمد الطنافسي قال: حدّثنا عبد الرّحمن المحاربي قال: حدّثنا عامر بن يساف اليمامي عن يحيى بن كثير قال: بلغنا أنه من قرأ (يس) حين يصبح لم يزل في فرح حتى يمسي، ومن قرأها حين يمسي لم يزل في فرح حتى يصبح، وقد حدّثني من جربها.

(١) تفسير القرطبي: ١٥/ ١.
(٢) في المخطوط: اثني عشر.
(٣) تفسير مجمع البيان: ٨/ ٢٥٤ بتفاوت.
(٤) الجامع الصغير: ٢/ ٦٣٣ ح ٨٩٣٤.
(٥) تفسير مجمع البيان: ٨/ ٢٥٤.

صفحة رقم 119
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية