
يُثْنِي عليهم (١).
٥٨ - قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ﴾ ﴿ذَلِكَ﴾: إشارة إلى ما تقدَّم من النبأ عن (٢) عيسى ومريم والحواريِّين.
وقوله تعالى: ﴿نَتْلُوهُ عَلَيْكَ﴾. قال ابن عباس (٣): يريد: نخبرك به. جَعَلَ إخبارَه به (٤)، وإظهارَهُ له (٥): تِلاوَةً، لأن التلاوة: إظهار وإخبار (٦).
(٢) في (د): من.
(٣) لم أقف على مصدر قوله.
(٤) (به): ساقطة من (د).
(٥) (له): ساقطة من: (ج).
(٦) وإخبار: ساقطة من (د). قال ابن فارس: (التاء، واللام، والواو، أصل واحد،=

ويجوز أيضًا أن تكون (١) التلاوة (٢) لجبريل عليه السلام، والله تعالى يضيفها إلى نفسه (٣)؛ لأن تلاوة جبريل بأمر الله [تعالى] (٤).
ومثله: ﴿نَحْنُ (٥) نَقُصُّ عَلَيْكَ﴾ (٦)، وأمثاله كثيرة. ومعنى ﴿مِنَ الْآيَاتِ﴾: أي (٧): من العلامات الدالة على تثبيت رسالتك (٨)؛ لأنها أخبار لا يعلمها إلا قارئ كتاب أو من يوحى إليه، وقد علموا أنك أمِّيٌّ لا تقرأ.
وقوله تعالى: ﴿وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ﴾. يعني: القرآن. ولـ ﴿الْحَكِيمِ﴾ (٩) ههنا
(١) في (ب): (يكون).
(٢) (التلاوة): ساقطة من: (ب).
(٣) (إلى نفسه): ساقطة من: (ب).
(٤) ما بين المعقوفين زيادة من (د).
(٥) (نحن): ساقطة من: (ج).
(٦) مقطع من آية ٣ في سورة يوسف، وأية ١٣ من الكهف. وسياقها في سورة يوسف: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾.
(٧) من قوله: (أي..) إلى (.. لا تقرأ): نقله بتصرف واختصار عن "معاني القرآن" للزجاج: ١/ ٤٢١.
(٨) انظر هذا المعنى لـ ﴿الْآيَاتِ﴾، في "الصحاح" ٦/ ٢٢٧٥ (أيا)، "اللسان" ١/ ١٨٢ (أيا).
(٩) في (ج): (والحكيم).

معنيان:
أحدهما: أنه بمعنى: الحاكم، مثل: القدير، والعليم، ومعناه: ذو الحِكْمَةِ (١) في تأليفه ونظمه، وإبانة (٢) الفوائد فيه. [والحِكْمَة: أصله في اللغة: المنع عن الفساد. والقرآنُ حاكمٌ، على معنى: أنه بما فيه] (٣) من العِبَرِ والدِّلالات، مانع عن الكفر والفساد. وهذا كما وُصِفت الدِّلالةُ بأنَّها الدليلُ؛ لأنها بمنزلة الناطق بما فيها من البيان. وهذا الوجه، اختيار الزجَّاج (٤).
الثاني: أنَّه بمعنى: المُحكَم، (فَعِيل) بمعنى: (مُفعَل).
قال الأزهري (٥): وهو سائغ (٦) في اللغة؛ لأن (حَكَمتُ) يجري مجرى (أَحْكَمت) في المعنى، فَرُدَّ إلى الأصل.
ومعنى (المُحْكَم) في القرآن: أنه أُحكِم بالأمر والنهي، وبيان الحلال والحرام. قال الله تعالى: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ﴾ [هود: ١]. وهذا قول مقاتل (٧). قال: الحكيم: هو المُحكَمُ من الباطل. قال الليثُ (٨):
(٢) في (ج): (وآياته).
(٣) ما بين المعقوفين زيادة من (ج)، (د). قال الزجاج: (وأصل (ح، ك، م) في الكلام: المَنْعُ. وسُمِّيَ الحاكمُ حاكمًا؛ لأنه يمنع الخصمين من التظالم. و (حَكَمَة الدابَّة)، سُمِّيت (حَكَمَةً)؛ لأنها تمنعه من الجِماح. وفي كتب السلاطين القديمة: (واحكُم فلانًا عن ذلك الأمر)؛ بمعنى: امنعهُ). تفسير أسماء الله الحسنى، للزجاج: ٤٣. وانظر: "مقاييس اللغة" ٢/ ٩١ (حكم)، "الزاهر" ١/ ٢٠٧.
(٤) في "معاني القرآن" له: ١/ ٤٢١. وانظر: "معاني القرآن" للنحاس ١/ ٤١٣.
(٥) في "تهذيب اللغة"١/ ٨٨٥ (حكم)، نقله عنه بالمعنى.
(٦) في (د): (شائع).
(٧) في "تفسيره" ١/ ٢٧٩.
(٨) قوله في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٥ (حكم).