
وقال آخر:
من الذريحيات جعدا آركا... يقصر يمشى ويطول باركا «١»
كأنه قال: يقصر ماشيا فيطول باركا. فكذلك (فعل) إذا كانت فِي موضع صلة لنكرة أتبعها (فاعل) وأتبعته. تقول فِي الكلام: مررت بفتى ابن عشرين أو قد قارب ذلك، ومررت بغلام قد احتلم أو محتلمٍ قال الشاعر:
يا ليتني علقت غير خارج... قبل الصباح ذات خلقٍ بارج
أم الصبي قد حبا أو دارج «٢»
وقوله: كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ... (٤٩)
يذهب إلى الطين «٣»، وفي المائدة (فَتَنْفُخُ فِيها) «٤» ذهب إلي الهيئة، فأنث لتأنيثها، وفي إحدى القراءتين (فأنفخها) وفي قراءة عَبْد اللَّه (فأنفخها) بغير فِي، وهو مما تقوله «٥» العرب: رب ليلة قد بتّ فيها وبتّها.
أرسلت فيها قطما لكالكا يقول: أرسل فى إبله فحلا قطما، وهو الصئول الهائج. والكالك: بضم اللام: الصلب الضخم.
والذريحيات: الحمر، يقال: أحمر ذريحىّ: شديد الحمرة. وآرك: يرعى الأراك أو يلزمه. وقوله:
يقصر يمشى... أي يقصر إذا مشى لانخفاض بطنه وتقاربه من الأرض، فإذا برك رأيته طويلا لارتفاع سنامه، أي أنه عظيم البطن، فإذا قام قصر وإذا برك طال. وانظر اللسان (لكك).
(٢) «خارج» كذا بالخاء المعجمة هنا، وفى اللسان (درج). والأقرب أنه (حارج) بالحاء المهملة أي آثم. و «بارج» أي ظاهر فى حسن. وقوله: «أم الصبى» المعروف فى الرواية «أم صبى».
وعلقت: هويت وأحببت. ويقال: درج الصبى: مشى مشيا ضعيفا.
(٣) فى الطبري: «الطير» وكل صحيح.
(٤) آية ١١٠
(٥) من ذلك قول عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير:
ومن ليلة قد بتها غير آثم... بساجية الحجلين ريانة القلب
الحجل: الخلخال، والقلب: السوار. وانظر السمط ٦٩٢

ويقال فِي الفعل أيضا:
ولقد أبيت على الطوى وأظله «١»
تلقى الصفات وإن اختلفت فِي الأسماء والأفاعيل. وقال الشاعر:
إذا قَالَتْ حَذَامِ فأنصتُوها | فإنّ القول ما قَالَتْ حذام «٢» |
ما شق جيب ولا قامتك نائحة | ولا بكتك جياد عند أسلاب «٤» |
فأمّا الذين يقولون: يدّخر ويدّكر ومدّكر فإنهم وجدوا التاء إذا سكنت واستقبلتها ذال دخلت التاء فِي الذال فصارت ذالا، فكرهوا أن تصير التاء ذالا فلا يعرف الافتعال من ذلك، فنظروا إلى حرف يكون «٨» عدلا بينهما فِي المقاربة، فجعلوه مكان التاء ومكان الذال.
حتى أنال به كريم المأكل
(٢) فقوله: أنصتوها أي أنصتوا إليها. والمشهور فى الرواية: فصدّقوها.
(٣) آية ٣ سورة المطففين. [.....]
(٤) فقوله: قامتك أي قامت عليك.
(٥) قرأ بهذا الزهري ومجاهد وأيوب السختياني.
(٦) كذا، والتعاقب فيهما ليس بين الدال والذال، كما هو واضح بل بين الظاء والطاء.
(٧) أي سقطت أسنانه الرواضع.
(٨) وهو الدال، ففيها شبه بالتاء والذال.