الخير بما علمتم، أوكونوا حكماء علماء عاملين بما علمتم.
فإن الحكيم في الحقيقة من عمل بما علم، وكان محكماً لعمله
إحكامه لعلمه.
وإذا قرئ (بِمَا كُنْتُمْ تَعَلَمُونَ) فمعناه كونوا
عاملين بما تعلِّمون غيركم إشارة إلى فحوى قوله:
(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ).
قوله عز وجل: (وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (٨٠)
(وَلَا يَأْمُرَكُمْ) قرئ مرفوعاً على الاستئناف، ومنصوبا على رده إلى قوله: (أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ).
وفي قراءة عبد الله: "ولن يأمركم".
وقوله: (بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
أي بعد أن كنتم على دين إبراهيم، أو بعد أن تبعتم النبي فيما
دعاكم إليه، وهذا كلام يقتضي قياسا بيانه: النبي لا يأمر المسلمين
بالكفر، وهذه مقدمة دل عليها قوله: (أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ).
لأن هذا الإنكار يقتضي أبلغ نفي والأمر باتخاذ النبيين والملائكة
أربابا أمرٌ با لكفر، فإذن لا يكون ذلك من الأنبياء.