آيات من القرآن الكريم

وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ۗ أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ

يُذكر عند قوله: ﴿وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ﴾ [الأنعام: ١٠٥].
٨٠ - قوله تعالى: ﴿وَلَا يَأْمُرَكُمْ﴾. الآية. أكثر القراء على رفع ﴿ولا يأمُرُكُم﴾ (١).
قال سيبويه (٢): ﴿وَلَا يَأَمُرُكم﴾: منقطعة مما قبلها؛ لأن المعنى: ولا (٣) يأمُرُكم الله.
وقال ابن جريج (٤)، وجماعة (٥): ولا يأمُرُكم محمدٌ. ومما يدل على الانقطاع من الأول: ما روي عن ابن مسعود، أنه قرأ: (ولن يأمُرَكم) (٦).
قال الفراء (٧): فهذا دليل على انقطاعها من النَّسَقِ، وأنها مستأنفة؛ فلما وقعت (لا) موقع (لن) رفعت، كما قال: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا

(١) القراءة برفع الراء، هي لابن كثير، ونافع، وأبي عمرو، والكسائي، وأبي جعفر، وعاصم برواية الأعشى والبرجمي عن أبي بكر. وكان أبو عمرو يختلس حركة الراء تخفيفًا. والقراءة بالفتح، لعاصم برواية حفص وحماد ويحيى عن أبي بكر، وهي كذلك قراءة ابن عامر، وحمزة، ويعقوب، وخلف. انظر: "السبعة" ٢١٣، "المبسوط" لابن مهران: ١٤٥ - ١٤٦، "حجة القراءات" ١٦٨، "الإقناع" ٦٢١، "إتحاف فضلاء البشر" (١٧٧).
(٢) في "الكتاب" ٣/ ٥٢.
(٣) من قوله: (ولا..) إلى (.. ابن جريج وجماعة): ساقط من: (ج).
(٤) قوله في "تفسير الطبري" ٣/ ٣٢٩.
(٥) لم أقف على المراد بهم. وقد وردت هذه العبارة بنصها في "تفسير الثعلبي" ٣/ ٦٦ أ. قال: (وقال ابن جريج وجماعة).
(٦) ذكر هذه القراءة: الطبري في "تفسيره" ٣/ ٣٢٩، والفارسي في "الحجة" ٣/ ٥٨، والثعلبي في "تفسيره" ٣/ ٦٦ أ. وقال الطبري: عن سند هذه القراءة: (فذلك خبر غير صحيح سنده). "تفسيره" ٣/ ٣٢٩.
(٧) في "معاني القرآن" له: ١/ ٢٢٥. نقله عنه بنصه.

صفحة رقم 386

وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} [البقرة: ١١٩]، وفي قراءة عبد الله: (ولن تُسأَلَ) (١).
ومَن نَصَبَ ﴿وَلَا يَأْمُرَكُمْ﴾ كان (٢) وجهه ما قال سيبويه: إن المعنى: وما كان لِبَشَرٍ أن يأمرَكم أن تتخذوا الملائكة. فيكون نصبًا بالنَّسَقِ على قوله: ﴿أَنْ يُؤْتِيَهُ﴾. ويقوي هذا الوجه ما ذكرنا: أن اليهود قالت للنبي - ﷺ -: أتريد يا محمدُ أن نتخذك ربًّا؟! فقال الله سبحانه: ما كان لِبَشَرٍ أن يأمر بذلك (٣).
قال الزجاج (٤): معنى الآية (٥): ولا يأمركم أن تعبدوا الملائكة والنبيين؛ لأن الذي قالوا: إن عيسى إلهٌ، عبدوهُ واتخذوهُ ربًّا. وقال قوم من الكفار: إن الملائكة أربابُنا (٦)؛ يقال (٧): إنهم الصابئون (٨).

(١) انظر هذه القراءة في "تفسير الطبري" ١/ ٥١٦، "المحرر الوجيز" ١/ ٤٦٩.
(٢) من قوله: (كان..) على (.. لبشر أن يأمركم): ساقط من: (ج).
(٣) سبق تخريج هذا الأثر في التعليق على تفسير آية ٧٩ من هذه السورة.
(٤) في "معاني القرآن" له: ١/ ٤٣٦، نقل عنه بنصه.
(٥) في "معاني القرآن": أي.
(٦) في (ج): (أربابا).
(٧) في "المعاني": (ويقال).
(٨) (الصابئ) هو الذي خرج من دينه ودخل في دين آخر. ولذا سَمَّ كفارُ قريش النبيَ - ﷺ - وصحابته بذلك -بزعمهم- لأنهم تركوا دينهم ودخلوا في دين آخر. و (الصابئة) هنا لفظة قديمة من لغة عرب ما بين النهرين من العراق، وهو دين قديم ظهر في بلاد الكلدانيين في العراق، واشتهر في (حرّان) من بلاد الجزيرة الفراتية، ويُسَمَّون لذلك بـ (الحرْنانِيّة) على غير قياس. ودينهم من أقدم الأديان، ولما بعث الله إبراهيم عليه السلام كان الناس على دين الصابئة. وقد ترك هؤلاء دين التوحيد وعبدوا النجوم والكواكب وعظموها، مدعين أن البشر عاجزون عن الوصول إلى جلال الخالق =

صفحة رقم 387
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية