آيات من القرآن الكريم

هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ۖ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا ۖ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا
ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ

والمعنى عمرتهم هذا العمر فلم تتعظوا ولم تعملوا ولم تؤمنوا.
ثم قال: ﴿فَذُوقُواْ﴾ أي: عذاب جهنّم.
﴿فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ﴾ أي: ما لهم من ينصرهم من عذاب الله فيستنقذهم منه.
قوله تعالى ذكره: ﴿إِنَّ الله عَالِمُ غَيْبِ السماوات﴾ إلى قوله: ﴿لِسُنَّتِ الله تَحْوِيلاً﴾.
أي: يعلم ما يخفى جميع الخلق وما يسرّون، وما لم يخفوه.
﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور﴾ أي: ما تخفون في أنفسكم.
ثم قال: ﴿هُوَ الذي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأرض﴾ أي: استخفلكم في الأرض بعد الأمم الماضية.
قال قتادة: أمة بعد أمة وقرناً بعد قرن.
وفيه معنى التنبيه والتخويف أن يصيبهم مثل ما أصاب الأمم قبلهم.
ثم قال تعالى: ﴿فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ﴾ أي: على نفسه ضرر كفره راجع، مثل: ﴿وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا﴾ [فصلت: ٤٦]. وقيل: معناه: فعليه جزاء كفره.
ثم قال تعالى: ﴿وَلاَ يَزِيدُ الكافرين كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً﴾ أي: بعداً من الله ورحمته.
﴿وَلاَ يَزِيدُ الكافرين كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً﴾ أي: هلاكاً.
والمقت/ عن أهل اللغة أشد البغض.

صفحة رقم 5988

ثم قال تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ﴾ أي: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: أخبروني عن شركائكم الذين تدعون من دون الله، ﴿مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الأرض﴾، أي: هل خلقوا شيئاً، ﴿أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السماوات﴾ - إن لم يكونوا خلقو في الأرض شيئاً - أم أعطاكم الله كتابً أن تشركوا بها، وتعبدونها من دون الله، فأنتم على حجج من عبادتكم لها إن كان معكم شيء من ذلك، فهل عبدتموها لأمر من هذه الأمور: فيقوم لكم بذلك عذر، أم عدبتموها لا لمعنى، فتظهر لكم خطايكم. وكذلك فعلوا، ألا ترى أنهم لم يجدوا حجة من عبادتهم لها إلا أن ﴿قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ﴾ [الأنبياء: ٥٣].
ومعنى " أرأيتم " عند سبيويه: أخبروني عن كذا، على (معنى) التوقيف، وأجاز سيبويه: " قد عَلِمْتُ زَيْدٌ أبو مَنْ هُوَ " بالرفع لأن زيداً في المعنى مستقفهم عنه، ولو جعلت موضع علمت أرأيت، لم يجز الرفع لأنه بمعنى أخبرني عن زيد، فلا يصلح أن يعلق، إذْ خرج عن حد ما يدخل على الابتداء والخبر، وحسن تعليق علمت لأنها داخلة على الابتداء والخبر.
ثم قال: ﴿بَلْ إِن يَعِدُ الظالمون بَعْضُهُم بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً﴾ أي: ليس لآلهتهم شيء من هذه الخِلال، ، فقولهم: ما نعبد آلهتنا إلا لتقربنا إلى الله زلفى خداع من بعضهم لبعض، وحس إضافة الشركاء إليهم لأنهم هم اختلقوها وجعلوها شِرْكاً لله.
و" بَيّنَت " في الحظ بالتاء، وذلك يدل على أنه جمع لأنه لو كان واحداً لم يكتب

