آيات من القرآن الكريم

يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ

التلاعب بالدين
لقد أدى بزوغ فجر الإسلام إلى حدوث تشنجات ومواقف تعصبية من أهل الكتاب، ومحاولات إضلال المسلمين، ومعارضتهم آيات الله في التوراة والإنجيل، وترك العمل بمقتضاها، وخلط الحق بالباطل، والإيمان ببعض الكتاب أو القرآن والكفر ببعضه الآخر، وخلط كلام الله بكلام البشر المخترع الباطل، وكتمان الحق الصريح الواضح، وهو البشارة بالنبي محمد صلّى الله عليه وسلّم التي هي في الكتب السابقة.
سجّل القرآن الكريم هذه المواقف لأهل الكتاب،
وروي أن معاذ بن جبل وحذيفة بن اليمان، وعمار بن ياسر، دعاهم اليهود إلى دينهم، وترك دين الإسلام، فنزلت الآية التالية:
[سورة آل عمران (٣) : آية ٦٩]
وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٦٩)
[آل عمران: ٣/ ٦٩].
وهذا دليل على حبهم العميق فتنة المسلمين وإضلالهم.
ثم وبخهم الله تعالى على لسان نبيه صلّى الله عليه وسلّم قائلا لهم: لأي سبب تكفرون بآيات الله التي هي آيات القرآن، وأنتم تشهدون أن أمر محمد وصفته آيتان في كتابكم؟ قال تعالى:
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٧٠ الى ٧١]
يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٧٠) يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٧١)
«١» أي أنكم تعلمون شأن محمد صلّى الله عليه وسلّم، وتقفون معه موقف العناد الظاهر.
ثم أخبر الله تعالى عن موقف متعصب آخر لليهود، وهو أن طائفة من أحبارهم من يهود خيبر أرادوا خديعة المسلمين، فقال الله تعالى:
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٧٢ الى ٧٤]
وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٧٢) وَلا تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٧٣) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٧٤)
«٢» »

(١) تخلطون.
(٢) أي أول النهار.
(٣) وهذا اعتراض بين أجزاء كلام اليهود، وهو من كلام الله وقوله لنبيه.

صفحة رقم 202

[آل عمران: ٣/ ٧٢- ٧٤].
والمعنى: قالت جماعة من أهل الكتاب لأتباعهم: آمنوا بمحمد أول النهار، واكفروا آخره، فإن سئلتم عن السبب، قولوا: آمنا، حتى إذا رجعنا إلى التوراة والإنجيل، عرفنا أنه ليس النبي المبشر به في التوراة، فلعل ذلك يكون مدعاة لرجوع من آمن بمحمد عن دينه، وقالوا لأتباعهم أيضا: ولا تطمئنوا أو تظهروا سركم وما عندكم إلا لمن تبع دينكم، ولا تظهروا ما بأيديكم إلى المسلمين، فيؤمنوا به ويحتجوا به عليكم، فلا تظهروا ما عندكم للمسلمين حتى يتعلموه منكم، أو يتخذوه حجة عليكم بما في أيديكم، فتتغلب حجتهم عليكم في الدنيا والآخرة، فرد الله عليهم بأن الله هو الذي يهدي قلوب المؤمنين إلى أتم الإيمان، بما ينزل على رسوله من الآيات البينات، أي ليس إظهاركم للحق أو إخفاؤكم، له دخل في الهداية، بل الهداية من الله وتوفيقه، والفضل بيد الله، يؤتيه من يشاء، ويختص برحمته من يشاء، كإعطاء النبوة لمحمد، والله دائما ذو الفضل العظيم.
وهذا تكذيب لليهود في قولهم: نبوة موسى مؤبدة، ولن يؤتي الله أحدا مثل ما آتى بني إسرائيل من النبوة والشرف. إن النبوة اصطفاء واختيار من الله، لا من أجل مصلحة أحد، وإنما للمصلحة العامة.
الأمانة والأيمان عند اليهود
لقد أنصف القرآن الكريم اليهود، فأخبر أنهم قسمان في الأمانة وحلف الأيمان، فمنهم من يتصف بالأمانة التامة، ومنهم من يتصف بالخيانة وعدم الوفاء بالعهد

صفحة رقم 203
التفسير الوسيط
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر - دمشق
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية