
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَالله خَلقكُم من تُرَاب﴾ يَعْنِي خلق آدم من تُرَاب ﴿ثمَّ من نُطْفَة﴾ يَعْنِي ذُريَّته (ثمَّ ذكرانا وأناثا) (الشورى الْآيَة ٥٠)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿وَمَا يعمر من معمر﴾ الْآيَة
يَقُول: لَيْسَ أحد قضيت لَهُ طول الْعُمر والحياة إِلَّا وَهُوَ بَالغ مَا قدرت لَهُ من الْعُمر وَقد قضيت لَهُ ذَلِك فَإِنَّمَا يَنْتَهِي لَهُ الْكتاب الَّذِي قدرت لَهُ لَا يُزَاد عَلَيْهِ وَلَيْسَ أحد قضيت لَهُ أَنه قصير الْعُمر والحياة ببالغ الْعُمر وَلَكِن يَنْتَهِي إِلَى الْكتاب الَّذِي كتب لَهُ
فَذَلِك قَوْله ﴿وَلَا ينقص من عمره إِلَّا فِي كتاب﴾ يَقُول: كل ذَلِك فِي كتاب عِنْده
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره﴾ يَقُول: لم يخلق النَّاس كلهم على عمر وَاحِد
لهَذَا عمر وَلِهَذَا عمر هُوَ أنقص من عمره كل ذَلِك مَكْتُوب لصَاحبه بَالغ مَا بلغ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره﴾ قَالَ: مَا من يَوْم يعمر فِي الدُّنْيَا إِلَّا ينقص من أَجله
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله ﴿وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره﴾ قَالَ: لَيْسَ يَوْم يسلبه من عمره إِلَّا فِي كتاب كل يَوْم فِي نُقْصَان
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن

سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره﴾ إِلَّا فِي كتاب قَالَ: مَكْتُوب فِي أوّل الصَّحِيفَة عمره كَذَا وَكَذَا ثمَّ يكْتب فِي أَسْفَل ذَلِك ذهب يَوْم ذهب يَوْمَانِ حَتَّى يَأْتِي على آخر عمره
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حسان بن عَطِيَّة فِي قَوْله ﴿وَلَا ينقص من عمره﴾ قَالَ: كل مَا ذهب من يَوْم وَلَيْلَة فَهُوَ نُقْصَان من عمره
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَمَا يعمر من معمر﴾ إِلَّا كتب الله لَهُ أَجله فِي بطن أمه ﴿وَلَا ينقص من عمره﴾ يَوْم تضعه أمه بَالغا مَا بلغ يَقُول: لم يخلق النَّاس كلهم على عمر وَاحِد
لذا عمر وَلذَا عمر هُوَ أنقص من عمر هَذَا وكل ذَلِك مَكْتُوب لصَاحبه بَالغا مَا بلغ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: أَلا ترى النَّاس يعِيش الإِنسان مائَة سنة
وَآخر يَمُوت حِين يُولد فَهُوَ هَذَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: لَيْسَ من مَخْلُوق إِلَّا كتب الله لَهُ عمره جملَة فَكل يَوْم يمر بِهِ أَو لَيْلَة يكْتب: نقص من عمر فلَان كَذَا وَكَذَا
حَتَّى يستكمل بِالنُّقْصَانِ عدَّة مَا كَانَ لَهُ من أجل مَكْتُوب فعمره جَمِيعًا فِي كتاب ونقصانه فِي كتاب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء بن أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي فِي الْآيَة قَالَ: لَا يذهب من عمر إِنْسَان يَوْم وَلَا شهر وَلَا سَاعَة إِلَّا ذَلِك مَكْتُوب مَحْفُوظ مَعْلُوم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أما الْعُمر فَمن بلغ سِتِّينَ سنة
وَأما الَّذِي ينقص من عمره فَالَّذِي يَمُوت قبل أَن يبلغ سِتِّينَ سنة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَمَا يعمر من معمر﴾ قَالَ: فِي بطن أمه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وَلَا ينقص من عمره﴾ قَالَ: مَا لفظت الْأَرْحَام من الْأَوْلَاد من غير تَمام
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن حُذَيْفَة بن أسيد الْغِفَارِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يدْخل الْملك على النُّطْفَة بَعْدَمَا تَسْتَقِر فِي الرَّحِم بِأَرْبَعِينَ أَو بِخَمْسَة وَأَرْبَعين

لَيْلَة فَيَقُول: أَي رب أشقي أم سعيد أذكر أم أُنْثَى فَيَقُول الله
ويكتبان ثمَّ يكْتب عمله ورزقه وأجله وأثره ومصيبته ثمَّ تنطوي الصَّحِيفَة فَلَا يُزَاد فِيهَا وَلَا ينقص مِنْهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَت أم حَبِيبَة: اللَّهُمَّ أمتعني بزوجي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبأبي أبي سُفْيَان وبأخي مُعَاوِيَة
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَإنَّك سَأَلت الله لآجال مَضْرُوبَة وَأَيَّام مَعْدُودَة وأرزاق مقسومة وَلنْ يعجل شَيْئا قبل حلّه أَو يُؤَخر شَيْئا عَن حلّه وَلَو كنت سَأَلت الله أَن يعيذك من عَذَاب النَّار أَو عَذَاب الْقَبْر كَانَ خيرا وَأفضل
وَأخرج الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل اخوان ملكان على مدينتين وَكَانَ أَحدهمَا باراً برحمه عادلاً على رَعيته
وَكَانَ الآخر عاقاً برحمه جائراً على رَعيته
وَكَانَ فِي عصرهما نَبِي فَأوحى الله إِلَى ذَلِك النَّبِي أَنه قد بَقِي من عمر هَذَا الْبَار ثَلَاث سِنِين وَبَقِي من عمر هَذَا الْعَاق ثَلَاثُونَ سنة فَأخْبر النَّبِي رعية هَذَا ورعية هَذَا فأحزن ذَلِك رعية الْعَادِل وأفرح ذَلِك رعية الجائر ففرقوا بَين الْأُمَّهَات والأطفال وَتركُوا الطَّعَام وَالشرَاب وَخَرجُوا إِلَى الصَّحرَاء يدعونَ الله تَعَالَى أَن يمتعهم بالعادل ويزيل عَنْهُم الجائر فأقاموا ثَلَاثًا فَأوحى الله إِلَى ذَلِك النَّبِي: أَن أخبر عبَادي أَنِّي قد رحمتهم وأجبت دعاءهم فَجعلت مَا بَقِي من عمر هَذَا الْبَار لذَلِك الجائر وَمَا بَقِي من عمر الجائر لهَذَا الْبَار فَرَجَعُوا إِلَى بُيُوتهم وَمَات الْعَاق لتَمام ثَلَاث سِنِين وَبَقِي الْعَادِل فيهم ثَلَاثِينَ سنة
ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره إِلَّا فِي كتاب إِن ذَلِك على الله يسير
الْآيَات ١٢ - ١٣