صفحة رقم 5989

بالتاء لأنه مُنَوَّنٌ، وإنَّ ما وقع بالتاء من هذا النوع ما كان غير منونٍ نحو " رَحْمَتِ رَبّي ". و [...] الله وشبه ذلك.
وأيضاً فإن كثيراً من المصاحف كتبت " بيِّنَاتِ " فيه بألف قبل التاء فمن قرأ بالتوحيد فلا يخلو من أن يكون خالف الخط، ومخالفته لا يتجوز، أو تكون قراءة على لغة الذين قالوا في طلحة: طلحت فوقفوا بالتاء، هي لغة شاذة.
ثم قال: ﴿إِنَّ الله يُمْسِكُ السماوات والأرض أَن تَزُولاَ﴾ أي: لئلا تزولا عن مكانهما.
﴿وَلَئِن زَالَتَآ﴾ قال الفراء: " لئن " بمعنى لو.
والمعنى: ولو زالتا. وحسن ذلك عنده لأن: (لئن ولو) تجابان بجواب واحد فشبيهتان في المعنى.
قال قتادة: " أن تزولا ": أي من مكانهما.
وروي أن رجلاً جاء إلى عبد الله، فقال له: من أين جئت؟ فقال من الشام، فقال: مَنْ لَقِيتَ؟ قال: لقيت كعباً، قال: ما حدثك كعب؟ قال: حدثني أن السماوات تدور على منكب ملك، قال: فصدقته أو كذبته؟ قال: ما صدقته ولا كذبته، قال: لوددت أنك افتديت من رحلتك إليه براحلتك ورحلها، كذب كعب، إن الله يقول:

صفحة رقم 5990

﴿إِنَّ الله يُمْسِكُ السماوات﴾ الآية.
وروي عنه أن الرجل قال له: قال كعب: إن السماء في قطب كقطب الرحى، [والقطب عمود]، والعمود على منكب ملك.
وقيل: إن المعنى أن النصارى لما قالت: إن المسيح ابن الله، وقالت اليهود عزي ابن الله كادت السماوات أن تنفطر، وكادت الجبال أن تزول، وكادت الأرض أن تنشق، فأمسك الله جل ذكره ذلك حِلْماً منه وأنَاةً وتفضلاً، وهو قوله تعالى: ﴿تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأرض وَتَخِرُّ الجبال هَدّاً * أَن دَعَوْا للرحمن وَلَداً﴾ [مريم: ٩٠ - ٩١].
وقوله جل ذكره: ﴿وَلَئِن زَالَتَآ﴾ يعني به يوم القيامة لأنها تزول فيه. س
وقيل: إن المعنى: لو وقع هذا، على ما ذكرنا عن الفراء.
ثم قال: ﴿إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً﴾ أي: حليماً عن مَنْ عصاه أن يعالجه بالعقوبة، فإمساكه السماوات والأرض والجبال عند قولهم ذلك، وإضافتهم الولد إليه مِن حلمه، غفوراً لمن تاب من كفره.
ثم قال تعالى: ﴿وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ أي: أقسم هؤلاء المشركون أشد

صفحة رقم 5991

الإيمان وأبلغها.
﴿لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ﴾ ينذرهم بأس الله ﴿لَّيَكُونُنَّ أهدى مِنْ إِحْدَى الأمم﴾ أي: ليكونن أسلك لطريق الحق واتباع الرسول من إحدى الأمم الماضية، فلما جاءهم نذير وهو محمد ﷺ ازدادوا في كفرهم وغيهم ونفروا عن الأيمان أكثر مما كانوا قبل أن يأتيهم، استكباراً منهم في الأرض وأنفة أن يُقِرُّوا بنبوة محمد ﷺ.
ثم قال تعالى: ﴿وَمَكْرَ السيىء﴾ أي: وخدعة سيئة، وذلك أنهم صدوا الضعفاء عن اتباعه مع كفرهم به.
قال قتادة: " ومكر السيء " هو الشرك.
وأصل المكر السيء في اللغة الكذب/ والخديعة بالباطل. وقوله " جهد " نصبه على المصدر، أي: جهدوا في مبالغة الإيمان جهداً. " واستكباراً " ومكراً " انتصبا على أنهما مفعولان من أجلهما، أي فعلوا ذلك لهذا أي للاستكبار والمكر.
وأكثر النحويين على رد قراءة حمزة بإسكان همزة " السَّيِّءْ في الوصل ".
وقال قوم: هو جائز في كلام العرب سائغ، وإنما فعل ذلك في الوقف، فوصل على نبية الوقف كما أثبت هاء السكت وألف " أنا " في الوصل من أثبتهما على نية الوقف.

صفحة رقم 5992
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية